القتل البطيء لأسرى فلسطين في سجون الاحتلال

  • 7/27/2022
  • 01:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

يعيش‭ ‬الأسرى‭ ‬الفلسطينيون‭ ‬داخل‭ ‬سجون‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬أوضاعاً‭ ‬صحية‭ ‬مزرية‭. ‬فهم‭ ‬يتعرضون‭ ‬إلى‭ ‬أساليب‭ ‬تعذيب‭ ‬جسدي‭ ‬ونفسي‭ ‬في‭ ‬نطاق‭ ‬وحشية‭ ‬ممنهجة،‭ ‬تؤذي‭ ‬وتضعف‭ ‬أجساد‭ ‬الكثيرين‭ ‬منهم،‭ ‬ومن‭ ‬هذه‭ ‬الأساليب‭: ‬الحرمان‭ ‬من‭ ‬الرعاية‭ ‬الطبية‭ ‬الحقيقية،‭ ‬والمماطلة‭ ‬المتعمدة‭ ‬في‭ ‬تقديم‭ ‬العلاج‭ ‬للأسرى‭ ‬المرضى‭ ‬والمصابين،‭ ‬والقهر‭ ‬والإذلال‭ ‬والتعذيب‭ ‬التي‭ ‬تتبعها‭ ‬طواقم‭ ‬الاعتقال‭ ‬والتحقيق‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬محاسبة‭ ‬قانونية‭.‬ مستوى‭ ‬العناية‭ ‬الصحية‭ ‬بالأسرى‭ ‬شديد‭ ‬الهبوط،‭ ‬فهو‭ ‬يكاد‭ ‬يكون‭ ‬معدوما،‭ ‬وكثيرة‭ ‬هي‭ ‬شهادات‭ ‬الأسرى‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬السياق‭. ‬وتتزايد‭ ‬حالات‭ ‬ارتقاء‭ ‬الشهداء‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬الأسرى،‭ ‬مع‭ ‬ازدياد‭ ‬عدد‭ ‬المرضى‭ ‬منهم،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬تؤكده‭ ‬تقارير‭ ‬المؤسسات‭ ‬المحلية‭ ‬والدولية‭ ‬التي‭ ‬تعنى‭ ‬بحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬وتهتم‭ ‬بشؤون‭ ‬الأسرى،‭ ‬والتي‭ ‬تجزم‭ ‬بأن‭ ‬علاج‭ ‬الأسرى‭ ‬بات‭ ‬موضوعاً‭ ‬تخضعه‭ ‬إدارات‭ ‬سجون‭ ‬الاحتلال‭ ‬للمساومة‭ ‬والإبتزاز‭ ‬والضغط‭ ‬على‭ ‬المعتقلين،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يشكل‭ ‬خرقاً‭ ‬فاضحاً‭ ‬لمواد‭ ‬اتفاقيتي‭ ‬جنيف‭ ‬الثالثة‭ ‬والرابعة‭ ‬التي‭ ‬أوجبت‭ ‬حق‭ ‬العلاج‭ ‬والرعاية‭ ‬الطبية،‭ ‬وتوفير‭ ‬الأدوية‭ ‬المناسبة‭ ‬للأسرى‭ ‬المرضى،‭ ‬وإجراء‭ ‬الفحوصات‭ ‬الطبية‭ ‬الدورية‭ ‬لهم‭.‬ وتفتقر‭ ‬العيادات‭ ‬الطبية‭ ‬في‭ ‬السجون‭ ‬والمعتقلات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬إلى‭ ‬الحد‭ ‬الأدنى‭ ‬من‭ ‬الخدمات‭ ‬الصحية،‭ ‬والمعدات‭ ‬والأدوية‭ ‬الطبية‭ ‬اللازمة‭ ‬والأطباء‭ ‬الأخصائيين‭ ‬لمعاينة‭ ‬ومعالجة‭ ‬الحالات‭ ‬المرضية‭ ‬المتعددة‭. ‬وغالبا‭ ‬ما‭ ‬تواصل‭ ‬سلطات‭ ‬الاحتلال‭ ‬مماطلتها‭ ‬بنقل‭ ‬الحالات‭ ‬المرضية‭ ‬المستعصية‭ ‬للمستشفيات؛‭ ‬والأسوأ‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬عملية‭ ‬نقل‭ ‬الأسرى‭ ‬المرضى‭ ‬والمصابين‭ ‬تتم‭ ‬بسيارة‭ ‬مغلقة‭ ‬غير‭ ‬صحية،‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬سيارات‭ ‬الإسعاف،‭ ‬وغالباً‭ ‬ما‭ ‬يتم‭ ‬تكبيل‭ ‬أيديهم‭ ‬وأرجلهم،‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬المعاملة‭ ‬الفظة‭ ‬والقاسية‭ ‬التي‭ ‬يتعرضون‭ ‬لها‭ ‬أثناء‭ ‬عملية‭ ‬النقل‭. ‬في‭ ‬هذا‭ ‬السياق‭ ‬تأكد‭ ‬أن‭ ‬عددا‭ ‬من‭ ‬الأطباء‭ ‬الذين‭ ‬يتم‭ ‬إرسالهم‭ ‬للأسرى‭ ‬لم‭ ‬يحصلوا‭ ‬على‭ ‬إذن‭ ‬المزاولة،‭ ‬حتى‭ ‬أن‭ ‬تشخيص‭ ‬الأسير‭ ‬المريض‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬وفق‭ ‬المعايير‭ ‬الطبية،‭ ‬إذ‭ ‬إن‭ ‬هناك‭ ‬كثيرا‭ ‬من‭ ‬الحالات‭ ‬التي‭ ‬عانت‭ ‬من‭ ‬أمراض‭ ‬كان‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬أمراضا‭ ‬عابرة‭ ‬تحولت‭ ‬إلى‭ ‬مرض‭ ‬عضال،‭ ‬بفعل‭ ‬الإهمال‭ ‬الطبي‮»‬‭. ‬كما‭ ‬تبين‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬يتم‭ ‬تقليص‭ ‬الموازنة‭ ‬المخصصة‭ ‬للعلاج‭ ‬بشكل‭ ‬مستمر،‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬عدد‭ ‬الأسرى‭ ‬المرضى‭ ‬في‭ ‬ازدياد‮»‬،‭ ‬رغم‭ ‬وجود‭ ‬‮«‬سلسلة‭ ‬من‭ ‬التشريعات،‭ ‬تنص‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يتعالج‭ ‬الأسير‭ ‬على‭ ‬حسابه‭ ‬الشخصي،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يظهر‭ ‬عنصرية‭ ‬الاحتلال‮»‬‭.‬ وبحسب‭ ‬وزارة‭ ‬الصحة‭ ‬الفلسطينية‭: ‬‮«‬وصل‭ ‬عدد‭ ‬الأسرى‭ ‬المرضى‭ ‬داخل‭ ‬سجون‭ ‬الاحتلال‭ ‬إلى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬500‭ ‬أسير،‭ ‬بينهم‭ ‬23‭ ‬أسيرا‭ ‬مصابا‭ ‬بالسرطان،‭ ‬و11‭ ‬أسيرا‭ ‬يعانون‭ ‬من‭ ‬أمراض‭ ‬الكلى،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬8‭ ‬أسرى‭ ‬مقعدين،‭ ‬والعشرات‭ ‬من‭ ‬الأسرى‭ ‬المصابين‭ ‬بالأمراض‭ ‬المزمنة‭ ‬والسكري‭ ‬والضغط‮»‬،‭ ‬فيما‭ ‬أكدت‭ ‬‮«‬هيئة‭ ‬شؤون‭ ‬الأسرى‭ ‬والمحررين‮»‬‭ ‬أن‭ ‬‮«‬ما‭ ‬يقارب‭ ‬50‭ ‬حالة‭ ‬صعبة‭ ‬وخطيرة‭ ‬بحاجة‭ ‬الى‭ ‬رعاية‭ ‬خاصة‭ ‬وعلاجات‭ ‬فورية،‭ ‬تحديداً‭ ‬حالات‭ ‬السرطان‭ ‬والكلى‭ ‬والمقعدين‮»‬‭. ‬ومع‭ ‬استشهاد‭ ‬الأسيرة‭ ‬سعدية‭ ‬مطر‭ (‬68‭ ‬عامًا‭) ‬وهي‭ ‬الأكبر‭ ‬سنا‭ ‬بين‭ ‬الأسيرات،‭ ‬والأم‭ ‬لثمانية‭ ‬أبناء،‭ ‬في‭ ‬سجن‭ ‬‮«‬الدامون‮»‬‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬نتيجة‭ ‬الإهمال‭ ‬الطبي،‭ ‬يرتفع‭ ‬عدد‭ ‬شهداء‭ ‬الحركة‭ ‬الأسيرة‭ ‬إلى‭ ‬229‭ ‬شهيدا‭ ‬في‭ ‬سجون‭ ‬الاحتلال‭.‬ إن‭ ‬جريمة‭ ‬القتل‭ ‬البطيء‭ ‬للأسرى‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬عبر‭ ‬الإهمال‭ ‬الطبي،‭ ‬شكلت‭ ‬السياسة‭ ‬الأبرز‭ ‬لسلطات‭ ‬السجون‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬القليلة‭ ‬الماضية‭. ‬ويبرز‭ ‬السؤال‭ ‬الأخلاقي‭ ‬والإنساني‭: ‬متى‭ ‬سيتحمل‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬والصليب‭ ‬الأحمر‭ ‬الدولي‭ ‬وجميع‭ ‬المؤسسات‭ ‬والمنظمات‭ ‬والمجالس‭ ‬الأممية‭ ‬المختصة،‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬ومجلس‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬مسؤولياتهم‭ ‬القانونية‭ ‬والأخلاقية‭ ‬تجاه‭ ‬ما‭ ‬يتعرض‭ ‬له‭ ‬الأسرى‭ ‬في‭ ‬سجون‭ ‬الاحتلال‭ ‬من‭ ‬إهمال‭ ‬طبي‭ ‬متعمد،‭ ‬وبالتالي‭ ‬اتخاذ‭ ‬ما‭ ‬يلزم‭ ‬من‭ ‬إجراءات‭ ‬لضمان‭ ‬توفير‭ ‬الحماية‭ ‬لهم‭ ‬والتعامل‭ ‬معهم‭ ‬كأسرى‭ ‬حرب‭ ‬وفقا‭ ‬لاتفاقيات‭ ‬جنيف؟‭!!‬

مشاركة :