بقلم: فيليب فيلان ليس الغرض من مقال الرأي هذا هو معرفة ما إذا كان ينبغي علينا دعم الرئيس الأوكراني زيلينسكي بلا حدود، على غرار ما يفعل سياسيونا وديمقراطيونا الأوروبيون، ولكن الغرض من هذا المقال التعبير عن بالغ دهشتنا من هذا الاختيار وهذا القرار الذي اتخذه الاتحاد الأوروبي من دون أي نقاش ديمقراطي. والأسوأ من ذلك أنهم لم يروا أنه من المفيد التشاور معنا، لا حول التصعيد العسكري ولا حول العواقب الوخيمة للعقوبات على اقتصاداتنا. لنتحدث عن هذه العواقب الوخيمة التي سترخي بظلالها على الغرب، وخاصة الاتحاد الأوروبي! عندما كنا بالكاد بصدد الخروج من جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) وفي الوقت الذي كانت الصين تخلق لنا مشكلة خطيرة من خلال تطبيق سياسة «صفر كوفيد» الشمولية، وفيما كانت تايوان مهددة، وفي إغلاق «المصنع الصيني» وبالتالي حدوث أزمة الإمداد واللوجستيات، نجد أن الأوروبيين قد قرروا واختاروا –من دون نقاش– فرض مثل هذه العقوبات غير المسبوقة على دولة مصدرة تزودنا بالموارد الحيوية اللازمة لاقتصادنا، وهو ما سيكون له بالفعل عواقب وخيمة بالنسبة لنا. لم تتأخر هذه العواقب الوخيمة التي بدأت ترخي بظلالها على الاقتصادات الغربية عامة، والاقتصاد الأوروبي على وجه الخصوص. فقد ارتفعت أسعار الطاقة بالفعل، ما أدى إلى زيادة كبيرة في نفقات التدفئة المنزلية والنقل وإفقارها. بالإضافة إلى الأزمة الصينية، تتحدث الشركات أيضًا عن زيادة كبيرة في تكاليف إنتاجيتها. لقد تأثرت ربحية الشركات الغربية بالفعل، وستكون المأساة أكبر لأولئك الذين ستتأثر قدرتهم على تصنيع المنتجات التي لا تزال قابلة للبيع، لأنها لن تكون قريبًا قادرة على «تمرير» الزيادات الكبيرة في أسعار الطاقة للعملاء. وأسوأ ما في الأمر هو أن أوروبا تعاني بشكل لا يصدق من هذه الزيادة في الطاقة والمواد الخام أكثر مما تعانيه الولايات المتحدة الأمريكية أو الصين (حيث ترتفع هذه الأسعار، ولكن بشكل أقل بلا حدود وبدون التعرض لخطر النقص). لماذا لا يوجد نقاش إذا قبل اتخاذ مثل هذا القرار؟ بالإضافة إلى ذلك، تؤدي هذه العقوبات إلى إحياء الوقود الأحفوري في كل مكان، وهو ما يعني أن انتقال الطاقة قد تم تأجيله في مكان آخر، باستثنائنا نحن هنا. بل إن الاتحاد الأوروبي، الذي يوجد مقره في بروكسل تجرأ حتى على إعلان أن الأزمة المرتبطة بالعقوبات كانت فرصة لتسريع الانتقال الطاقي. على من نضحك وممن نسخر يا ترى؟ في الحقيقة فإنه، نتيجة للعقوبات، سيكون سعر الطاقة أعلى بشكل دائم في أوروبا منه في أي مكان آخر، والجدول الزمني والتكاليف الضخمة لهذا الانتقال من المحتمل أن يثقل كاهل اقتصاداتنا الأوروبية بشكل نهائي لا مخرج منه. سنفقد حصصا كبيرة من السوق الضخمة والوظائف المرتبطة بها، حتى مع رفض أوروبا فرض سياسة ضرائب ضخمة على المنتجات المتأتية من الدول التي لا تنتج سياسة خفض الانبعاثات الكربونية. علاوة على ذلك، إذا قطع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إمدادات الغاز فمن المحتمل أن نشهد ركودًا تاريخيًا لا يجرؤ أحد على مناقشته، وقد يغرق الاقتصاد في كساد كبير ما وراء نهر الراين. ألا يفكر البنك المركزي الأوروبي في الاتجاه المعاكس؟ فهو يدعي أن هذا التضخم الذي يرتفع بمعدلات مخيفة ناتج عن السياسات النقدية وسياسات الميزانيات التي ينبغي إيقافها، وهو ما يتعين وضع حد له حتى يتسنى خفض معدلات التضخم. من المسلم به أن أزمة جائحة كوفيد أدت إلى إنفاق عام جامح وخطط تعافٍ غير متناسبة (ولم تكن مستهدفة بشكل كافٍ، كما هو الحال في فرنسا، حيث تم نسيان بعض القطاعات الأكثر تضررًا - السياحة -، في حين أن الدولة قد أنفقت من غير المعقول)، ولكن لماذا تريد تباطؤ الاقتصاد على الرغم من أننا كنا بصدد إنعاشه، والأسوأ من ذلك، في حين أننا مخطئون بشأن سبب التضخم؟ ومع ذلك، فإن هذا التضخم يأتي بشكل أساسي من العقوبات التي أدت إلى زيادة كلفة الطاقة والمواد الخام (ومن الأزمة الصينية). هذا هو السبب في أن رفع أسعار الفائدة وجعل الركود أسوأ من خلال زيادة المشاكل من شأنه أن يجعل هذه السياسة النقدية غير الملائمة تؤدي إلى كارثة حقيقية. في الواقع، لن يمنع الشركات من الاضطرار إلى تمرير هذه الزيادات في التكاليف الناجمة عن العقوبات ووضعها بالتالي على كاهل عملائها. وسيطالب المستهلكون، للبقاء على قيد الحياة، بزيادة الأجور. إنها حلقة مفرغة شيطانية تفضل السيدة لاغارد، مديرة البنك المركزي الأوروبي، أن تنكر أصلها وسببها المتمثل في العقوبات، في الغالب - لتظل في «الصواب السياسي» الذي يمثل أساس أورقراطيينا وسياسيينا التي نعتمدها. مثل هذه السياسة النقدية لا يمكنها بالفعل كسر هذا النوع من التضخم، لأنها لا تعالج أسبابه الحقيقية والعميقة، والتي ستكون لها عواقب وخيمة: فلنأخذ مثال قطاع البناء، الذي تضرر بالفعل من ارتفاع التكاليف والذي سيكون من بين ضحايا ارتفاع أسعار الفائدة، مما يقلل من القدرة الاستثمارية للأسر والمستثمرين. علاوة على ذلك، قد تتسبب هذه السياسة في انفجار اليورو (وهو ما أرحب به شخصيا لو حدث في ظروف أخرى، ولكن لا يمكن اليوم إضافة مثل هذه الأزمة إلى مصائبنا الراهنة)، لأن البنك المركزي الأوروبي -على عكس وعوده- ليس لديه وسيلة لتجنب الهوامش بين البلدان، باستثناء الالتزام بشراء ديون الدول الأضعف بلا حدود، وهي سياسة رفضتها حتى الآن الدول الأعضاء من بلدان أوروبا الشمالية. وبالتالي، فإن سياسة العقوبات وإساءة تفسير إدارة اقتصاداتنا ستضعنا أمام عواقب وخيمة. أملي -قبل اندلاع ثورة محتملة لشعوبنا- هو أن تؤدي الصدمة الكهربائية السريعة إلى فتح النقاش السياسي حيث يمكننا، نحن المواطنين وقادة الأعمال أن نتحدى سياساتنا وسياسة الأوروقراطيين العمياء، الذين يقودوننا إلى الخراب في دولنا. لوفيجارو
مشاركة :