اقتحم متظاهرون عراقيون، أمس، المنطقة الخضراء والبرلمان العراقي، في بغداد، رفضاً لمحمد شياع السوداني، مرشح «الإطار التنسيقي» لرئاسة الوزراء، فيما شدد رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي على ضرورة سلمية الاحتجاجات. وعبر المتظاهرون جسر الجمهورية، وسط بغداد، فيما شددت القوات الأمنية وقوات مكافحة الشغب من إجراءاتها في محيط ساحة التحرير ومدخل المنطقة الخضراء. ورفع المتظاهرون الأعلام العراقية، مرددين شعارات تطالب بحكومة تنصف الشعب وتعبر به إلى بر الأمان. من جانبه، دعا مصطفى الكاظمي، بصفته القائد العام للقوات المسلحة، المتظاهرين إلى الالتزام بسلميتهم، والحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة، وبتعليمات القوات الأمنية المسؤولة عن حمايتهم حسب الضوابط والقوانين، والانسحاب الفوري من المنطقة الخضراء. وقال الكاظمي: «سوف تكون القوات الأمنية ملتزمة بحماية مؤسسات الدولة، والبعثات الدولية، ومنع أي إخلال بالأمن والنظام». ودخل العراق، أمس، في أطول فترة جمود بعد انتخابات إذ حال التناحر الداخلي، دون تشكيل حكومة، وهو ما يعطل إصلاحات مطلوبة، في حين تسعى البلاد للانتعاش بعد صراعات استمرت لعقود. وبعد مضي أكثر من تسعة أشهر على إجراء انتخابات في أكتوبر الماضي، لا يبدو أن المشرعين المكلفين باختيار رئيس للبلاد ورئيس للوزراء اقتربوا من الاتفاق على شيء، ليسجل العراق مدة قياسية تبلغ 290 يوماً من دون رئيس أو حكومة. وكانت أطول مدة سابقة في عام 2010 عندما مر 289 يوماً، من دون حكومة. وتواصل حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي المنتهية ولايتها تصريف الأعمال. وإذا لم تتفق الأحزاب على حكومة جديدة قد تستمر حكومة الكاظمي كحكومة انتقالية لحين إجراء انتخابات جديدة. وهذا الشلل السياسي ترك العراق من دون موازنة عامة لعام 2022، فتوقف الإنفاق على مشروعات للبنية الأساسية مطلوبة بشدة وتعطلت الإصلاحات الاقتصادية. ويقول العراقيون إن هذا الوضع يفاقم نقص الخدمات والوظائف، حتى مع تحقيق بغداد عائدات نفطية قياسية بسبب ارتفاع أسعار الخام. وتولى الكاظمي المسؤولية كمرشح توافقي إثر الاحتجاجات ووعد بمعاقبة قتلة المتظاهرين وبانتخابات مبكرة أجراها في العاشر من أكتوبر. وعادة ما يستغرق تشكيل حكومة في العراق شهوراً، ويستلزم كسب تأييد جميع الأحزاب السياسية الرئيسة. وأطال تزايد الانقسامات بين الكتل السياسية أمد عملية تشكيل الحكومة بشكل استثنائي هذه المرة. وكان زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر، الفائز بأكبر عدد من الأصوات في انتخابات أكتوبر، سحب نوابه البالغ عددهم 74 نائباً من البرلمان، الشهر الماضي، مع تفاقم الأزمة السياسية. وبهذا الانسحاب ترك الصدر عشرات من هذه المقاعد لـ«الإطار التنسيقي»، وهو ما منحه الكتلة الأكبر في البرلمان لتشكيل الحكومة، إلا أن إعلان الأخير ترشيح محمد شياع السوداني، الوزير السابق، دفع المتظاهرين للخروج في احتجاجات تطالب بحكومة تنصف الشعب. من ناحية أخرى، تحول الخلافات بين الأحزاب الكردية الرئيسة، من دون اختيار رئيس للبلاد، وهو منصب يتيح لصاحبه فور موافقة البرلمان عليه أن يعين رئيساً للوزراء. ويتولى الاتحاد الوطني الكردستاني الرئاسة منذ 2003. أما منافسه الحزب الديمقراطي الكردستاني، الذي حصل على العدد الأكبر من أصوات الأكراد بفارق كبير، فيتمسك بمرشحه للرئاسة. ولا يبدو أن أي طرف على استعداد للتزحزح عن موقفه. قال شيروان الدوبرداني، النائب عن الحزب الديمقراطي الكردستاني: «لم نتمكن من الاتفاق بعد، منصب الرئيس يجب ألا يظل في قبضة حزب واحد أبد الدهر».
مشاركة :