تصدر الفراغ الرئاسي المستمر في لبنان منذ 19 شهرًا، مواقف مرجعيات دينية وشخصيات سياسية لبنانية، أجمعت على ضرورة إنهاء هذا الفراغ، أبرزها موقف البطريرك الماروني بشارة الراعي، الذي دعا الكتل السياسية والنيابية إلى «الالتقاء حول المبادرة (التي أطلقها رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري، من أجل انتخاب رئيس تيار (المردة) النائب سليمان فرنجية رئيسًا للجمهورية) الجدية المدعومة دوليًا، وإهداء البلاد رئيسها». في وقت اعتبر وزير الاتصالات بطرس حرب أن مبادرة الحريري «لا تزال مطروحة، وهي محاولة جدية لكسر الحلقة المفرغة التي تدور فيها عملية انتخاب رئيس الجمهورية». وعبر عن أسفه لكون حلفاء فرنجية خصوصًا «حزب الله» ورئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون «هم من يعطّل هذه المبادرة». ولا يزال لبنان من دون رئيس منذ انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال سليمان في 25 مايو (أيار) 2014، وقد دعا رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى 34 جلسة نيابية لانتخاب رئيس، إلا أن هذا الأمر لم يتحقق بسبب عدم اكتمال نصاب الجلسات المحدد بثلثي أعضاء البرلمان أي 76 نائبًا، بسبب المقاطعة المتعمّدة لنواب «التغيير والإصلاح» ونواب «حزب الله» وحلفائهما، بسبب إصرارهم على أن يكون النائب ميشال عون المرشح الوحيد للرئاسة. وعبّر البطريرك الراعي خلال كلمة ألقاها أمس، عن حزنه من «موقف اللامبالاة تجاه الله والإنسان والأرض والوطن، وتفشي روح الأنانية والفساد وتدني الأخلاق». ورأى أنه «واجب السلطة السياسية وهو تأمين كل الظروف والأوضاع التشريعية والإجرائية والاقتصادية والإدارية والأمنية لكي يؤمن الخير العام لجميع المواطنين، وفرص العمل للقوى الحية، وتتعزز محبة الوطن لدى الأجيال الطالعة». وقال الراعي: «واجب الكتل السياسية والنيابية مقاربة المبادرة الجديدة والفعلية الخاصة بانتخاب رئيس للجمهورية بموجب الدستور والممارسة الديمقراطية، فتلتقي هذه الكتل حول المبادرة الجدية المدعومة دوليا، لتدارسها والوصول إلى قرار وطني بشأنها، وإهداء البلاد رئيسها». وأكد الراعي أنه «لا يمكن بعد اليوم قبول هذا الإهمال الذي لا يشرف أحدًا، بل هو آخذ في هدم الدولة ومؤسساتها وقدراتها، وفي إفقار الشعب والتسبب في تهجيره، وفي وضع لبنان على هامش الحياة في الأسرة الدولية». بدوره، اعتبر وزير الاتصالات بطرس حرب، أن مبادرة الرئيس سعد الحريري لانتخاب رئيس للجمهورية «لا تزال مشروعًا مطروحًا وإن لم تكتمل عناصره». وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «هذه المبادرة هي محاولة جدية لكسر الحلقة المفرغة التي تدور فيها عملية انتخاب رئيس الجمهورية». وعبر عن استغرابه لأن «الذين يصرّون على عرقلة هذه المبادرة هم حلفاء النائب سليمان فرنجية، أي حزب الله والنائب ميشال عون، بدل أن يسهلوها». ودعا حرب الجميع إلى «التعاطي مع الفراغ بمسؤولية وطنية»، لافتًا إلى أن «المشروع المطروح (المبادرة) يحظى بموافقة دولية، ومعظم الدول الصديقة للبنان تشدد على ضرورة اكتمال السلطة السياسية وتعزيز المؤسسات اللبنانية في وجه الزلزال الذي يضرب المنطقة». وإذ اعتبر وزير الاتصالات أن «الفراغ الرئاسي هو أكبر خطر يهدد استمرار الدولة، والحاجة إلى انتخاب رئيس باتت أكبر من أي وقت»، رأى أنه من الطبيعي أن «يدعم البطريرك الماروني هذه المبادرة لانتخاب رئيس ماروني، لكن للأسف إن من يعطّل انتخاب الرئيس يصمّ آذانه عن سماع صوت العقل، ويصر على بقاء الفراغ على حساب لبنان ومصلحة أبنائه». ودعا حرب «العقلاء إلى أن يلتقوا مع صوت العقل في هذا البلد، وأن يضعوا مصلحة البلاد فوق كل المصالح». بدوره، دعا متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران إلياس عودة إلى «الخروج من تخلف العصبيات والمحسوبيات إلى أفق الوطن الواحد والولاء الوحيد للوطن وتخطي المصالح والأحقاد». وأكد أن لبنان «بحاجة إلى بذل كل الطاقات من أجل إعادة الحياة الديمقراطية إليه». ورفع الصلاة إلى الله لكي «يلهم جميع المسؤولين عن هذا البلد ويعملوا على انتخاب رئيس للجمهورية يلتف حوله الجميع ويتكاتفون من أجل إعادة العمل إلى مؤسسات الدولة».
مشاركة :