في إطار التوجّهات اللافتة لكلٍ من المملكة العربية السّعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، تسعى الدولتان إلى استقطاب الكفاءات المتميزة في مختلف القطاعات الحيوية، ممن تتوافر فيهم شروط الإبداع والابتكار؛ حيث تم منح الجنسية السعودية على سبيل المثال لعدد كبير من الشخصيات المتخصصة والبارزة في قطاعات العلوم والطب والفنون، وغيرها، كما منحت الإمارات آلاف الإقامات الذهبية لمن توافرت فيهم الشروط ذاتها. من تلك القطاعات التي يتم استقطابها أيضاً المبدعون في مجالات الفنون البصرية المتنوعة، وحول ذلك التقينا عدداً من التشكيليات ومهندسات التصميم، ليتحدثن عن أهمية هذه الخطوة وتأثيرها الإيجابي في الحراك الثقافي والفني والاجتماعي في الدولتين.الرّياض | محمود الديب Mahmoud Aldeep، زكية البلوشي Zakiah Albalushi الشّرقيّة | عواطف الثنيان Awatif Althunayan دبي | لينا الحوراني Lina Alhorani بيروت | عفت شهاب الدين Ifate Shehabdine القاهرة | أيمن خطّاب Ayman Khattab المغرب | سميرة مغداد Samira Maghdad منذ بدايات الفن التشكيلي السعودي والسعودية تستقطب الفنانين الموهوبين وتدعمهم فنياً. هكذا بدأت علا حجازي، فنانة تشكيلية، حديثها، وأضافت أنه خلال العقود الماضية كانت رعاية الشباب تقتني أعمال الفنانين التشكيليين الناشئين عن طريق المسابقات الفنية، وتنظّم المعارض الفنية في داخل السعودية وخارجها. وظلّ اهتمام السعودية بالفن التشكيلي مستمراً، وتطور بعد أن انتقلت مهمات المسابقات من رعاية الشباب إلى وزارة الثقافة. فقد اهتم الدكتور عبد العزيز السبيل، وكيل وزارة الثقافة سابقاً، وأمين جائزة الملك فيصل حالياً، بالفن التشكيلي بدعمه للفنانين التشكيليين، سواء من الناشئين أو الروّاد، وفي عهده شاركت السعودية في بينالي فينسيا. تتابع حجازي: «مع بدء تدشين رؤية 2030، اهتمت وزارة الثقافة بالفنانين الموهوبين، عن طريق مشاركة المتميزين منهم في مشروعات، مثل برنامج إقامة فنان. كما نظّمت لهم المعارض، وأخرجت أعمالهم بصورة عالمية في كتب تشكيلية وفيديوهات. وهكذا تعرّف العالم الخارجي إلى فنانين سعوديين متميزين في طرح أفكارهم الفنية وتنفيذها على خامات متعددة. وفي الفترة الحالية، زاد اهتمام وزارة الثقافة بالفنانين الشباب؛ فظهرت أسماء جديدة بفضل اهتمام الوزارة بعرض أعمالهم في معارض فنية ضخمة، وأذكر على سبيل المثال بينالي الدرعية، ومعرض نور الرياض، وموسم الرياض، وموسم جدة، وآرت دبي، وغيرها من المعارض، والأنشطة، والفعاليات المختلفة والمتعددة. وقد أسهمت كل هذه الأنشطة في تحوّل السعودية إلى وجهة فنية وحاضنة للفن البصري عامة، والفن التشكيلي خاصة، وكل هذا أفضى إلى ظهور أعداد كبيرة من الموهوبين المتميزين وأصحاب الأعمال المتميزة محلياً، والموهوبين وأصحاب الخبرات عربياً وعالمياً؛ لتصبح المعارض الفنية السعودية بوتقة لانصهار مختلف الخبرات والفنون». تستطرد حجازي قائلة: «إضافة إلى نجاح السعودية في تنظيم واستقطاب معارض فنية عالمية، وما تقوم به مؤسسة محمد بن سلمان «مسك» من ورش ومعارض ودعم أسهم في إثراء الفن التشكيلي والعديد من أنواع الفنون البصرية الأخرى؛ فقد أدى ذلك كله إلى زيادة الوعي بالفن، وكان له دور محوري في فتح مدارك الموهوبين فنياً، وزيادة معارفهم وثقافتهم، وتشجيعهم على التجريب والإبداع في ممارسة الفن التشكيلي. ولم يكن اهتمام السعودية على الصعيد الداخلي فحسب؛ بل كان لها اهتمام بمشاركة الفن السعودي على الصعيد العالمي في معارض عالمية، مثل: بينالي فينسيا، وإكسبو دبي. وكل هذه الجهود تجعلنا نقرر أن الفن السعودي قفز نحو العالمية. ولأننا في عصر منصات التواصل، فقد أصبح في متناول كل موهوب فنياً الاطلاع على الثقافات والمدارس الفنية وأحدث اتجاهات الفن. وأصبحت المنصات وسيلة مهمة للانتشار الفني، والتعرّف إلى ما يدور حولنا من فنون، سواء عن طريق منصة إنستغرام، والسناب شات، وتويتر، أو فيس بوك، وغيرها من المنصات التي تحظى بملايين من المتابعين. إنّ الفن يحيط بنا، وكل ما علينا هو أن نلتقط ما يحوّل حياتنا لإبداعات مختلفة؛ فالبقاء رغم الكثرة للفنان المتميز والمختلف في عطائه». تابعي المزيد: في يومها العالمي ..الصداقة كيف نفهمها ونكرسها للحب والسلام؟ ترى فاطمة النمر، فنانة تشكيلية سعودية، أن الفنان يعكس نظرة مجتمعه من جهة، ومدى اهتمام دولته باستقطاب المواهب الشابة والمبدعين من جميع دول العالم في مجالات الرؤية البصرية من خلال نشر جمالية الفنون التشكيلية، من جهة أخرى، مشيرة إلى أن رؤية المملكة وقيمها تتماشى مع توجه المملكة لرؤية 2030؛ حيث تتمثل رؤيتها في تمكين الموهبة والإبداع؛ كونهما الرافد الأساس لازدهارها، عن طريق إيجاد بيئة محفزة للموهبة والإبداع، وتعزيز الشغف بكافة أنواع الفنون والعلوم لبناء قادة المستقبل. أوضحت فاطمة النمر، أنه تحقيقاً لمقولة الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد، عندما: «سنجمع المبدعين والموهوبين من كل العالم لصنع شيء مختلف» فإن اهتمامه وتشجيعه للفنانين وتأسيس قاعدة راسخة وتوثيق الفن وحقوق الفنانين السعوديين واستقطاب المبدعين حول العالم من أسس الرؤية، كما وعَدّهم مصدر قوة ودعم، وأعطاهم مساحة لإبرازها من دون النظر إلى جنس أو عرق أو دين، لتحقيق مستهدفات الرؤية ومواكبة الحراك الشامل في المملكة لبناء الإنسان والاستثمار في قدرته وإمكاناته، وما تزخر به من طاقات بشرية موهوبة ومبدعة في شتى المجالات، يتجاوز إبداعها خارج الوطن ليصل إلى العالمية. وترى فاطمة النمر نفسها من خلال الفن عن طريق أعمالها التي توثق فيها تاريخ النساء وثقافتهن وتطلعاتهن، وحرصت فيها على تطوير فلسفة فكرية ومفاهيم معاصرة لتقديم فلسفة الوجود في الصورة والتشكيل، بينما استعانت باستراتيجيات جمالية جعلتها تنتمي إلى مدرسة فنية محددة. وبينت النمر انعكاسات الاهتمام بالمواهب والمبدعين على المستقبل، من خلال صناعة الإبداع بتوفير بيئة حاضنة، وتقديم الدعم اللازم لهم لصقل مواهبهم، وتنمية قدراتهم، وتطويرها بالورش التدريبية والبرامج والمبادرات والمشاركات الفنية بالمعارض والمحافل الدولية، وأخيراً تمكينهم وتحويل أفكارهم إلى منتجات ذات قيمة مضافة للاقتصاد الوطني. تابعي المزيد: بعد أن كانت مهددة بالزوال أنامل ناعمة تعيد الحياة للمهن التراثية أحد الأمور التي تميزنا في هذه المنطقة هو وجود البنية التحتية السليمة، التي تبنى عليها الأفكار والأحلام، لذلك نرى اليوم ارتفاعاً ملحوظاً في عدد المبدعين في كافة مجالات العمل الإبداعي، وخاصة البصرية منها. انتبهت الإمارات مبكراً، كما تجد الجود لوتاه، مصممة ديكور، لأهمية استقطاب المبدعين والاهتمام بهم. تتابع قائلة: «نستطيع أن نرى ذلك عبر المبادرات المختلفة في مناطق الإمارات، وبرامج المنح والإقامة الفنية التي نجدها - على سبيل المثال لا الحصر - في warehouse421 ومركز تشكيل الفني». اتساع الوعي الفني في المنطقة كان محظوظاً، وبرأي الجود، أنه بدعم من الهيئات الحكومية، التي سهلت من تمكين المبدعين لأن يكونوا جزءاً من الاقتصاد الإبداعي. «وزارة الثقافة في الإمارات وهيئة دبي للثقافة والفنون تقومان بجهود جبارة ساعدتنا نحن بوصفنا رواد الأعمال في القطاع الإبداعي أو مصممين وفنانين على تسليط الضوء علينا وعلى أعمالنا؛ ما أعطانا المساحات المطلوبة للتعبير عن أنفسنا». لا تستغرب، الجود، أن نكون اليوم في صدارة الدول المستقطبة للفنانين في العالم. فبرنامج المنح الثقافية طويلة الأمد، الذي تقدمه هيئة دبي للثقافة والفنون، ويعدّ الأول من نوعه في العالم، لم يأت من فراغ. الفنُ جزءٌ من تاريخ المجتمع الذي رُسم أو نُحت أو كُتب أو صُمّمَ بمشاعر أبنائه. تعلّق الجود: «تزايد عدد المبدعين هو قفزة للاقتصاد الإبداعي، فالمبدعون يخلقون فرص العمل، وفرص العمل تخلق المزيد من الوظائف، ويزيد فعل الخير بعضه بعضاً. فالقطاع الإبداعي بحاجة إلى المزيد من المبدعين، والمبدعون بحاجة إلى بيئة حالمة ذات بنية تحتية ثقافية قوية»، تضيف الجود: «منطقتنا هي المنطقة الإبداعية الأكثر حيوية في العالم وهذه ليست سوى البداية». تابعي المزيد: في البلدان العربية مضيفات الطيران.. زيّنا الجميل وابتسامتنا العذبة تخفيان مهنةً شاقّةً تحدَّثت العُمانية عالية الفارسي، فنانةٌ تشكيليةٌ ومؤسِّسة ومالكة «صالة فنون رواق عالية»، عن أهمية استقطاب المواهب والمبدعين في مجالات الرؤية البصرية وغيرها من الفنون بالقول: «الفنان ابن بيئته، ومن شبه المستحيل أن تنسلخ أعماله عن هويته وأفكاره التي غُرست فيه منذ طفولته، لذا كانت الفنون الشرقية محط اهتمام المستشرقين الذين انبهروا بالألوان الدافئة، والزخرفات، والتجريد العربي المختلف عن الأنماط التي تعوَّدوا عليها في مناطقهم». مضيفةً «من هنا أرى أن هناك ضرورةً ملحَّةً لاستقطاب فنانين على مستوى عالٍ من الإبداع إلى منطقة الخليج حتى يتعوَّد الجمهور الفني الخليجي على أساليب مختلفة عن تلك التي ألفها من فناني دوله، ولعل هذا الانفتاح قد يفتح آفاقاً أمام فناني الخليج ليتبادلوا الخبرات، ويعرضوا أعمالهم في أقطابٍ مختلفةٍ من العالم». ورأت الفارسي، أن «منطقتنا تتميَّز بحراك فني متزايد ومتسارع، ومع ذلك ما زلنا حديثي عهدٍ بعالم تنظيم المعارض الفنية مقارنةً بأوروبا، لذا أعتقد أن جلب فنانين من القارة العجوز سيثري تجربتنا. وحول أفضل الطرق لتفعيل هذه الخطوة، قالت: «لعل السبيل الأمثل للانطلاق في هذا الطريق، هو برامج التبادل والإقامة الفنية، حيث يتمُّ إرسال عددٍ من الفنانين الخليجيين إلى برامج الإقامة الفنية في مختلف دول العالم، في المقابل يتمُّ منح برامج مشابهة لفنانين عالميين، ما يتيح الفرصة للطرفين لعرض تجاربهم. وأكدت الفارسي، أن «إقامة معارض مشتركة بين فنانين أجانب ومحليين، تشكِّل فرصة للطرفين للوصول إلى قاعدةٍ جماهيريةٍ أوسع، وتعطي الجمهور تجربةً فريدةً في تذوُّق الفن، والتمييز بين بيئة الفنانين وطريقتهم في العمل، وعلى الرغم من أهمية ذلك، إلا أنَّ تطوير الفنان المحلي يجب أن يبقى الهاجس الحقيقي والأسمى من هذه التظاهرات. تابعي المزيد: الجمعيات التعاونية تركيزٌ على الاستهلاكيّة منها.. ومناداةٌ بدعمها ترى نهال زكي، مهندسة تصميم داخلي مصرية، أنه بات واضحاً أن منطقة الخليج ليست وحدها التي تتوسع في السعي إلى استقطاب المواهب ودورها الإبداعي في خلق ميزة تنافسية على كل الأصعدة؛ إذ لطالما كان استقطاب أفضل المواهب والأدمغة هو الشغل الشاغل لكافة دول العالم. تكمن المشكلة في التركيز على استقطاب المواهب عوضاً عن تنميتها وتطويرها من الداخل، الذي أدى إلى التضخم الحاصل في الرواتب وندرة المواهب. وعلى الرغم من خوف أصحاب العمل من الاستثمار في المواهب الداخلية لمعرفتهم بإمكانية انتزاع هذه المواهب منهم، فإن بعض الحكومات كحكومة سنغافورة والحكومة السعودية بدأت بالفعل بتقديم بعض المنح لتغطية تكاليف التدريب. تقول نهال إن استقطاب المواهب الإبداعية في كافة المجالات له جانب إيجابي كبير، خاصة بوجود مواهب متشابهة في المكان نفسه؛ إذ يخلق حالة من التنافس الذي يحفزهم على إخراج الإبداع الوفير من دواخلهم، كما أن نزوح المواهب إلى أي منطقة لا يعني خلوّ الأخرى من مبدعين جدد تخرج من الأماكن التي أوجدت المواهب، إضافة إلى ذلك فإن وجود المواهب في الخليج لا يعني إهمال الطاقات الموجودة في هذه المناطق، بل يجعلها تكتسب من هؤلاء خبرات ومعارف هي بحاجة إليها، وهو الأمر الذي يوّلد مواهب جديدة في البيئات الواعدة حالياً. وترى نهال أن مصير الحركة الإبداعية في مجال الرؤية البصرية في ظل حالة الاستقطاب هي الأوسع انتشاراً؛ لوجود الاهتمام والشغف، لما يحمله هؤلاء من إبداعات في البيئات الجديدة لهم، وبالتالي تكون الاستفادة لجانبي المعادلة، الأول المكان الجديد من خلال لفت النظر للمجالات الإبداعية، والثاني المبدع الذي يجد الأدوات اللازمة لتطوير مواهبه بأحدث الوسائل التكنولوجية. تابعي المزيد: عيد الأضحى لدى الأسر العربية بين الاحتفال والأعباء المالية تشير فاطمة ضيا، فنانة تشكيلية لبنانية، في حديثها إلى أنه «لطالما كانت الفنون معياراً لقياس حضارة الشعوب وتطورها عبر الزمن، كما كانت تمثل هوية المجتمع الثقافية وتراثه، فيعدّ الفن مفتاحاً للتعرّف إلى الحضارات القديمة والحقبة الزمنية التي تنتمي إليها، وبالتالي نسبة تطور المجتمع حينها، فالفن يعدّ لغة عالمية لجأ إليها الإنسان منذ قديم العصور، ولا سيما الفنون التصويرية من فن الرسم والعمارة والنحت والتصميم والحرف اليدوية وغيرها من الفنون، التي أسهمت في تقريب الشعوب من بعضها البعض، وإسقاط جميع الحواجز الطبقية والفكرية واللغوية والانتمائية بينها. الاهتمامُ والدعمُ أمران أساسيان لكل فنان لتطوير نفسه، وتقديم أفضل ما عنده، واتساع قدرته الإبداعية؛ إذ إن الإبداع يحتاج إلى ظروف مادية ونفسية مناسبة، وإمكانات متاحة تجعل الفنان قادراً على العطاء والتميز؛ الأمر الذي بات صعباً في أيامنا هذه في معظم دولنا العربية، ولحسن الحظ، العالم العربي بشكلٍ تام، بل على العكس؛ إذ برزت بعض الدول، وبالأخص دول الخليج، بعد التطور الديموغرافي والاقتصادي والثقافي الكبير الذي شهدته مؤخراً، والذي أعاد الفن العربي إلى خريطة الفن العالمي، وقد شمل هذا التطور السريع المؤسسات الثقافية والفنية. وركزت حكومات هذه الدول كالإمارات العربية المتحدة والسعودية على تنمية قطاع الفن والثقافة. ونراها، اليوم، تستثمر في متاحف حديثة، وتستضيف مهرجانات ومعارض فنية سنوية دولية وإقليمية. كما قامت مؤخراً باستقطاب الفنانين المبدعين من جميع أرجاء العالم. إنَّ ما تقوم به دول الخليج، اليوم، من استقطاب الفنانين ورعايتهم ومدَّ يد المساعدة لهم لعملٌ يُشار إليه بالبنان، وللقائمين على رعايته من أولي الأمر كل الشكر وفائق التقدير والاحترام. تابعي المزيد: في اليوم العالمي للأرامل.. سيدات التضحية والعطاء توضح ابتسام العسري، مهندسة ديكور من المغرب، أن استقطاب المواهب والمبدعين من الوطن العربي والعالم في الإمارات والسعودية أمر إيجابي ومهم لكل مبدع يريد تطوير نفسه أكثر وإظهار قدراته الفنية، فالفن عموماً يحتاج بيئة تحفيزية لمزيد من العطاء، حيث الإمكانات المادية متوافرة، ويوجد أناس يمتلكون مستوى عيش جيد يمّكنهم من تذوق الجمال البصري والفنون بصفة عامة، لأنها تدخل في جودة الحياة بشكل عام. ونحن كحرفيين ومبدعين في مجال الديكور مثلاً نتوق إلى بيئة تعتني بمنتوجنا، فكلما كان الإقبال على ما تعمل تمكنت من زيادة جرعة عطائك أكثر، لأن المنافسة ستكون أقوى. وتعلق قائلة: «شخصياً أرى أن استقطاب المواهب في مجال الفنون بصفة عامة من شأنه تطوير الحركة الفنية، وخلق أسواق كبرى للمنافسة، والفنان ذاته يتغذى من الاهتمام بما يبدع ويصنع، وأعتقد أن كثيراً من المبدعين لا يحتاجون إلى الاستقطاب؛ بل هم أنفسهم يبحثون في دول الخليج عن فرص لإظهار قدراتهم والحصول على الاعتراف والتقدير، وبالنسبة للشباب تجدهم من تلقاء أنفسهم يبحثون عن فضاء يستوعب أفكارهم ويقدر ما يقومون به. وتضيف ابتسام العسري: «للمغرب باع كبير في الإمارات والسعودية من حيث العمارة الأندلسية والديكور الداخلي للبيوت والفنادق، ثمة حركة كبيرة ومهمة بخصوص فن البناء والديكور والزخرفة المغربية، وهو أمر جيد كما ذكرت يحفز المواهب ويفتح مجال الاجتهاد والابتكار، من دون أن ننسى طبعاً التنافسية التي تخلقها هذه الدول في الأسواق وإقامة المعارض الكبرى وتنظيم تظاهرات وخلق جوائز للإبداع الفني، كل ذلك يسهم في تقديري بتطوير حركة الإبداع. تابعي المزيد: اليوم العالمي للوالدين كيْفَ نَرُدُّ الجَميْل؟ في إطار التوجّهات اللافتة لكلٍ من المملكة العربية السّعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، تسعى الدولتان إلى استقطاب الكفاءات المتميزة في مختلف القطاعات الحيوية، ممن تتوافر فيهم شروط الإبداع والابتكار؛ حيث تم منح الجنسية السعودية على سبيل المثال لعدد كبير من الشخصيات المتخصصة والبارزة في قطاعات العلوم والطب والفنون، وغيرها، كما منحت الإمارات آلاف الإقامات الذهبية لمن توافرت فيهم الشروط ذاتها. من تلك القطاعات التي يتم استقطابها أيضاً المبدعون في مجالات الفنون البصرية المتنوعة، وحول ذلك التقينا عدداً من التشكيليات ومهندسات التصميم، ليتحدثن عن أهمية هذه الخطوة وتأثيرها الإيجابي في الحراك الثقافي والفني والاجتماعي في الدولتين.الرّياض | محمود الديب Mahmoud Aldeep، زكية البلوشي Zakiah Albalushi الشّرقيّة | عواطف الثنيان Awatif Althunayan دبي | لينا الحوراني Lina Alhorani بيروت | عفت شهاب الدين Ifate Shehabdine القاهرة | أيمن خطّاب Ayman Khattab المغرب | سميرة مغداد Samira Maghdad من الرياض علا حجازي: علا حجازي المعارض الفنية بوتقة لانصهار الخبرات الفنية منذ بدايات الفن التشكيلي السعودي والسعودية تستقطب الفنانين الموهوبين وتدعمهم فنياً. هكذا بدأت علا حجازي، فنانة تشكيلية، حديثها، وأضافت أنه خلال العقود الماضية كانت رعاية الشباب تقتني أعمال الفنانين التشكيليين الناشئين عن طريق المسابقات الفنية، وتنظّم المعارض الفنية في داخل السعودية وخارجها. وظلّ اهتمام السعودية بالفن التشكيلي مستمراً، وتطور بعد أن انتقلت مهمات المسابقات من رعاية الشباب إلى وزارة الثقافة. فقد اهتم الدكتور عبد العزيز السبيل، وكيل وزارة الثقافة سابقاً، وأمين جائزة الملك فيصل حالياً، بالفن التشكيلي بدعمه للفنانين التشكيليين، سواء من الناشئين أو الروّاد، وفي عهده شاركت السعودية في بينالي فينسيا. اهتمام وزارة الثقافة تتابع حجازي: «مع بدء تدشين رؤية 2030، اهتمت وزارة الثقافة بالفنانين الموهوبين، عن طريق مشاركة المتميزين منهم في مشروعات، مثل برنامج إقامة فنان. كما نظّمت لهم المعارض، وأخرجت أعمالهم بصورة عالمية في كتب تشكيلية وفيديوهات. وهكذا تعرّف العالم الخارجي إلى فنانين سعوديين متميزين في طرح أفكارهم الفنية وتنفيذها على خامات متعددة. وفي الفترة الحالية، زاد اهتمام وزارة الثقافة بالفنانين الشباب؛ فظهرت أسماء جديدة بفضل اهتمام الوزارة بعرض أعمالهم في معارض فنية ضخمة، وأذكر على سبيل المثال بينالي الدرعية، ومعرض نور الرياض، وموسم الرياض، وموسم جدة، وآرت دبي، وغيرها من المعارض، والأنشطة، والفعاليات المختلفة والمتعددة. وقد أسهمت كل هذه الأنشطة في تحوّل السعودية إلى وجهة فنية وحاضنة للفن البصري عامة، والفن التشكيلي خاصة، وكل هذا أفضى إلى ظهور أعداد كبيرة من الموهوبين المتميزين وأصحاب الأعمال المتميزة محلياً، والموهوبين وأصحاب الخبرات عربياً وعالمياً؛ لتصبح المعارض الفنية السعودية بوتقة لانصهار مختلف الخبرات والفنون». إثراء الفنون البصرية تستطرد حجازي قائلة: «إضافة إلى نجاح السعودية في تنظيم واستقطاب معارض فنية عالمية، وما تقوم به مؤسسة محمد بن سلمان «مسك» من ورش ومعارض ودعم أسهم في إثراء الفن التشكيلي والعديد من أنواع الفنون البصرية الأخرى؛ فقد أدى ذلك كله إلى زيادة الوعي بالفن، وكان له دور محوري في فتح مدارك الموهوبين فنياً، وزيادة معارفهم وثقافتهم، وتشجيعهم على التجريب والإبداع في ممارسة الفن التشكيلي. ولم يكن اهتمام السعودية على الصعيد الداخلي فحسب؛ بل كان لها اهتمام بمشاركة الفن السعودي على الصعيد العالمي في معارض عالمية، مثل: بينالي فينسيا، وإكسبو دبي. وكل هذه الجهود تجعلنا نقرر أن الفن السعودي قفز نحو العالمية. ولأننا في عصر منصات التواصل، فقد أصبح في متناول كل موهوب فنياً الاطلاع على الثقافات والمدارس الفنية وأحدث اتجاهات الفن. وأصبحت المنصات وسيلة مهمة للانتشار الفني، والتعرّف إلى ما يدور حولنا من فنون، سواء عن طريق منصة إنستغرام، والسناب شات، وتويتر، أو فيس بوك، وغيرها من المنصات التي تحظى بملايين من المتابعين. إنّ الفن يحيط بنا، وكل ما علينا هو أن نلتقط ما يحوّل حياتنا لإبداعات مختلفة؛ فالبقاء رغم الكثرة للفنان المتميز والمختلف في عطائه». تابعي المزيد: في يومها العالمي ..الصداقة كيف نفهمها ونكرسها للحب والسلام؟ من الشرقية فاطمة النمر: فاطمة النمر الفنانُ يعكسُ نظرة مجتمعه للعالم ترى فاطمة النمر، فنانة تشكيلية سعودية، أن الفنان يعكس نظرة مجتمعه من جهة، ومدى اهتمام دولته باستقطاب المواهب الشابة والمبدعين من جميع دول العالم في مجالات الرؤية البصرية من خلال نشر جمالية الفنون التشكيلية، من جهة أخرى، مشيرة إلى أن رؤية المملكة وقيمها تتماشى مع توجه المملكة لرؤية 2030؛ حيث تتمثل رؤيتها في تمكين الموهبة والإبداع؛ كونهما الرافد الأساس لازدهارها، عن طريق إيجاد بيئة محفزة للموهبة والإبداع، وتعزيز الشغف بكافة أنواع الفنون والعلوم لبناء قادة المستقبل. مستهدفات الرؤية أوضحت فاطمة النمر، أنه تحقيقاً لمقولة الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد، عندما: «سنجمع المبدعين والموهوبين من كل العالم لصنع شيء مختلف» فإن اهتمامه وتشجيعه للفنانين وتأسيس قاعدة راسخة وتوثيق الفن وحقوق الفنانين السعوديين واستقطاب المبدعين حول العالم من أسس الرؤية، كما وعَدّهم مصدر قوة ودعم، وأعطاهم مساحة لإبرازها من دون النظر إلى جنس أو عرق أو دين، لتحقيق مستهدفات الرؤية ومواكبة الحراك الشامل في المملكة لبناء الإنسان والاستثمار في قدرته وإمكاناته، وما تزخر به من طاقات بشرية موهوبة ومبدعة في شتى المجالات، يتجاوز إبداعها خارج الوطن ليصل إلى العالمية. وترى فاطمة النمر نفسها من خلال الفن عن طريق أعمالها التي توثق فيها تاريخ النساء وثقافتهن وتطلعاتهن، وحرصت فيها على تطوير فلسفة فكرية ومفاهيم معاصرة لتقديم فلسفة الوجود في الصورة والتشكيل، بينما استعانت باستراتيجيات جمالية جعلتها تنتمي إلى مدرسة فنية محددة. وبينت النمر انعكاسات الاهتمام بالمواهب والمبدعين على المستقبل، من خلال صناعة الإبداع بتوفير بيئة حاضنة، وتقديم الدعم اللازم لهم لصقل مواهبهم، وتنمية قدراتهم، وتطويرها بالورش التدريبية والبرامج والمبادرات والمشاركات الفنية بالمعارض والمحافل الدولية، وأخيراً تمكينهم وتحويل أفكارهم إلى منتجات ذات قيمة مضافة للاقتصاد الوطني. تابعي المزيد: بعد أن كانت مهددة بالزوال أنامل ناعمة تعيد الحياة للمهن التراثية من الإمارات الجود لوتاه: الجود لوتاه المبدعون يخلقون فرص العمل أحد الأمور التي تميزنا في هذه المنطقة هو وجود البنية التحتية السليمة، التي تبنى عليها الأفكار والأحلام، لذلك نرى اليوم ارتفاعاً ملحوظاً في عدد المبدعين في كافة مجالات العمل الإبداعي، وخاصة البصرية منها. انتبهت الإمارات مبكراً، كما تجد الجود لوتاه، مصممة ديكور، لأهمية استقطاب المبدعين والاهتمام بهم. تتابع قائلة: «نستطيع أن نرى ذلك عبر المبادرات المختلفة في مناطق الإمارات، وبرامج المنح والإقامة الفنية التي نجدها - على سبيل المثال لا الحصر - في warehouse421 ومركز تشكيل الفني». في صدارة الدول اتساع الوعي الفني في المنطقة كان محظوظاً، وبرأي الجود، أنه بدعم من الهيئات الحكومية، التي سهلت من تمكين المبدعين لأن يكونوا جزءاً من الاقتصاد الإبداعي. «وزارة الثقافة في الإمارات وهيئة دبي للثقافة والفنون تقومان بجهود جبارة ساعدتنا نحن بوصفنا رواد الأعمال في القطاع الإبداعي أو مصممين وفنانين على تسليط الضوء علينا وعلى أعمالنا؛ ما أعطانا المساحات المطلوبة للتعبير عن أنفسنا». لا تستغرب، الجود، أن نكون اليوم في صدارة الدول المستقطبة للفنانين في العالم. فبرنامج المنح الثقافية طويلة الأمد، الذي تقدمه هيئة دبي للثقافة والفنون، ويعدّ الأول من نوعه في العالم، لم يأت من فراغ. قفزة للاقتصاد الإبداعي الفنُ جزءٌ من تاريخ المجتمع الذي رُسم أو نُحت أو كُتب أو صُمّمَ بمشاعر أبنائه. تعلّق الجود: «تزايد عدد المبدعين هو قفزة للاقتصاد الإبداعي، فالمبدعون يخلقون فرص العمل، وفرص العمل تخلق المزيد من الوظائف، ويزيد فعل الخير بعضه بعضاً. فالقطاع الإبداعي بحاجة إلى المزيد من المبدعين، والمبدعون بحاجة إلى بيئة حالمة ذات بنية تحتية ثقافية قوية»، تضيف الجود: «منطقتنا هي المنطقة الإبداعية الأكثر حيوية في العالم وهذه ليست سوى البداية». تابعي المزيد: في البلدان العربية مضيفات الطيران.. زيّنا الجميل وابتسامتنا العذبة تخفيان مهنةً شاقّةً من عُمان عالية الفارسي: عالية الفارسي منطقتنا تتميَّز بحراك فني متسارع تحدَّثت العُمانية عالية الفارسي، فنانةٌ تشكيليةٌ ومؤسِّسة ومالكة «صالة فنون رواق عالية»، عن أهمية استقطاب المواهب والمبدعين في مجالات الرؤية البصرية وغيرها من الفنون بالقول: «الفنان ابن بيئته، ومن شبه المستحيل أن تنسلخ أعماله عن هويته وأفكاره التي غُرست فيه منذ طفولته، لذا كانت الفنون الشرقية محط اهتمام المستشرقين الذين انبهروا بالألوان الدافئة، والزخرفات، والتجريد العربي المختلف عن الأنماط التي تعوَّدوا عليها في مناطقهم». مضيفةً «من هنا أرى أن هناك ضرورةً ملحَّةً لاستقطاب فنانين على مستوى عالٍ من الإبداع إلى منطقة الخليج حتى يتعوَّد الجمهور الفني الخليجي على أساليب مختلفة عن تلك التي ألفها من فناني دوله، ولعل هذا الانفتاح قد يفتح آفاقاً أمام فناني الخليج ليتبادلوا الخبرات، ويعرضوا أعمالهم في أقطابٍ مختلفةٍ من العالم». ورأت الفارسي، أن «منطقتنا تتميَّز بحراك فني متزايد ومتسارع، ومع ذلك ما زلنا حديثي عهدٍ بعالم تنظيم المعارض الفنية مقارنةً بأوروبا، لذا أعتقد أن جلب فنانين من القارة العجوز سيثري تجربتنا. برامج التبادل والإقامة الفنية وحول أفضل الطرق لتفعيل هذه الخطوة، قالت: «لعل السبيل الأمثل للانطلاق في هذا الطريق، هو برامج التبادل والإقامة الفنية، حيث يتمُّ إرسال عددٍ من الفنانين الخليجيين إلى برامج الإقامة الفنية في مختلف دول العالم، في المقابل يتمُّ منح برامج مشابهة لفنانين عالميين، ما يتيح الفرصة للطرفين لعرض تجاربهم. وأكدت الفارسي، أن «إقامة معارض مشتركة بين فنانين أجانب ومحليين، تشكِّل فرصة للطرفين للوصول إلى قاعدةٍ جماهيريةٍ أوسع، وتعطي الجمهور تجربةً فريدةً في تذوُّق الفن، والتمييز بين بيئة الفنانين وطريقتهم في العمل، وعلى الرغم من أهمية ذلك، إلا أنَّ تطوير الفنان المحلي يجب أن يبقى الهاجس الحقيقي والأسمى من هذه التظاهرات. تابعي المزيد: الجمعيات التعاونية تركيزٌ على الاستهلاكيّة منها.. ومناداةٌ بدعمها من مصر نهال زكي: نهال زكي استقطاب المواهب الشغل الشاغل لكافة دول العالم ترى نهال زكي، مهندسة تصميم داخلي مصرية، أنه بات واضحاً أن منطقة الخليج ليست وحدها التي تتوسع في السعي إلى استقطاب المواهب ودورها الإبداعي في خلق ميزة تنافسية على كل الأصعدة؛ إذ لطالما كان استقطاب أفضل المواهب والأدمغة هو الشغل الشاغل لكافة دول العالم. تكمن المشكلة في التركيز على استقطاب المواهب عوضاً عن تنميتها وتطويرها من الداخل، الذي أدى إلى التضخم الحاصل في الرواتب وندرة المواهب. وعلى الرغم من خوف أصحاب العمل من الاستثمار في المواهب الداخلية لمعرفتهم بإمكانية انتزاع هذه المواهب منهم، فإن بعض الحكومات كحكومة سنغافورة والحكومة السعودية بدأت بالفعل بتقديم بعض المنح لتغطية تكاليف التدريب. جانبٌ إيجابيٌّ كبيرٌ تقول نهال إن استقطاب المواهب الإبداعية في كافة المجالات له جانب إيجابي كبير، خاصة بوجود مواهب متشابهة في المكان نفسه؛ إذ يخلق حالة من التنافس الذي يحفزهم على إخراج الإبداع الوفير من دواخلهم، كما أن نزوح المواهب إلى أي منطقة لا يعني خلوّ الأخرى من مبدعين جدد تخرج من الأماكن التي أوجدت المواهب، إضافة إلى ذلك فإن وجود المواهب في الخليج لا يعني إهمال الطاقات الموجودة في هذه المناطق، بل يجعلها تكتسب من هؤلاء خبرات ومعارف هي بحاجة إليها، وهو الأمر الذي يوّلد مواهب جديدة في البيئات الواعدة حالياً. وترى نهال أن مصير الحركة الإبداعية في مجال الرؤية البصرية في ظل حالة الاستقطاب هي الأوسع انتشاراً؛ لوجود الاهتمام والشغف، لما يحمله هؤلاء من إبداعات في البيئات الجديدة لهم، وبالتالي تكون الاستفادة لجانبي المعادلة، الأول المكان الجديد من خلال لفت النظر للمجالات الإبداعية، والثاني المبدع الذي يجد الأدوات اللازمة لتطوير مواهبه بأحدث الوسائل التكنولوجية. تابعي المزيد: عيد الأضحى لدى الأسر العربية بين الاحتفال والأعباء المالية من لبنان فاطمة ضيا: فاطمة ضيا الاهتمام والدعم يتيحان للفنان تطوير نفسه تشير فاطمة ضيا، فنانة تشكيلية لبنانية، في حديثها إلى أنه «لطالما كانت الفنون معياراً لقياس حضارة الشعوب وتطورها عبر الزمن، كما كانت تمثل هوية المجتمع الثقافية وتراثه، فيعدّ الفن مفتاحاً للتعرّف إلى الحضارات القديمة والحقبة الزمنية التي تنتمي إليها، وبالتالي نسبة تطور المجتمع حينها، فالفن يعدّ لغة عالمية لجأ إليها الإنسان منذ قديم العصور، ولا سيما الفنون التصويرية من فن الرسم والعمارة والنحت والتصميم والحرف اليدوية وغيرها من الفنون، التي أسهمت في تقريب الشعوب من بعضها البعض، وإسقاط جميع الحواجز الطبقية والفكرية واللغوية والانتمائية بينها. الفنُ العربيُ إلى العالمية الاهتمامُ والدعمُ أمران أساسيان لكل فنان لتطوير نفسه، وتقديم أفضل ما عنده، واتساع قدرته الإبداعية؛ إذ إن الإبداع يحتاج إلى ظروف مادية ونفسية مناسبة، وإمكانات متاحة تجعل الفنان قادراً على العطاء والتميز؛ الأمر الذي بات صعباً في أيامنا هذه في معظم دولنا العربية، ولحسن الحظ، العالم العربي بشكلٍ تام، بل على العكس؛ إذ برزت بعض الدول، وبالأخص دول الخليج، بعد التطور الديموغرافي والاقتصادي والثقافي الكبير الذي شهدته مؤخراً، والذي أعاد الفن العربي إلى خريطة الفن العالمي، وقد شمل هذا التطور السريع المؤسسات الثقافية والفنية. وركزت حكومات هذه الدول كالإمارات العربية المتحدة والسعودية على تنمية قطاع الفن والثقافة. ونراها، اليوم، تستثمر في متاحف حديثة، وتستضيف مهرجانات ومعارض فنية سنوية دولية وإقليمية. كما قامت مؤخراً باستقطاب الفنانين المبدعين من جميع أرجاء العالم. إنَّ ما تقوم به دول الخليج، اليوم، من استقطاب الفنانين ورعايتهم ومدَّ يد المساعدة لهم لعملٌ يُشار إليه بالبنان، وللقائمين على رعايته من أولي الأمر كل الشكر وفائق التقدير والاحترام. تابعي المزيد: في اليوم العالمي للأرامل.. سيدات التضحية والعطاء من المغرب ابتسام العسري: ابتسام العسري الفن عموماً يحتاج بيئة تحفيزية توضح ابتسام العسري، مهندسة ديكور من المغرب، أن استقطاب المواهب والمبدعين من الوطن العربي والعالم في الإمارات والسعودية أمر إيجابي ومهم لكل مبدع يريد تطوير نفسه أكثر وإظهار قدراته الفنية، فالفن عموماً يحتاج بيئة تحفيزية لمزيد من العطاء، حيث الإمكانات المادية متوافرة، ويوجد أناس يمتلكون مستوى عيش جيد يمّكنهم من تذوق الجمال البصري والفنون بصفة عامة، لأنها تدخل في جودة الحياة بشكل عام. ونحن كحرفيين ومبدعين في مجال الديكور مثلاً نتوق إلى بيئة تعتني بمنتوجنا، فكلما كان الإقبال على ما تعمل تمكنت من زيادة جرعة عطائك أكثر، لأن المنافسة ستكون أقوى. وتعلق قائلة: «شخصياً أرى أن استقطاب المواهب في مجال الفنون بصفة عامة من شأنه تطوير الحركة الفنية، وخلق أسواق كبرى للمنافسة، والفنان ذاته يتغذى من الاهتمام بما يبدع ويصنع، وأعتقد أن كثيراً من المبدعين لا يحتاجون إلى الاستقطاب؛ بل هم أنفسهم يبحثون في دول الخليج عن فرص لإظهار قدراتهم والحصول على الاعتراف والتقدير، وبالنسبة للشباب تجدهم من تلقاء أنفسهم يبحثون عن فضاء يستوعب أفكارهم ويقدر ما يقومون به. العمارة الأندلسية وتضيف ابتسام العسري: «للمغرب باع كبير في الإمارات والسعودية من حيث العمارة الأندلسية والديكور الداخلي للبيوت والفنادق، ثمة حركة كبيرة ومهمة بخصوص فن البناء والديكور والزخرفة المغربية، وهو أمر جيد كما ذكرت يحفز المواهب ويفتح مجال الاجتهاد والابتكار، من دون أن ننسى طبعاً التنافسية التي تخلقها هذه الدول في الأسواق وإقامة المعارض الكبرى وتنظيم تظاهرات وخلق جوائز للإبداع الفني، كل ذلك يسهم في تقديري بتطوير حركة الإبداع. تابعي المزيد: اليوم العالمي للوالدين كيْفَ نَرُدُّ الجَميْل؟
مشاركة :