يحصي أهالي غزة المصدومون من الهجوم دولة الاحتلال الإسرائيلي الأضرار فيما بدؤوا بالبحث بين أنقاض منازلهم وإزالتها بعد تثبيت الهدنة بين إسرائيل وحركة الجهاد الإسلامي إثر ثلاثة أيام دامية قتل خلالها العشرات فيما تعود الحياة تدريجيًا إلى طبيعتها الاثنين مع عودة الكهرباء. أعيد تشغيل محطة توليد الكهرباء الوحيدة في غزة بعدما سمحت اسرائيل بدخول شاحنات محملة بالوقود إلى القطاع بعد يومين من توقفها عن العمل، بحسب ما أفاد محمد ثابت الناطق باسم شركة الكهرباء. أحيا وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه الأحد قبل منتصف الليل الامل في إنهاء أعنف مواجهات منذ الحرب التي استمرت 11 يومًا العام الماضي وألحقت دمارا هائلا في القطاع. فعلى الرغم من وقوع سلسلة من الضربات والهجمات الصاروخية في الفترة التي سبقت دخول الهدنة حيز التنفيذ، لم يُبلّغ أيّ طرف عن أيّ خرق جدي لها حتى الان. وأفادت وزارة الصحّة في غزّة عن مقتل 44 فلسطينيا بينهم 15 طفلا، وإصابة أكثر من 360 بجروح. لذلك فقد أثار انقطاع الكهرباء السبت القلق من تأثير ذلك على المستشفيات والمنشآت الأخرى المهمة. أعلنت اسرائيل عن "فتح المعابر مع قطاع غزة لاعتبارات إنسانية ابتداء من التاسعة صباح الاثنين". وقال مدير معبر كرم أبو سالم التجاري بسام غبن "من المتوقع أن يقوم الاحتلال بإدخال 30 شاحنة محملة بالوقود لشركة توليد الكهرباء بغزة". وقال الجيش إنه "سيستمر رفع القيود تدريجاً بالتزامن مع تقييم الوضع"، بعد إبلاغ الإسرائيليين المقيمين بالقرب من القطاع على البقاء على استعداد للنزول إلى الملاجئ. حالة رعب في مختلف المناطق التي قصفها الطيران الإسرائيلي، بدأ سكان غزة بإزالة الانقاض وإنقاذ بعض من مقتنياتهم من تحت المنازل المدمرة، فيما أحصت وزارة الأشغال العامة بإحصاء الأضرار في الوحدات السكنية. وأفادت الوزارة في بيان أن "الاحتلال دمر خلال عدوانه الأخير على القطاع 18 وحدة سكنية دمارًا كليًا، و71 دمارًا جزئيًا (جعلها) غير صالحة للسكن، و(أصيبت) 1675 وحدة بدمار جزئي" وهي ما زالت صالحة للسكن. وقال سهيل البواب (56 عاما) من مدينة غزة "عشنا الأيام الثلاثة في حالة خوف ورعب. لم نكن نحب الليل، فالاطفال يبكون طوال الليل من الخوف. مرت علينا ثلاثة أيام مريرة وصعبة". وأضاف "لم تعد الناس تحتمل. الوضع المعيشي صعب جدا في غزة. نحن نتوق للعيش حياة كريمة ولا نريد حربا كل ستة أشهر". وتابع "الآن نقوم بتفقد احوالنا بعد أن عادت الحياة الى مجراها. نحن حزينون على شهدائنا، وفي نفس الوقت نشعر بالراحة للتوصل الى هدنة". من جهته رحب محمد الأي الذي يبلغ 40 عاماً ويقيم في حي التفاح شرق مدينة غزة عن ارتياحه "لإنهاء الوضع المأساوي". وقال "لدينا عدد كبير من الشهداء والجرحى والدمار لكن غزة تحاول مداواة جراحها". في مدينة عسقلان، إلى الشمال من غزة عاد الناس إلى الشاطئ. وقال إيتان كاسانديني وهو يجلس في أحد المقاهي: "بعد أن دمرناهم بأمكننا النوم بسلام. لا أعتقد أن حركة الجهاد ستفعل اي شيء مرة أخرى في السنوات الثلاث أو الأربع المقبلة". هدنة هشة قُبيل سريان الهدنة التي تمّ التوصّل إليها بوساطة مصريّة، أعلن الجيش الإسرائيلي أنّه شنّ ضربات على مواقع للجهاد الإسلامي في غزّة "ردًا على صواريخ أطلِقت "على جنوب إسرائيل حيث دوّت صفّارات الإنذار. وبعد التأكيد على دخول الهدنة حيز التنفيذ، قال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لبيد إنه "في حال خُرق وقف إطلاق النار، تحتفظ دولة إسرائيل بحقّها في الرّدّ بقوّة". كذلك، أعلنت حركة الجهاد الإسلامي بدء سريان الهدنة، مؤكدة على حقّها في "الردّ على أيّ عدوان صهيوني". ورحّب الرئيس الأميركي جو بايدن الأحد بهذه الهدنة، حاضًّا جميع الأطراف على التقيد بها. واعتبر بايدن أنّ "التقارير عن سقوط ضحايا مدنيّين في غزّة هي مأساة"، داعيًا إلى إجراء تحقيقات بشأنهم. وقال عضو الجهاد الإسلامي محمد الهندي إن اتفاق وقف إطلاق النار "يتضمن التزام مصر بالعمل على إطلاق سراح أسيرين" هما القيادي بسام السعدي في الجناح السياسي للحركة وتم اعتقاله مؤخرًا في جنين بالضفة الغربية المحتلة، وخليل عواودة المعتقل في إسرائيل. لكن اذاعة "كان" الاسرائيلية التي تبث بالعربية نقلت عن مصدر مسؤول أن اسرائيل غير ملتزمة باطلاق سراح السعدي وعووادة". هجوم قوي بدأ الجيش الإسرائيلي الجمعة غاراته الجوية وقصفه المدفعي على القطاع المحاصر في ما وصفه بأنه "ضربة استباقيّة" تستهدف حركة الجهاد الإسلامي التي اتهمتها بالتخطيط لهجوم وشيك. وردت الحركة بإطلاق مئات من الصواريخ من القطاع. وقالت الحركة الاثنين إن 12 من قيادييها وأعضائها قتلوا في الهجمات الإسرائيلية بينهم القياديان تيسير الجعبري في مدينة غزّة وخالد منصور في رفح جنوبيّ القطاع. واعترضت الأنظمة الإسرائيلية غالبية الصواريخ التي سقط بعضها في إسرائيل وتسبب بإصابة ثلاثة أشخاص بجروح، بحسب الجيش الإسرائيلي. وقال مسؤول اسرائيلي الاثنين إن "معظم المدنيين الذين قتلوا في غزة قتلوا بصواريخ الجهاد الاسلامي" لأنها لم تصب هدفها أو عانت خللا عند الإطلاق. وقال الجيش الإسرائيلي في وقت سابق إنّ لديه أدلّةً "دامغة" على أنّ صاروخًا أطلقته حركة الجهاد الإسلامي تسبّب بمقتل عدد من الأطفال في جباليا في شمال غزّة السبت. في اليومين الأخيرين، اعتقلت القوّات الإسرائيليّة 40 عنصرًا في الحركة في الضفّة الغربيّة. المواجهة الأخيرة هي الأعنف منذ حرب مايو 2021 التي استمرّت 11 يومًا ودمّرت القطاع الساحلي الفقير موقعة 260 قتيلًا في الجانب الفلسطيني بينهم مقاتلون، و14 قتيلًا في الجانب الإسرائيلي بينهم جندي، وفق السلطات المحلّية.
مشاركة :