أحمد السعداوي (أبوظبي) «البحر»، «اليواني»، «الشعر»، «الواحة»، أسماء بيوت تراثية انتشرت في أرجاء ساحات مهرجان الشيخ زايد التراثي، لتنقل لجموع الجماهير صورة حية من أساليب حياة الإماراتيين قديماً، وكيف استطاعوا الحفاظ على هذا الموروث المحلي الفريد بمختلف أشكاله وأنماطه، باعتباره جزءاً رئيساً من تاريخ الأجداد الذي يفخر به كل أبناء الإمارات ويسعون إلى توصيل رسائله إلى العالم أجمع عبر عديد من الفعاليات المحلية والعالمية، ومنها مهرجان الشيخ زايد التراثي المقام في منطقة الوثبة بأبوظبي وتستمر فعالياته حتى الثاني من يناير المقبل، وسط احتفاء محلي وعالمي غير مسبوق بالحدث التراثي الذي يحمل اسم المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي رسخ في نفوس الجميع قيمة التراث والسعي إلى حفظه بكافة الأساليب والوسائل استناداً إلى مقولته الشهيرة «من ليس له ماض.. ليس له حاضر ولا مستقبل» بيئات مختلفة يقول الخبير التراثي، بخيت الخييلي، إن الفعاليات نشرت نماذج حية للبيوت التي استخدمها أهل الإمارات في بيئاتهم المختلفة، ونقلت الزائرين في رحلة بعيدة إلى أعماق التاريخ يتعرفون من خلالها بشكل حي على أساليب حياة الأجداد والتغلب على الظروف البيئية المختلفة المحيطة بهم، وكيف أن الإنسان الإماراتي القديم تعب في إيجاد مفردات بسيطة لصنع منها أغراض متنوعة أفادته في مسيرة حياته على أرض الآباء والأجداد، ومن هذه البيوت، «بيت البحر» الذي كان يعيش فيه سكان المناطق الساحلية، ومن أهم مكوناته البراجيل التي استخدمت كمكيفات طبيعية من خلالها تأتي النسمات الباردة إلى أهل الدار فيتغلبون بها على حرارة الجو وتفريغ المنزل من الهواء الساخن في الوقت ذاته عبر النظام الدقيق التي بنيت به هذه البراجيل بارتفاعات تصل أحيانا إلى 40 متراً للأثرياء والمقتدرين ماديا، أما باقي الأفراد فيقومون بعمل براجيل متوسطة الارتفاع ولا تتجاوز 5 أمتار فقط، وإلى جانب البراجيل نجد «اليزايا»، وهي عبارة عن مجموعة من سعف النخيل جمعت إلى جوار بعضها بواسطة الحبال، ثم يتم وضعها أعلى المنزل لنكون سقفا له، وتقي أهله حجر الشمس وتسهم بين فتحاتها البسيطة في إدخال نسمات الهواء. أما بيت «اليواني»، فيتم استخدامه في ليالي الصيف ويصنع من الخيش، وهو من أنواع البيوت المعروفة في بادية الإمارات ووجوده ضمن القرية التراثية التي أقامها نادي تراث الإمارات ضمن مشاركته الكبيرة في فعاليات المهرجان، تدل على أن هذا البيت كان له انتشاره في حياة أهل الصحراء وكانوا يلجؤون إليه في حال عدم توافر أنواع أخرى من البيوت الأكثر كلفة مثل بيت الشعر وبيت البحر. بيت العريش وهناك أيضاً «بيت الشعر» وهو أشهر البيوت البدوية على الإطلاق، وكثيرا ما نجده في كافة الفعاليات التراثية في الدولة باعتباره من رموز التراث الإماراتي الأصيلة ومن خلاله تقدم واجبات الضيافة وأصول «السنع والمواجيب» للضيوف ويتعرفون إلى القهوة العربية والتمر وغيرها من رموز الضيافة التي يجدها الزوار متوافرة في بيوت الشعر، التي تصنع من شعر الماعز وصوف الغنم الذي يتم غزله إلى أشكال جميلة من خلال حرفة «السدو» ويبلغ ارتفاع بيت الشعر غالبا حوالي 8 أقدام، وبعد أن تحدد مساحة البيت المراد بنائه، يتم الاستعانة بمجموعة من الحبال والأوتاد والأعمدة من أجل تثبيت المنزل ومقاومته لتيارات الهواء التي أحيانا تكون شديدة بقدر يكفي لإسقاط البيت إذا لم يكن مترابطا ومثبتا جيدا في الأرض من خلال الأوتاد. ... المزيد
مشاركة :