في ذكرى عيد مولد رسول الإسلام، التي تزامنت هذه السنة مع عيد ميلاد المسيح، عاش المغرب على وقع احتفالات دينية كبيرة لدى معتنقي الإسلام والمسيحية، الذين تفرغوا للاحتفاء بذكرى ميلاد رسولي الديانتين السماويتين كل حسب معتقده، في بلد تفصح الأرقام الرسمية عن كون غالبية مواطنيه يعتنقون الديانة الإسلامية، ويؤكد دستوره على أن الإسلام هو دينه الرسمي. بعد غروب شمس سماء الرباط بقليل، بدأت أفواج من أجانب العاصمة المغربية في الالتحاق بساحة الجولان الشهيرة، التي تتوسطها الكنيسة الكاثوليكية سان بيير، غالبيتهم من الأفارقة الجنوب صحراويين، والعشرات منهم أوربيون قاطنون بعاصمة المملكة. كانت أعمارهم متفاوته، فكان من بينهم شباب وشابات في أبهى حللهم، استغلوا فرصة ذكرى ميلاد رسول ديانتهم، لتجديد اللقاء والتقاط صور أمام باب الكنيسة، وفي باقي مساحة الساحة الشهيرة بالعاصمة، آخرون اشتعلت شعرات رؤوسهم شيبا، مرفوقين بأطفال صغار أتوا ليعيشوا أجواء الاحتفال الخاصة، في بلد يضمن لهم ممارسة شعائرهم الدينية، كما ينص على ذلك دستور المملكة. احتفالات مسيحيي المغرب، خاصة بتزامنها مع ذكرى ميلاد رسول الإسلام، جاءت هذه السنة بمخاوف أمنية حسب ما عاينته CNN بالعربية، إذ طوقت دوريات الشرطة المنطقة المجاورة للكنيسة، وحرص رجال الشرطة على التأكد من هوية الكثيرين قبل السماح لهم بالدخول، موضحين أن الهدف هو ضمان سلامة مرتادي الكنيسة في هذه الظرفية الحساسة. داخل الكنيسة، كان عدد كبير من المسيحيين المقيمين بالمغرب يعيشون أجواء روحانية تفصلهم تماما عن العالم الخارجي، وتبدو على محياهم فرحة عيد الميلاد، حاملين بين أيديهم أوراقا تتضمن الترانيم الخاصة بهذه المناسبة، يرددونها في تناغم كبير منتشين بالطقوس الخاصة التي قام بها الأب المسؤول عن كنيسة الرباط. ومن ضمن أبرز الطقوس التي عاينتها CNN بالعربية خلال احتفالات أمس الخميس، تعميد طفل حديث الولادة، من أب وأم إفريقيين في أجواء روحانية، حرص الأب على الحفاظ عليها بمنع الصحفيين من طرح الأسئلة على مسيحيي العاصمة خلال هذا اليوم، ومنحهم الفرصة للانتشاء بأجواء عيد الميلاد بعيدا عن التساؤلات. كنيسة الرباط هذه، التي اجتمع فيها كاثوليكيون مختلفو الجنسيات، هي فقط واحدة من بين أخريات، تفتح أبوابها أمام مسيحيي العاصمة، وتدق كما الباقيات أجراسها صباح كل يوم أحد، لتستقبل أعدادا كبيرة من معتنقي هذه الديانة لأداء طقوس التعبد الخاصة بهم. فإلى جانب وجود الكنائس الكاتدرائية ككنيسة "جان بيير" ذات الهندسة المعمارية المتميزة، التي أشرف على تصميمها المهندس الفرنسي "لافروج"، تظم العاصمة المغربية كما باقي المدن الأخرى، الكنيسة الأرثودوكسية المتواجدة بباب تامسنا، والإنجليكانية الواقعة في شارع علال بن عبد الله، المحاذي للشارع الرئيسي بالعاصمة. أجواء الفرحة مستمرة عند مسيحيي الرباط ومسلميها إلى غاية بداية السنة المقبلة، ستعيش على إثر بدايتها شوارع العاصمة وكبريات المدن المغربية، احتفالات وصخب كبيرين، في بلد يعيش فيه مواطنون من مختلف الديانات والجنسيات، لكنه وبالرغم من ذلك، يحرص على حفظ ديانته الأساسية، ولو كان الأمر عبر قانون أثير حوله الكثير من الجدل في الأوساط الحقوقية. وتشير الفقرة الثانية من المادة 220 في القانون الجنائي المغربي، على أنه "يعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات وغرامة من مئتين إلى 500 درهم كل من استعمل العنف أو التهديد لإكراه شخص أو أكثر على مباشرة عبادة ما أو على حضورها، أو لمنعهم من ذلك، أو استعمل وسائل الإغراء لزعزعة عقيدة مسلم أو تحويله إلى ديانة أخرى، وذلك باستغلال ضعفه أو حاجته إلى المساعدة أو استغلال مؤسسات التعليم أو الصحة أو الملاجئ أو المياتم".
مشاركة :