إسطنبول- كان التجار يبيعون الناس كعبيد حتى القرن التاسع عشر، أما اليوم فلم تعد “العبودية” قانونية، بيد أنها لا تزال سارية لكن بشكلها “المعاصر”، حيث يتم الاتجار بالملايين من البشر في أنحاء العالم، ومعظمهم من النساء والفتيات، واستغلالهم للحصول على الربح. قرابة 25 مليون شخص هم ضحايا الاتجار بالبشر في أنحاء العالم، وفقا لـ”تقرير الاتجار بالبشر لعام 2021″ الصادر عن وزارة الخارجية الأميركية، والذي نُشر خلال الشهر الجاري. وقد تفاقم الوضع خلال السنوات الأخيرة بسبب وباء كورونا، وفق التقرير السنوي لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة استنادا إلى بيانات ومعلومات تم جمعها من 148 دولة. وقال مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة في تقريره العالمي لعام 2020، إن الركود الاقتصادي الناجم عن فايروس كورونا سيجعل الناس أكثر عرضة للاتجار بالبشر. ووفقا للتقرير ذاته، تشكل النساء والفتيات 7 من كل 10 ضحايا للاتجار بالبشر لأغراض جنسية على مستوى العالم. وأضاف أنه في عام 2018 كان في المتاجر 46 في المئة نساء، و19 في المئة فتيات. وأردف أن واحدا من كل 3 ضحايا هم من الأطفال، بما في ذلك 15 في المئة من الأولاد، بينما كان 20 في المئة من الضحايا رجال بالغون. وتشير الأرقام إلى أن الاتجار بالجنس هو أكثر أنواع الاتجار بالبشر شيوعا بين الفتيات، في حين أن الأولاد هم في الغالب ضحايا العمل القسري. ◙ النساء والفتيات يشكلن 7 من كل 10 ضحايا للاتجار بالبشر لأغراض جنسية على مستوى العالم، وفق تقرير مكتب الأمم المتحدة وتشير بيانات مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، اعتبارا من 2018، إلى أن 50 في المئة من إجمالي ضحايا الاتجار بالبشر كان بغرض الاستغلال الجنسي، و38 في المئة للعمل القسري. وتضيف أن الاتجار بالبشر من أجل النشاط الإجرامي القسري هو أيضا من بين أنواع الاتجار بالبشر على مستوى العالم، حيث يتم استغلال 6 في المئة لارتكاب جريمة، بما في ذلك النشل أو التجارة بالمخدرات. ووفق بيانات المكتب الأممي يُعد تجنيد الأطفال من قبل الجماعات الإرهابية أو المتطرفة أيضا شكلا شائعا من أشكال الاتجار بالبشر. وكشف تقرير “الاتجار بالبشر” الصادر عن وزارة الخارجية الأميركية خلال الشهر الجاري، أن الأطفال لا يزالون عرضة للتجنيد القسري، والاستخدام من قبل العديد من الجماعات المسلحة العاملة في العراق، بما في ذلك تنظيما داعش، وبي كي كي الإرهابيان، وكذلك الميليشيات المدعومة من إيران. وتختلف أنواع الاتجار بالبشر باختلاف المناطق، على سبيل المثال، يقول تقرير الأمم المتحدة “يتم الاتجار بالأطفال بشكل أساسي من أجل العمل القسري في البلدان منخفضة الدخل، بينما في البلدان ذات الدخل المرتفع يتم الاتجار بهم بشكل أساسي من أجل الاستغلال الجنسي أو الإجرام القسري أو التسول”. وكمثال على الأطفال الذين يعملون بالسخرة (عمل غير مدفوع الأجر وغير تطوعي) ذكر التقرير أن الأطفال يعملون في المزارع أو في المناجم أو في المزارع في أفريقيا جنوب الصحراء، والأطفال الذين يعملون بالفنادق وصناعة الملابس والزراعة في جنوب آسيا، والأطفال الذين يعملون في مزارع أميركا الجنوبية. ووفقا لمنظمة العمل الدولية، فإن واحدا من كل خمسة أطفال، تتراوح أعمارهم بين 5 و17 عاما في أفريقيا يعمل. وأضاف تقرير الأمم المتحدة أن الأطفال ضحايا الاتجار بغرض الاستغلال الجنسي يتركزون غالبا في أميركا الوسطى ومنطقة البحر الكاريبي وشرق آسيا. وفي أوروبا وأميركا الشمالية، بحسب التقرير “يتم الاتجار بالأطفال في الغالب بغرض الاستغلال الجنسي، بينما تشكل العمالة القسرية قرابة 1 في المئة من إجمالي الضحايا”، لافتا إلى أنه في البلدان ذات الدخل المرتفع، لا يتم الكشف عن حالات الاتجار بالأطفال بشكل عام. ◙ تجنيد الأطفال من قبل الجماعات الإرهابية أو المتطرفة يُعد شكلا شائعا من أشكال الاتجار بالبشر وتعد المجموعة الأكثر ضعفا أمام المتاجرين بالبشر هم المهاجرون الذين لا يحملون وثائق، وهم كما تقول الأمم المتحدة “في حاجة ماسة إلى العمل ويستفيدون من العمل الإجباري”. ويشكل المهاجرون الحصة الكبرى من الضحايا في معظم المناطق، مثل 65 في المئة منهم في غرب وجنوب أوروبا، و60 في المئة بالشرق الأوسط، و55 في المئة بشرق آسيا والمحيط الهادئ، و50 في المئة وسط وجنوب شرق أوروبا، و25 في المئة بأميركا الشمالية، بحسب البيانات الأممية. ويشكل الذكور ثلثي المتاجرين بالبشر المدانين على مستوى العالم، ومع ذلك فإن الوضع مختلف في أوروبا الشرقية وآسيا الوسطى، حيث تتم إدانة النساء أكثر من الرجال بتهمة الاتجار. ويستخدم المتاجرون بالبشر الإنترنت وخاصة وسائل التواصل الاجتماعي للوصول إلى ضحاياهم. وأكد تقرير مشروع الشفافية التقني “تي.تي.بي” الذي صدر الثلاثاء الماضي، أن “مهربي البشر يتعاملون مع المهاجرين عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وخاصة فيسبوك وواتس آب”. واستندت الدراسة إلى مقابلات مع 200 مهاجر على الحدود بين المكسيك وغواتيمالا والحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك. ولا يزال هناك مجال للتفاؤل في ما يتعلق بمعدل إدانة المتاجرين بالبشر حول العالم. وقال مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة في التقرير “تتم إدانة المزيد من المتاجرين بالبشر كل عام منذ عام 2003 الذي يوافق دخول بروتوكول منع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص، وخاصة النساء والأطفال (بروتوكول الأمم المتحدة للاتجار بالبشر) حيز التنفيذ”. ولفت التقرير إلى أن معدل الإدانة تضاعف ثلاث مرات تقريبا منذ عام 2003.
مشاركة :