--> لا شك في أن خبر انشاء كلية الشريعة والقانون بجامعة الدمام والتي سبقتها ايضا مبادرات من جامعات اخرى لتبني هذا التخصص له أثر كبير في تطوير طرق تقديم البرامج الاكاديمية في التخصصات الشرعية، فالمتأمل للوضع الحالي لكثير من البرامج الاكاديمية يجد أن مجموعة من خريجي التخصصات الشرعية والاسلامية يعانون من عدم وجود فرص عمل مناسبة، فغالبهم ينخرط في التعليم العام والذي لا يستوعب العدد الكبير من الخريجين، في حين أنك عندما تتأمل في كثير من المجالات تجد انها تعاني عجزا، اضافة إلى وجود فجوة بين هؤلاء الخريجين واحتياجات المجتمع، ففي ظل هذا الكم الهائل من الخريجين لا يزال كثير من المواطنين يتصل على القنوات الفضائية للاستفتاء، وكثير من المساجد تعاني من عدم وجود إمام له مستقر وملتزم بمسؤوليات الامامة، بالاضافة إلى حلقات تحفيظ القرآن، وقلة أعداد القضاة وقلة المتخصصين في مهنة المحاماة ممن يحملون شهادات متخصصة، اضافة الى ما تعانيه كثير من المؤسسات المالية الاسلامية من قلة وجود متخصصين للعمل في أعمال الرقابة والأعمال الشرعية لهذه المؤسسات، اضافة إلى قلة المتخصصين المحترفين في فقه الاقليات بما يستوعب واقعهم، ويقدم لهم الحلول بناء على أسس شرعية معتبرة وذلك في مختلف مناطق العالم، اضافة إلى الفجوة التي يعانيها المجتمع في الالتزام بكثير من القيم والآداب المستقاة من المبادئ والقيم الاسلامية، كما أن هناك غيابا لغرس قيم الانضباط والالتزام بالعمل وغيرها، هذا يبين حجم الفجوة بين مخرجات المؤسسات في التعليم العالي وحاجة المجتمع الملحة التي جعلت كثيرا من الخريجين يجدون صعوبة في الحصول على وظائف تتناسب مع تخصصاتهم، في ظل اشغالها أحيانا بغير المتخصصين، علما بانه من الصعب اليوم في ظل اختلاف صور تلقي المعرفة عن السابق أن يكون لدى شخص تكامل في مهارات العلوم الشرعية دون الدراسة المتفرغة لهذا العلم. يفترض أن تفكر الجامعات بصورة جديّة باعادة هيكلة كثير من التخصصات الشرعية أو الدراسات الاسلاميةبطبيعة الحال، الخطوة التي قامت بها مجموعة من الجامعات ومنها جامعة الدمام خطوة في الطريق الصحيح، يتوقع ان تهتم بجانب مشاركة المتخصصين في الشريعة في جوانب تتعلق بالقضاء واحتياجاته، ومن الممكن أن تسهم في توفير عدد لا بأس به من المحامين الذين لديهم القدرة والكفاءة في مساعدة المؤسسة القضائية للوصول إلى العدالة، وذلك بما يتم غرسه من علم وتحقيقه من قيم، كما أنه من الممكن أن تسهم هذه الكلية في تخريج قضاة متخصصين في قضايا محددة، وهذا قد يكون توجها للمؤسسة القضائية بما يسهم في تعزيز كفاءة القضاء، فالتخصص اليوم سمة العصر، وهو يحقق كفاءة أعلى في الاداء، كما انها يمكن أن تسهم في تخريج متخصصين للعمل في أعمال مرتبطة بالقضاء، وهذا مهم اليوم لتحقيق الاكتفاء في واحدة من أهم المؤسسات في الدولة. بطبيعة الحال، يمكن أن يمثل ما سبق رؤية طموحة لكلية وليدة، ولكن ينبغي أن تكون لدى الكلية استراتيجية تهتم بان تعالج احتياجات المجتمع، وتوفر فرص عمل لخريجيها لكي تحقق مخرجات نوعية تميز برنامجها عما هو موجود في مختلف الكليات بالمملكة، وكون هذه الكلية منشأة جديدة قد يوجد فرصا أكبر لتقديم رؤية مختلفة. والحقيقة انه يفترض أن تفكر الجامعات بصورة جدية باعادة هيكلة كثير من التخصصات الشرعية أو الدراسات الاسلامية بما يلبي الاحتياج، ويحقق رؤية طموحة تسهم في تنمية المجتمع، اذ ان هذه التخصصات لها علاقة مباشرة ببناء قيم وأخلاق المجتمع، اضافة الى علاقته بربه وخالقه، ولذلك لا بد ان تستوعب المتغيرات، وإلا ستجد هذه الاقسام نفسها خارج معادلة العالم المعاصر اليوم، خصوصا بعد تعدد مصادر المعرفة، وتنوعها وسهولة الوصول إليها. لا توجد كلمات دلالية لهذا المقال القراءات: 1
مشاركة :