مرسين (تركيا) - أطلق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الثلاثاء حملة جديدة للتنقيب عن الغاز في البحر الأبيض المتوسط ، مؤكدا أنها ستجري قبالة الساحل التركي وفي المياه الإقليمية التركية، محاولا بذلك تجنب إثارة أيّ جدل مع اليونان وقبرص، لكن الخطوة في حدّ ذاتها ستؤجج التوتر القائم أصلا في شرق المتوسط حول مكامن الغاز والنفط التي اكتشفت حديثا وفتحت صفحة مواجهة بين أنقرة وعددا من دول المنطقة. والعلاقات بين تركيا واليونان وقبرص متوترة ليس فقط بسبب النزاع حول حقوق التنقيب عن النفط والغاز في شرق المتوسط بل أيضا بسبب عدة قضايا خلافية من ضمنها نزاعا بحريا في بحر ايجه ووضع قبرص التي تحتل أنقرة شطرها الشمالي منذ غزوها شبه الجزيرة في العام 1974 والذي أفضى إلى انقسامها إلى شطرين: يوناني وتركي. كما تتبادل تركيا واليونان اتهامات بالمسؤولية عن موجات الهجرة السرية. وقال الرئيس التركي اليوم الثلاثاء خلال الاحتفال في ميناء مرسين (جنوب) بمغادرة سفينة التنقيب الجديدة "عبدالحميد هان" للمشاركة في مهمّة مدّتها شهران "سيتم الحفر في المياه الواقعة تحت سلطتنا. لسنا بحاجة إلى إذن من أحد". وحرص أردوغان على تحديد وجهة السفينة، إذ قال "ستتوجه سفينتنا إلى الحقل رقم واحد في يوروكلر على بعد 55 كيلومترا قبالة غازي باشا" الميناء الواقع على بعد 180 كيلومترا شرق أنطاليا، مضيفا "لن يتوقف قاربنا في مكان آخر ولن يذهب إلى آبار أخرى". وتسبّبت حملة التنقيب السابقة في شرق البحر الأبيض المتوسط وهي منطقة يحتمل أن تكون غنية بالغاز الطبيعي، في سلسلة من الحوادث مع اليونان في صيف العام 2020، ومع قبرص في أكتوبر/تشرين الأول من العام نفسه. وكانت أنقرة قد نشرت سفن مسح زلزالية ترافقها سفنٌ حربية في مناورة أدانها الاتحاد الأوروبي بشدّة. وتتنازع تركيا على الحدود البحرية في البحر الأبيض المتوسط مع اليونان وقبرص وتمّ تحديدها بعد تفكيك الدولة العثمانية. وقال أردوغان "بحثنا عن طرق للرد على مشكلة اعتمادنا على موارد الطاقة الخارجية"، مؤكدا أن سفينة "عبدالحميد هان" "هي رمز سياسة الطاقة الجديدة في تركيا"، مضيفا "من الآن، دخلنا في اللعبة عبر سفينة التنقيب الرابعة وسفينتي المسح الزلزالي". وفقا للرئيس التركي من المتوقّع أن تصل فاتورة الغاز في بلاده إلى 100 مليار دولار في العام 2022. وفي هذا الإطار، قال "كلّما أسرعنا في زيادة مواردنا من الغاز والنفط والتي أصبحت أسلحة خلال أوقات الأزمة الاقتصادية العالمية، كان بإمكاننا الخروج منها بشكل أفضل عبر خفض الاعتماد على الطاقة المستوردة وخفض العجز في ميزانيّتنا". وتركيا واحدة من الدول المتعطشة للطاقة وتستورد معظم احتياجاتها خاصة من الغاز من إيران وروسيا وكازاخستان. وواجهت العام الماضي أزمة خانقة حين انقطع عنها الغاز الإيراني لفترة بسبب ما قالت حينها إنه عطل فني. وفرضت الحكومة التركية قيودا على استهلاك الطاقة وخفضت توقيت عمل المصانع، فيما ارتفعت أسعار الكهرباء بنحو ثلاثة أضعاف، ما أثقل كاهل الأتراك وتكبد قطاع الصناعة خسائر ضخمة.
مشاركة :