يعتبر المسرح العربي حديث النشأة مقارنة بالمسرح الأوروبي، فإذا نظرنا إلى تاريخ المسرح الحديث في الغرب سنجده امتداداً فعلياً للمسرح الإغريقي بكل تنظيراته الأدبية والتاريخية والفلسفية. أستطيع القول إن المنجز الفني والأدبي للمسرح العالمي في العصر الحديث بلغ الغاية القصوى من الإبداع والذي أصبح -نموذجاً- يحتذي به من قبل الآخرين بانتقائية أو محاكاة إبداعية مما يعني أن التجارب العربية المسرحية الحديثة بهذا الفن لا تسير وفق مراحل التطور المسرحي الأوروبي عبر مراحله، بل بدأت من حيث انتهت إليه التجربة المسرحية في أوروبا. حداثة المسرح السعودية جاءت في لحظة وصول المسرح العالمي إلى حالة معرفية وفنية وفكرية تراكمت فيه التجارب والخبرات وتطور فيها المسرح من طور إلى أطوار أخرى عايشها المسرحيون وترجموها في المسرح أدباً وأداءً، فحداثة المسرح السعودي كجزء لا يتجزأ من المسرح العربي الذي سبقنا بعقود لنرتبط به ضمن وحدة اللسان، والثقافة، والمكان. من جهة أخرى النظر في حالة استدعاء المذاهب والتيارات النقدية والفكرية والأدبية سيكون إضافة نوعية للحراك المسرحي بما يتناسب مع ظرفه التاريخي والاجتماعي والاقتصادي في رؤية نقدية فاحصة بما يخدمه في سياق التطور الدرامي، فالأدب المسرحي من أقدر الأجناس الأدبية على ترجمة الواقع وتوظيف النظريات باعتباره أدبا يسهل تطويعه واعتباره فنا أدائيا يمثل على خشبة المسرح فيترجم الأفكار والفلسفات إلى صور جسدية أو تعبيرات رمزية لافتة تحكي عن الواقع. في ظل وجود هيئة رسمية تُعنى بالمسرح كفناً وأدباً وثقافةً نامية أو بمعنى آخر إعادة تنشيط المسرح بعد سنوات خمول أصبح هناك مهمة معقدة فهيئة المسرح والفنون الأدائية أمام تحد وخاصة الانفتاح العالمي الثقافي وعوامل التأثر والتأثير إضافةً لتلبية الحاجة الإنسانية الجمالية والفكرية وقبل كل ذلك تحقيق المتطلبات المعنوية والمادية لرؤية «2030»، إضافة إلى إعادة وهج الثقافة المسرحية ورعايته. موقف المسرح السعودي كمنصة محتم عليه أن يكون منفتحاً أمام المسرح العالمي والعربي لما يراه مناسباً لثقافة المجتمع وتلبية لمتطلبات الرغبة الجماهيرية من مواطنين أو وافدين أو زائرين في تنوع يفتح آفاقاً مسرحية، فالمتلقي الذي يشترك في العملية التواصلية الأدبية والفنية بحاجة إلى تعزيز حضوره للمسرح ليتعزز ذلك الحضور وينمو.
مشاركة :