يعيش الأسرى الفلسطينيون داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي أوضاعاً صحية مزرية. فهم يتعرضون إلى أساليب تعذيب جسدي ونفسي في نطاق وحشية ممنهجة، تؤذي وتضعف أجساد الكثيرين منهم، ومن هذه الأساليب: الحرمان من الرعاية الطبية الحقيقية، والمماطلة المتعمدة في تقديم العلاج للأسرى المرضى والمصابين، والقهر والإذلال والتعذيب التي تتبعها طواقم الاعتقال والتحقيق دون أي محاسبة قانونية. مستوى العناية الصحية بالأسرى شديد الهبوط، فهو يكاد يكون معدوما، وكثيرة هي شهادات الأسرى في هذا السياق. وتتزايد حالات ارتقاء الشهداء من بين الأسرى، مع ازدياد عدد المرضى منهم، وهو ما تؤكده تقارير المؤسسات المحلية والدولية التي تعنى بحقوق الإنسان وتهتم بشؤون الأسرى، والتي تجزم بأن علاج الأسرى بات موضوعاً تخضعه إدارات سجون الاحتلال للمساومة والإبتزاز والضغط على المعتقلين، الأمر الذي يشكل خرقاً فاضحاً لمواد اتفاقيتي جنيف الثالثة والرابعة التي أوجبت حق العلاج والرعاية الطبية، وتوفير الأدوية المناسبة للأسرى المرضى، وإجراء الفحوصات الطبية الدورية لهم. وتفتقر العيادات الطبية في السجون والمعتقلات الإسرائيلية إلى الحد الأدنى من الخدمات الصحية، والمعدات والأدوية الطبية اللازمة والأطباء الأخصائيين لمعاينة ومعالجة الحالات المرضية المتعددة. وغالبا ما تواصل سلطات الاحتلال مماطلتها بنقل الحالات المرضية المستعصية للمستشفيات؛ والأسوأ من ذلك أن عملية نقل الأسرى المرضى والمصابين تتم بسيارة مغلقة غير صحية، بدلاً من سيارات الإسعاف، وغالباً ما يتم تكبيل أيديهم وأرجلهم، ناهيك عن المعاملة الفظة والقاسية التي يتعرضون لها أثناء عملية النقل. في هذا السياق تأكد أن عددا من الأطباء الذين يتم إرسالهم للأسرى لم يحصلوا على إذن المزاولة، حتى أن تشخيص الأسير المريض لا يكون وفق المعايير الطبية، إذ إن هناك كثيرا من الحالات التي عانت من أمراض كان يمكن أن تكون أمراضا عابرة تحولت إلى مرض عضال، بفعل الإهمال الطبي». كما تبين أنه «يتم تقليص الموازنة المخصصة للعلاج بشكل مستمر، بالرغم من أن عدد الأسرى المرضى في ازدياد»، رغم وجود «سلسلة من التشريعات، تنص على أن يتعالج الأسير على حسابه الشخصي، وهذا ما يظهر عنصرية الاحتلال». وبحسب وزارة الصحة الفلسطينية: «وصل عدد الأسرى المرضى داخل سجون الاحتلال إلى أكثر من 500 أسير، بينهم 23 أسيرا مصابا بالسرطان، و11 أسيرا يعانون من أمراض الكلى، إضافة إلى 8 أسرى مقعدين، والعشرات من الأسرى المصابين بالأمراض المزمنة والسكري والضغط»، فيما أكدت «هيئة شؤون الأسرى والمحررين» أن «ما يقارب 50 حالة صعبة وخطيرة بحاجة الى رعاية خاصة وعلاجات فورية، تحديداً حالات السرطان والكلى والمقعدين». ومع استشهاد الأسيرة سعدية مطر (68 عامًا) وهي الأكبر سنا بين الأسيرات، والأم لثمانية أبناء، في سجن «الدامون» الإسرائيلي نتيجة الإهمال الطبي، يرتفع عدد شهداء الحركة الأسيرة إلى 229 شهيدا في سجون الاحتلال. إن جريمة القتل البطيء للأسرى الفلسطينيين عبر الإهمال الطبي، شكلت السياسة الأبرز لسلطات السجون الإسرائيلية خلال السنوات القليلة الماضية. ويبرز السؤال الأخلاقي والإنساني: متى سيتحمل المجتمع الدولي والصليب الأحمر الدولي وجميع المؤسسات والمنظمات والمجالس الأممية المختصة، بما فيها مجلس الأمن ومجلس حقوق الإنسان، مسؤولياتهم القانونية والأخلاقية تجاه ما يتعرض له الأسرى في سجون الاحتلال من إهمال طبي متعمد، وبالتالي اتخاذ ما يلزم من إجراءات لضمان توفير الحماية لهم والتعامل معهم كأسرى حرب وفقا لاتفاقيات جنيف؟!!
مشاركة :