في حين أظهر مؤشر شركة الأبحاث العالمية «إبسوس» محافظة السعوديين على مدار الأشهر الأربعة الماضية على صدارة أعلى شعوب العالم ثقة في التوجهات الاقتصادية لبلادهم، أكد مختصون لـ«الشرق الأوسط» أن المملكة تتبع سياسات إصلاح اقتصادية أثبتت فاعليتها ما يعكس مركزها الحالي لتنافس أفضل بلدان العالم، مبينين أن المواطن بات يتلمس نجاح الاقتصاد الوطني في امتصاص الصدمات العالمية حيث تمكنت بلاده من التصدي لها، مما يبعث الطمأنينة ويرفع الثقة أن الدولة تمضي نحو تحقيق مستهدفاتها الطموحة في المرحلة المقبلة. يأتي ذلك وسط تلقي الاقتصاد السعودي تقديرات إيجابية تتعلق بمستقبل النمو الاقتصادي في البلاد، آخرها ما أعلنه تقرير صندوق النقد، أول أمس، بتنبؤاته حول رفعه نمو الناتح المحلي السعودي للعام المقبل بنسبة 3.7 في المائة للعام المقبل، بينما حلت ثانيا عالميا بنسبة 7.6 في المائة العام الحالي. وحلت المملكة أولًا في مؤشرالثقة الذي يضم 27 دولة بنسبة ثقة لامست الـ93 في المائة وبتفوق يزيد على المعدل العالمي 32 في المائة بـ61 نقطة، فيما جاءت دول مثل الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا واليابان وكندا في النصف الثاني للمؤشر أقل من 50 في المائة بنسب متباينة. وأوضح المختصون، أن السعوديون يشاهدون تحقيق مشاريع على أرض الواقع والتغيرات التي أحدثت نقلة نوعية للبلاد، مما جعلها محطة أنظار وجذب للاستثمارات الأجنبية واستقطاب رؤوس الأموال الباحثة عن البنية التحتية المجهزة لبناء مشاريعهم وتحقيق مستهدفاتهم. وقال المحلل الاقتصادي عبد الرحمن الجبيري لـ«الشرق الأوسط» إن المؤشر يعكس جدية السعودية لتحقيق المشاريع الاقتصادية الكبرى وقوة مستوى الحوكمة والمؤسسات الحكومية، بالإضافة إلى قابليتها لتجاوز المخاطر ودعم فرص الاستقرار الاقتصادي والنمو المتسارع. وواصل المحلل الاقتصادي أن المملكة قادرة على إدارة المخاطر والتخفيف من آثارها مستمدة من قوة ميزانيتها العامة، المدعومة بمستويات دين معتدلة ومخزون احتياطي مالي ضخم، بالإضافة إلى نظام مالي مستقر منظم يعزز من متانة ملفها الائتماني السيادي. وتابع عبد الرحمن الجبيري أن المؤشر يثبت قوة ثقة المواطنين والمقيمين في المملكة على إدارة الحكومة للمشاريع الاقتصادية بقيادة الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد، الذي يسعى جاهداً لتحقيق حلم السعوديين في إحداث نقلة نوعية تجعل السعودية في مصاف دول العالم. من جانبه، أوضح الدكتور سالم باعجاجه، أستاذ الاقتصاد في جامعة جدة لـ«الشرق الأوسط» أن إطلاق المشاريع الاقتصادية الكبرى وتعديلات الأنظمة تؤكد أن المملكة تتجه لتنافس كبرى بلدان العالم، مما انعكس إيجاباً على السعوديين الذين يشعرون بالثقة أمام توجهات البلاد لتحقيق مستهدفاتها في الفترة القادمة. وبين الدكتور سالم باعجاجه، أن تصدي الحكومة السعودية لأزمة كورونا وفترة التعافي ما بعدها، بالإضافة إلى ما يحدث حالياً جراء الحرب الروسية الأوكرانية، من خلال إجراءات مكثفة لتحمل آثار تلك المخاطر وتأمين المواد الغذائية وجميع الخدمات الأخرى للمواطنين، يثبت قوة ومتانة اقتصاد البلاد، الأمر الذي شعر به السعوديون للاطمئنان على مستقبل اقتصادهم القادر على تحمل الصدمات التي أرهقت معظم دول العالم. وتتفاوت نسبة قلق شعوب العالم إزاء المشكلات الرئيسية المؤثرة على الاقتصاد كالتضخم، والفقر وعدم المساواة الاجتماعية، والبطالة، والجرائم والعنف، والاقتصاد والفساد السياسي، فيما كان السعوديون الأقل في نسبة القلق تجاه غالبية تلك المشكلات، بحسب ما أوردته نتائج مؤشر «إبسوس». وتأتي نتائج المؤشر التي تعد ثالث أكبر وكالات الأبحاث في العالم، تأكيدًا لثقة السعوديين بمشروع رؤية 2030، وما حملته من إصلاحات هيكلية في بنية الاقتصاد المحلي وسوق العمل وأنظمة الاستثمار واستحداث وسن التشريعات الداعمة لكل ذلك مدعومةً بحرب قوية ضد الفساد وتجفيف منابعه، وهو ما أدى إلى تنويع مصادر الدخل وتنمية الفرص الاستثمارية وتوفير الفرص الوظيفية للمواطنين والمواطنات، وهو ما انعكس على تعزيز مستويات جودة الحياة في البلاد والمقيمين على أراضيها والزائرين لها. ويركز مؤشر «إبسوس» على العديد من الموضوعات الاجتماعية والسياسية المهمة في 27 دولة حول العالم، حيث جاءت المملكة أولًا بنسبة 93 في المائة في ثقة السعوديين في الوضع الاقتصادي، بتفوق يزيد على 16 نقطة عن أقرب منافسيها الهند التي حلت ثانيًا من حيث الترتيب بنسبة 77 في المائة، بينما جاءت دول صناعية كبرى في النصف الأدنى من المؤشر تحت 50 في المائة، كانت اليابان الأسوأ بـ10 في المائة فقط، تلتها بريطانيا 23 في المائة ففرنسا 24 في المائة، ثم الولايات المتحدة الأميركية 28 في المائة وكندا بـ38 في المائة. وعلى الرغم من موجة التضخم القوية التي تؤثر على جميع دول العالم، فإن قلق السعوديين تجاهها كانت الأقل عالميًا بنسبة 13 في المائة فقط، بينما كان معدل القلق العالمي العام تجاه هذه المشكلة 38 في المائة.
مشاركة :