بغداد - يسعى زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر لتوسيع قاعدته الشعبية ضمن المعركة التي يخوضها ضد خصومه الشيعة من قوى الإطار التنسيقي وقلب موازين القوى استنادا إلى الشارع العرقي، حيث باشر، وفق ما ذكر الأحد مصدر لوكالة 'شفق نيوز' العراقية الكردية، اتصالات مع حراك تشرين وهو الحراك الشعبي الذي خاض احتجاجات عارمة في أكتوبر/تشرين الأول 2019 ضد الطبقة السياسية الشيعية التي هيمنت على السلطة منذ العام 2003. ودخل الصدر لعبة الاستقطاب بمغازلة حراك تشرين المناوئ للقوى الشيعية الموالية لإيران لتعزيز وتوسيع الاعتصام الذي يخوضه أنصاره في باحات ومحيط البرلمان العراقي من أجل تضييق الخناق على خصومه من 'الإطار التنسيقي' الذي يضم الأحزاب الخاسرة في انتخابات أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي والتي عادت لتهيمن على البرلمان بعد انسحاب الكتلة الصدرية صاحبة العدد الأكبر من المقاعد. وباستثناء ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي الذي حصل على 33 مقعدا في الانتخابات التشريعية الأخيرة، فقدت الأحزاب الشيعية الكبيرة معظم مقاعدها ونفوذها وهي ثغرة يستثمرها الصدر في معركته الحالية من خلال العمل على تعزيز حزامه الشعبي. وبحسب الوكالة العراقية الكردية، نقلا عن مصدر من 'حراك تشرين' فإن زعيم التيار الصدري أجرى اليوم الأحد اتصالا هاتفيا بعدد من نشطاء الحراك وذلك لبحث ضمهم إلى اعتصام أنصاره في المنطقة الخضراء. وقال المصدر إن نشطاء الحراك تواصلوا بدورهم مع مع اللجنة السباعية التي شكلها الصدر لمناقشة الأمر، مضيفا "الصدر قال خلال المكالمة الهاتفية التي استمرت لسبع دقائق، إن أبواب الحنانة (مقر إقامته في النجف) مفتوحة أمام الناشطين في أي وقت للحوار والنقاش وسبل محاسبة الفاسدين والقتلة وان كانوا من التيار الصدري". وعزف الصدر على وتر المحاسبة لاستمالة نشطاء حراك تشرين الذي قتل منه 600 بنيران قوات الأمن وميليشيات الأحزاب الشيعية الموالية لإيران وكانوا قد فقدوا الأمل في أن يتم محاسبة الجناة وكبح عمليات الخطف والاحتجاز والتعذيب. وذكر المصدر من حراك تشرين أن الصدر شدد خلال المكالمة الهاتفية على "محاسبة الفاسدين في الحكومات السابقة وقتلة المتظاهرين وتسليمهم للقضاء". ولم يتم حتى الآن اي لقاء على الأرض بين نشطاء تشرين والتيار الصدري لكن اللجنة التي شكلها الصدر تعمل على ترتيب لقاءات بهدف ضم هؤلاء إلى حراك الصدريين. وقال المصدر "بعد المكالمة مع الصدر، حدث اتصال بين الناشطين واللجنة السباعية أيضا لكن لا يوجد أي لقاء على أرض الواقع جمع الناشطين واللجنة المذكورة". ويدرس نشطاء تشرين حاليا عرض الصدر الذي سبق أن اتهمه الحراك الشعبي بخيانة تحركهم، لكن في ظل الوضع الراهن وسيطرة الصدريين على الشارع والتحكم نوعا ما في ادارة اللعبة السياسية لا تستبعد مصادر عراقية أن ينضم هؤلاء أو جزء منهم لاعتصام الصدريين. وذكر مصدر من التيار الصدري أن "هناك تنسيقا مسبقا بين اللجنة التنسيقية للاعتصام وعدد من الأشخاص الذين يمثلون الحراك الشعبي لتظاهرات تشرين"، مشيرا إلى أن "مطالب ممثلي تظاهرات تشرين مشروعة وأنها لا تختلف عن مطالب المعتصمين، الكل يريد محاسبة الفاسدين وقتلة المتظاهرين والشعب العراقي وإنهاء حكومة المحاصصة عبر إجراء الانتخابات المبكرة وتشكيل حكومة أغلبية وطنية تخدم الشعب العراقي"، وفق ما نقلته عنه الوكالة العراقية. وينفتح المشهد السياسي العراقي على كل السيناريوهات المحتملة بينما يبدو حاليا في مرحلة تشكل تحالفات لإدارة معركة الشارع التي يجيدها الصدر، فيما سبق أن طالب حراك تشرين التيار الصدري بضمانات أن لا يدير ظهره لهم كما حصل في السابق وهو ما يبدو أنه شرط للانضمام لاعتصام الصدريين في المنطقة الخضراء. بغداد - أبدى الخصوم السياسيون للزعيم الشيعي العراقي مقتدى الصدر الخميس "دعمهم" لدعوته إلى إجراء انتخابات تشريعية مبكرة في العراق، بشروط فضفاضة، في حين يواصل أنصاره اعتصامهم في مقر البرلمان منذ ستة أيام. والأربعاء طالب الصدر في خطاب متلفز بحلّ البرلمان العراقي، وإجراء انتخابات مبكرة، معتبراً في الوقت نفسه أن "لا فائدة ترتجى من الحوار" مع خصومه في الإطار التنسيقي. والخميس أصدر الإطار بيانا أكد فيه "دعمه لأي مسار دستوري لمعالجة الأزمات السياسية وتحقيق مصالح الشعب بما في ذلك الانتخابات المبكرة بعد تحقيق الإجماع الوطني حولها وتوفير الأجواء الآمنة لإجرائها"، دون توضيحات حول كيفية تحقق أي منهما. وشدد الإطار التنسيقي، في البيان الذي صدر بعد اجتماع "طارئ" للقوى الشيعية في منزل رئيس تيار الحكمة عمار الحكيم، على وجوب أن "يسبق كل ذلك، العمل على احترام المؤسسات الدستورية وعدم تعطيل عملها". وجاء في البيان ايضا "يبقى سقفنا القانون والدستور ومصلحة الشعب". وفي حين لم يتطرق بيان "الإطار التنسيقي" إلى تفاصيل أكثر حول الاجتماع، نسبت وكالة "شفق نيوز" المحلية، إلى من وصفته بأنه مصدر مقرّب من الإطار قوله، ان الاجتماع "ركّز على أهمية تشكيل الحكومة برئاسة محمد شياع السوداني"، مبيناً أن "الأخير سيتولى مهمة التهيئة للانتخابات المبكرة". والسوداني مقرب من إيران، وسبق أن تولى مناصب حكومية، بينما يدعو التيار الصدري وقوى عراقية أخرى إلى اختيار شخصية لم تتقلد أي مناصب. وأضاف المصدر لـ"شفق نيوز" دون الكشف عن هويته، أن "الجميع اتفقوا على تفويض رئيس تحالف الفتح الذي يقود الإطار التنسيقي حاليا باعتباره القائد الأكبر سناً للتحاور باسم الإطار أو الجلوس إلى طاولة حوار واحدة مع زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر بغية الوصول إلى حلول واقعية تنهي الأزمة السياسية". ولفت المصدر إلى أن الاجتماع "ناقش أيضاً جملة من السُبل التي يمكن اعتمادها. وسيتم الإعلان عنها في وقتها". وكان مكتب رئيس "تحالف الفتح" هادي العامري قد أصدر الخميس بيانا أيد فيه اجراء الانتخابات المبكرة التي دعا إليها الصدر، مستدركاً أن هذا "يتطلب حواراً وطنياً شاملاً يحدد موعد وآليات ومتطلبات إجرائها، وتوفير المناخات المناسبة لانتخابات حرة ونزيهة وشفافة". ولا تزال الأزمة السياسية في البلاد قائمةً بقوّة، إذ يعيش العراق شللاً سياسياً تاماً منذ الانتخابات التشريعية في تشرين الأول/أكتوبر 2021. ولم تفضِ مفاوضات لامتناهية بين القوى السياسية الكبرى إلى انتخاب رئيس للجمهورية وتكليف رئيس للحكومة. وفي حين يمارس الضغط الشعبي على خصومه، ترك الصدر لهم مهمة تأليف الحكومة، بعدما استقال نواب التيار الصدري الـ73 في حزيران/يونيو الماضي من البرلمان، رغم أنهم كانوا يشغلون ككتلة، أكبر عدد من المقاعد فيه. وينصّ الدستور العراقي في المادة 64 على أن حلّ مجلس النواب يتمّ "بالأغلبية المطلقة لعدد أعضائه، بناءً على طلبٍ من ثلث أعضائه، أو طلبٍ من رئيس مجلس الوزراء وبموافقة رئيس الجمهورية، ولا يجوز حل المجلس في أثناء مدة استجواب رئيس مجلس الوزراء". وفي استعراض جديد للقوة مرتقب الجمعة، دعا المصدر مناصريه إلى إقامة صلاة الجمعة في المنطقة الخضراء شديدة التحصين في بغداد والتي تضم مؤسسات حكومية وسفارات. وسبق أن أقام مئات الآلاف من مناصري التيار الصدري صلاة الجمعة في هذه المنطقة في منتصف تموز/يوليو.
مشاركة :