شهدت المنطقة الخضراء، وسط بغداد، السبت، يوما حافلا بعدما اقتحم أنصار التيار الصدري هذه المنطقة، وتحديدا مقر البرلمان، معلنين الاعتصام المفتوح، في مرحلة جديدة أكثر خطورة في الأزمة السياسية التي تعاني منها البلاد منذ أكثر من 10 أشهر. وكان أنصار الصدر قد اقتحموا المنطقة الخضراء، الأربعاء الماضي، ودخلوا إلى مقر البرلمان، قبل أن ينسحبوا سريعا بعدما غرّد زعيم التيار مقتدى الصدر بأن «رسالة المتظاهرين وصلت». لكن اقتحام السبت كان مختلفا، إذ تحول إلى اعتصام مفتوح، حسبما أعلن التيار الصدري في العراق. وكان من المقرر أن ينعقد البرلمان اليوم لاختيار رئيس للعراق، في خطوة تمهيدية لتكليف شخصية سياسية بتشكيل الحكومة العراقية الجديدة، التي تعد جوهر الخلاف بين التيار الصدري والإطار التنسيقي الذي يضم قوى سياسية شيعية مناهضة للصدر وتملك ميليشيات مسلحة. ويدفع الإطار التنسيقي نحو اختيار محمد شياع السوداني رئيسا للحكومة، وهو الأمر الذي يرفضه الصدر. وبدأت الأحداث تتطور شيئا فشيئا صباح امس، عندما بدأ أنصار الصدر في الزحف نحو المنطقة الخضراء، وفي منتصف النهار، ومع أن الحرارة ناهزت الـ50 درجة مئوية، إلا أن أنصار الصدر تقدموا عبر جسر الجمهورية المؤدي إلى هذه المنطقة الشديدة التحصين والتي تضم مقرات كبرى المؤسسات. وتمكن أنصار الصدر، وهم بالآلاف، من إزالة الحواجز الإسمنتية الموضوعة في الجسر، وسرعان ما اندلعت مواجهات مع قوات الأمن أسفرت عن سقوط أكثر من 100 جريح. وكانت أصوات إطلاق قنابل الغاز تسمع بين الحين والآخر، لكن المواجهات لم تكن عنيفة، خاصة أن رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي وجه قوات الأمن بضرورة حماية المتظاهرين. وما أن اقتحم أنصار الصدر مقر البرلمان حتى أعلنوا الدخول في اعتصام مفتوح كما أكد قيادي في التيار الصدري. وفي حين لم يغرّد الصدر أو يظهر علنا خلال ساعات النهار، إلا أن مصادر نقلت عنه دعوته للمتظاهرين إلى عدم التعدي على مجلس القضاء الموجود في المنطقة الخضراء. وإزاء هذه التطورات، أعلن رئيس مجلس النواب العراقي محمد الحلبوسي تعليق جلسات مجلس النواب بناءً على المستجدات الأخيرة. ودعا الحلبوسي إلى اتخاذ التدابير اللازمة لحماية المؤسسات والمتظاهرين. حاول الإطار التنسيقي إظهار تصميمه على تشكيل حكومة في البلاد وعدم رضوخه لتحركات مقتدى الصدر في الشارع. ودعا الإطار التنسيقي أنصاره إلى التظاهر، مشددا على أن مؤسسات الدولة خط أحمر، وقال في بيان: «ندعو إلى التظاهر السلمي دفاعا عن الدولة وشرعيتها ومؤسساتها». وحمّل «القوى السياسية التي تقف خلف التصعيد المسؤولية عما قد يتعرض له السلم الأهلي»، في انتقاد إلى الصدر دون تسميته. وفي وقت لاحق، أفاد مراسلنا بأن الإطار التنسيقي قرر «تأجيل تظاهرات أنصاره إلى إشعار آخر». أما تيار الحكمة الذي يتزعمه عمار الحكيم فاتخذ موقفا وسطا، داعيا الإطار التنسيقي والتيار الصدري إلى الدخول في حوار مباشر. يأتي ذلك بينما قال رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي، السبت، إن الجميع يتحمل مسؤولية ما يحدث في البلاد من أحزاب وطبقة سياسية وجهات مؤثرة. وذكر الكاظمي، في كلمة متلفزة: «ندعو كل الكتل السياسية للحوار من أجل شعب العراق.. شعبنا الذي لا يهوى الفتنة والاقتتال والتناحر». وأضاف: «لا بد للكتل السياسية من الابتعاد عن حوار التخوين والإقصاء»، داعيا المواطنين «لعدم التصادم مع القوات الأمنية وحماية مؤسسات الدولة». من جانيه، دعا الرئيس العراقي برهم صالح، السبت، إلى عقد حوار وطني بين الفرقاء السياسيين وتغليب لغة العقل وتقديم المصلحة الوطنية. وفي بيان نشرته رئاسة الجمهورية العراقية على صفحتها الرسمية في «تويتر»، قال صالح إن «الظرف الدقيق الذي يمر ببلدنا اليوم يستدعي من الجميع التزام التهدئة وتغليب لغة العقل والحوار وتقديم المصلحة الوطنية العليا فوق كل اعتبار، وحماية الوطن بسواعد كل أبنائه ليظل قويا ومنيعا وعصيا لا تفرقهم خلافات داخلية».
مشاركة :