يبدو أن مبالغة الشركات بمنطقة الشرق الأوسط في تقييماتها النقدية لقيمة أسهمها، تسبب في ضياع فرص للاستحواذ والاندماج في عام 2015، مما قلل إجمالي الصفقات في المنطقة إلى 68.12 مليار دولار منذ بداية يناير (كانون الثاني) حتى السابع من ديسمبر (كانون الأول) الحالي، مقارنة بحجم الصفقات العالمي في الفترة ذاتها الذي وصل لمستوى قياسي بلغ 4.6 تريليون دولار. وبهذا يصبح عام 2015 هو الأبطأ من حيث قيمة صفقات الاستحواذ المحلية منذ 2011، ويتجه لأن يصبح الأدنى من حيث عدد الصفقات الفعلية منذ 2007. يأتي التراجع إثر فترة نشاط عندما دفع النمو الاقتصادي، بفضل الإنفاق الحكومي السخي ونسبة الشبان المرتفعة بين السكان في الشرق الأوسط، سوق الاستثمار المباشر في المنطقة، ورفع التقييمات، ولا سيما في قطاعات المنتجات الاستهلاكية والرعاية الصحية والتعليم، لكن التقييمات التي يطلبها البائعون بعد أن غذى ذلك الازدهار توقعاتهم ما زالت تحلق في عنان السماء، رغم الظلال التي يلقيها تراجع النفط إلى أدنى مستوى في 11 عامًا على توقعات النمو بالمنطقة. وقال ريتشارد دالاس العضو المنتدب لشركة «جلف كابيتال» ومقرها أبوظبي: «لا أعتقد أن توقعات البائعين تغيرت على الإطلاق تجاوبًا مع أسعار النفط» مشيرًا إلى أنه «كما في أي سوق عقارية فإن المرحلة الأولى للتصحيح هي فترة من انعدام السيولة»، بحسب «رويترز». وأحد أسباب تردد البائعين المحتملين في تقديم تنازلات هو أن شركات كثيرة مملوكة للعائلات التي كثيرًا ما تكون مرتبطة ارتباطًا عاطفيًا بأملاكها. وفي حالات أخرى لا يرغب البائعون في الرضوخ لتغير الأوضاع الاقتصادية بعد أن وعدهم المستشارون المتنافسون بتقديم خدماتهم بتقييمات عالية. وقارن مصدر بالقطاع فجوة التقييمات بين البائعين من القطاع الخاص والأسواق العامة، في ظل تراجع معظم بورصات الأسهم الخليجية نحو 15 في المائة هذا العام. وقال مصطفى عبد الودود من مجموعة أبراج التي تركز على الأسواق الناشئة لـ«رويترز»: «إنه نقاش خاطئ أن تحاول ضبط السعر مقدمًا لينتهي بك الأمر مع الشريك الخطأ أو دون صفقة». والنتيجة أن إتمام الصفقات يستغرق وقتًا طويلاً بسبب السجال الدائر بين المشترين والبائعين للتوصل إلى سعر مقبول من الطرفين أو أنها تفشل ببساطة. وواجه العرض المشترك المقدم من «كيه كيه آر» و«فجر كابيتال» ومقرها دبي لشراء 25 في المائة في مجموعة «أزاديا» صعوبات بسبب عدم الاتفاق على التقييمات بين المشترين والمجموعة العائلية التي تملك شركة التجزئة الأوسطية. وفي حين بدأ الشرق الأوسط يستفيد من دخول شركات الاستثمار المباشر العالمية التي تستهدف الصفقات الكبيرة فإن تلك العمليات تظل نادرة. ويقل حجم معظم الصفقات عن مائتي مليون دولار وتقتصر على أطراف محلية. لكن النمو السكاني يجعل قطاعات آمنة نسبيًا مثل الأغذية والمشروبات والرعاية الصحية مغرية. وهناك عامل آخر يدعو إلى التفاؤل، ويتمثل في مناخ عدم التيقن الاقتصادي الذي حدا ببعض الشركات إلى البدء في إجراء محادثات مع المستشارين بخصوص سبل تدبير السيولة عن طريق بيع الأصول.
مشاركة :