سهل الله جل وعلا لعباده المسلمين ويسر أداء نسك الحج منذ هيأ مكان البيت لإبراهيم عليه السلام وأوحى إليه رفع القواعد من البيت ودعا ربه أن يجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وأن يرزقهم الله من خيراته. توارث المسلمون حج البيت الحرام، على مر العصور رغم ما مر من فترات عطل فيها إرهابيون نسك الحج. في مقابل هذا السلوك المشين، كان التسابق لإعمار البيت والمشاعر حلبة تنافس بين من تولوا الحكم في مكة، سواء أكان تأمين طرق الوصول أو يسر التنقل واستطاعة الزاد والراحلة. إن ما حظي به الحج من اهتمام متعدد الرؤى والاجتهادات، كانت أعمالا صالحة يتقرب بها إلى الله احتسابا وإحسانا. في عصرنا الحديث منذ قرن من الزمان، منذ كانت السيادة والقيادة للعهد السعودي، تأسيساً وترسيخا من الملك المؤسس عبدالعزيز رحمه الله ومن خلفه من القيادات من بنيه، رحم الله من مضى منهم وأعز من بقي، والحال في تطوير متوال في دراسات فنية ومعمارية إنشائية للحرم المكي، تماشيا مع تزايد أعداد الحجاج من كل فج عميق، ومن ينظر بعين الإنصاف فيما حصل من توسعات، فإن ذلك يرتقي بالفكر والنظر، بل الإعجاب رغم أنوف من يحسدون وطننا على ما تم من تطوير وتحديث. قبل أسبوعين كتب البروفيسور صالح عبدالعزيز الكريم مقالاً في صحيفة المدينة، اقترح فيه اقتراحا بديعا فحواه أن يتم فيه حل بناء قطار (جلف كار) في الدور الثاني من الحرم ليكون الطواف فيه لكبار السن ومن به عجز ضعف، وذلك تخفيفا وإبعادا للمشقة، وتسهيلا للطواف بعيدا عن زحام الطواف سواء في صحن المطاف أو الأدوار العليا ذات المساحة الطويلة. تواصلت مع البروفيسور الكريم بواسطة الواتساب شاكرا له هذا التفكير الخلاق والاقتراح المبهج. ثم نقلت مقاله للبروفيسور عبدالله بن جنيدب العتيبي مهندس توسعة الحرم المكي الأخيرة وطلبت رأيه في مقترح الأخ عبدالعزيز الكريم، فأفادني أكرمه (إن التصميم الحالي يتضمن تصميم لقطار في دور الميزانين الأول والميزانين الثاني ومحطات لهما في مبنى الخدمات الشمالي، وجاهز للتنفيذ متى ما اعتمد ذلك). هذان الرجلان من نوابغ البناة الفكري العلمي الناضج، من أبناء وطننا الكبير المملكة العربية السعودية، أرض الأرومة والقبلة والاستقبال. وهنا فلعلي أقتدي بهما وأقترح أن يظلل صحن المطاف بمظلات متحركة آلياً، فتحاً وإغلاقاً، كم هو الحال في المسج النبوي في الفراغ المكشوف بين التوسعات وبين الحرم في اتجاه القبلة، وهي التي تشغل عند نزول المطر وسطوع الشمس وقت الهاجرة حيث الحر الشديد. ولا أعلم إن كان بالإمكان تطبيق الرذاذ كما هو الحال في مشعر عرفات تلطيفا للجو. ولعل هنا أرجو الله جل وعلا أن يكون تحقيق ما أشير إليه هنا، أن يكون مشروعا للملك سلمان أعزه الله كتوسعة أسوة واقتداء بمن سبقوه من ملوك وطننا رحمه الله. ولعل نظر الملك وولي العهد سلمهما الله في الأمر والتوجيه باعتماد ما يلزم لتنفيذ قطار الطواف ليكون عملا يستوجب الدعاء لهما بالجزاء الأوفى.
مشاركة :