بسم الله الرحمن الرحيم مع أعظم آية في كتاب الله

  • 8/12/2022
  • 01:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

بقلم‭: ‬د‭. ‬غريب‭ ‬جمعة   الحلقة‭ ‬الثالثة‭ ‬ السادسة‭: ‬‮«‬يَعْلَمُ‭ ‬مَا‭ ‬بَيْنَ‭ ‬أَيْدِيهِمْ‭ ‬وَمَا‭ ‬خَلْفَهُمْ‮»‬ لما‭ ‬أشارت‭ ‬الجملة‭ ‬السابقة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الشافاعة‭ ‬تكون‭ ‬لدى‭ ‬الله‭ ‬الحكم‭ ‬العدل‭ ‬جاءت‭ ‬هذه‭ ‬الجملة‭ ‬لتبين‭ ‬السبب‭ ‬في‭ ‬إنكار‭ ‬أن‭ ‬يشفع‭ ‬عند‭ ‬الله‭ ‬أحد‭ ‬إلا‭ ‬بإذنه‭ ‬وهو‭: ‬أن‭ ‬يعلم‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬من‭ ‬أمور‭ ‬الدنيا‭ ‬التي‭ ‬خلفوها‭ ‬وأمور‭ ‬الآخرة‭ ‬التي‭ ‬يستقبلونها،‭ ‬فلا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يخفى‭ ‬عليه‭ ‬من‭ ‬أمور‭ ‬المشفوع‭ ‬فيه‭ ‬ما‭ ‬يجعله‭ ‬ينزل‭ ‬على‭ ‬حكم‭ ‬الشافع‭ ‬فهو‭ ‬تعالى‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬منزه‭ ‬عن‭ ‬الظلم‭ ‬منزه‭ ‬عن‭ ‬الجهل‭ ‬لذلك‭ ‬قال‭ ‬تعالى‭: ‬‮«‬يَعْلَمُ‭ ‬مَا‭ ‬بَيْنَ‭ ‬أَيْدِيهِمْ‭ ‬وَمَا‭ ‬خَلْفَهُمْ‮»‬‭.‬ وما‭ ‬ورد‭ ‬من‭ ‬أحاديث‭ ‬الشفاعة‭ ‬فهو‭ ‬محمول‭ ‬على‭ ‬الدعاء‭ ‬الذي‭ ‬يفعل‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬عنه‭ ‬ما‭ ‬سب‭ ‬في‭ ‬علمه‭ ‬الأزلي‭ ‬أنه‭ ‬سيفعله‭. ‬هذا‭ ‬مع‭ ‬القطع‭ ‬بأن‭ ‬الشافع‭ ‬لا‭ ‬يغير‭ ‬من‭ ‬علمه‭ ‬شيئًا‭ ‬ولا‭ ‬يحدث‭ ‬تأثيرًا‭ ‬في‭ ‬إرادته‭. ‬وبذلك‭ ‬تظهر‭ ‬كرامة‭ ‬الله‭ ‬لعبده‭ ‬بما‭ ‬أوقع‭ ‬من‭ ‬الفعل‭ ‬عقب‭ ‬دعائه‭ (‬قاله‭ ‬شيخ‭ ‬الإسلام‭ ‬بن‭ ‬تيمية‭ (‬1‭))‬ السابعة‭: ‬‮«‬وَلاَ‭ ‬يُحِيطُونَ‭ ‬بِشَيْءٍ‭ ‬مِّنْ‭ ‬عِلْمِهِ‭ ‬إِلاَّ‭ ‬بِمَا‭ ‬شَاء‮»‬ أي‭ ‬ولا‭ ‬يطلع‭ ‬أحد‭ ‬على‭ ‬شيء‭ ‬من‭ ‬علم‭ ‬الله‭ ‬إلا‭ ‬بما‭ ‬أعلمه‭ ‬إياه‭ ‬عزوجل‭ ‬وأطلعه‭ ‬عليه،‭ ‬ومن‭ ‬تلك‭ ‬الأشياء‭ ‬الشفاعة‭ ‬فهي‭ ‬متوقفة‭ ‬على‭ ‬إذنه‭ ‬تعالى‭ ‬وإذنه‭ ‬لا‭ ‬يعلم‭ ‬إلا‭ ‬بوحي‭ ‬منه‭ ‬جل‭ ‬جلاله‭.‬ والله‭ ‬تعالى‭ ‬واسع‭ ‬الملك‭ ‬والقدرة‭ ‬والأرض‭ ‬جميعًا‭ ‬قبضته‭ ‬يوم‭ ‬القيامة‭ ‬والسماوات‭ ‬مطويات‭ ‬بيمينه‭ ‬يحيط‭ ‬علمه‭ ‬بجميع‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬السماوات‭ ‬والأرض‭ ‬ويعلم‭ ‬صغار‭ ‬الأمور‭ ‬وكبارها‭ ‬ودقيقها‭ ‬وعظيمها‭ ‬لا‭ ‬يشغله‭ ‬سمع‭ ‬عن‭ ‬سمع‭ ‬ولا‭ ‬يشق‭ ‬عليه‭ ‬أمر‭.‬ الثامنة‭: ‬‮«‬وَسِعَ‭ ‬كُرْسِيُّهُ‭ ‬السَّمَاوَاتِ‭ ‬وَالأَرْضَ‮»‬‭.‬ نسمع‭ ‬علماء‭ ‬الفلك‭ ‬وغيرهم‭ ‬يقولون‭ ‬اكتشفنا‭ ‬النجم‭ ‬الفلاني‭ ‬والكوكب‭ ‬الفلاني‭ ‬وأمواجًا‭ ‬من‭ ‬الطاقات‭ ‬مترامية‭ ‬في‭ ‬أبعادها‭ ‬يرونها‭ ‬خيالًا‭ ‬من‭ ‬الخيالات،‭ ‬وما‭ ‬هي‭ ‬إلا‭ ‬حقائق‭ ‬ماثلة‭ ‬بين‭ ‬أيديهم‭. ‬ ولكن‭ ‬ما‭ ‬يدخل‭ ‬في‭ ‬حدود‭ ‬الفكر‭ ‬الإنساني‭ ‬إن‭ ‬هو‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬حدود‭ ‬ما‭ ‬يتصور‭ ‬ولكن‭ ‬هناك‭ ‬مسافات‭ ‬وأبعادا‭ ‬فوق‭ ‬الحدود‭ ‬والتصور‭ ‬وفوق‭ ‬المقادير‭ ‬المعروفة،‭ ‬وفوق‭ ‬المسافات‭ ‬التي‭ ‬تدرك،‭ ‬حدود‭ ‬لا‭ ‬نهاية‭ ‬لها‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬علمه‭ ‬تعالى‭ ‬وإحاطة‭ ‬العلماء‭ ‬بشيء‭ ‬منه‭ ‬مما‭ ‬وصلوا‭ ‬إليه‭ ‬ومما‭ ‬سيصلون‭ ‬إليه‭ ‬إن‭ ‬هو‭ ‬إلا‭ ‬ما‭ ‬شاء‭ ‬الله‭ ‬لهم‭ ‬وسوف‭ ‬يرون‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬أدهش‭ ‬وأعجب‭ ‬‮«‬سَنُرِيهِمْ‭ ‬آيَاتِنَا‭ ‬فِي‭ ‬الْآفَاقِ‭..‬‮»‬‭ ‬وكل‭ ‬ذلك‭ ‬محاط‭ ‬بسعة‭ ‬كرسي‭ ‬الله‭ ‬الذي‭ ‬يقول‭ ‬فيه‭ ‬‮«‬وَسِعَ‭ ‬كُرْسِيُّهُ‭ ‬السَّمَاوَاتِ‭ ‬وَالأَرْضَ‮»‬‭.‬ وقد‭ ‬تعددت‭ ‬الأقوال‭ ‬والآراء‭ ‬في‭ ‬قوله‭ ‬تعالى‭:‬ ‮«‬وَسِعَ‭ ‬كُرْسِيُّهُ‮»‬‭ ‬هل‭ ‬هو‭ ‬علم‭ ‬الله‭ ‬أو‭ ‬ملك‭ ‬من‭ ‬الملائكة‭ ‬أو‭ ‬جسم‭ ‬كثيف‭ ‬أو‭ ‬لطيف‭ ‬إلى‭ ‬آخر‭ ‬هذه‭ ‬الأقوال‭.‬ وخير‭ ‬لنا‭ ‬ان‭ ‬نختار‭ ‬بين‭ ‬رأي‭ ‬السلف‭ ‬الصالح‭ ‬فنسلم‭ ‬ونقول‭:‬ له‭ ‬تعالى‭ ‬كرسي‭ ‬كما‭ ‬أنبأ‭ ‬عن‭ ‬نفسه‭ ‬ولا‭ ‬ندري‭ ‬كنهه‭ ‬ناظرين‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬دائرة‭ ‬‮«‬ليس‭ ‬كمثله‭ ‬شيء‮»‬‭ ‬أو‭ ‬نتبع‭ ‬رأي‭ ‬الخلف‭ ‬فنقول‭ ‬كما‭ ‬قيل‭ ‬في‭ ‬الاستواء‭ ‬على‭ ‬العرش،‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬تمثيل‭ ‬لملك‭ ‬الله‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬ما‭ ‬يعرفه‭ ‬الناس‭ ‬من‭ ‬شأن‭ ‬الملوك‭.‬ وكاتب‭ ‬هذه‭ ‬الصفحات‭ ‬يأخذ‭ ‬برأي‭ ‬السلف‭ ‬الصالح‭ ‬رضي‭ ‬الله‭ ‬عنهم‭ ‬فهو‭ ‬أسلم‭ ‬ورضي‭ ‬الله‭ ‬عن‭ ‬الإمام‭ ‬الشافعي‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يقول‭:‬ ‮«‬آمنت‭ ‬بكلام‭ ‬الله‭ ‬على‭ ‬مراد‭ ‬الله‮»‬‭.‬ ‭(‬الكرسى‭: ‬الياء‭ ‬لغير‭ ‬النسب‭ ‬وهو‭ ‬مشتق‭ ‬من‭ ‬الكِرس‭ ‬وهو‭ ‬الجمع‭ ‬ومنه‭ ‬الكراسة‭ ‬للصحائف‭ ‬الجامعة‭ ‬للعلم‭).‬ ‭ (‬وإلى‭ ‬حلقة‭ ‬قادمة‭ ‬إن‭ ‬شاء‭ ‬الله‭)‬

مشاركة :