على خطى السلطة الفلسطينية: حماس تسعى لجباية أموال المساعدات غزة – قال مراقبون فلسطينيون إن ما يهم حماس حاليا هو جباية الأموال الخاصة بالمساعدات أو إعادة الإعمار من أجل ضمان بقائها في السلطة، وإن آخر ما يهمها هو تنفيذ ما ترفعه من شعارات حول المقاومة ومواجهة إسرائيل. يأتي هذا في وقت ازداد فيه منسوب الانتقادات الموجهة إلى الحركة بسبب حيادها في المواجهات الأخيرة بين حركة الجهاد الإسلامي وإسرائيل والذي أثبت أن ما يهم الحركة هو كسب ثقة الأطراف الخارجية واعترافها الضمني بقدرة الحركة على حكم القطاع. ويرى المراقبون أن حماس صارت تبحث عن شرعية الخارج أكثر من اهتمامها بتطورات الوضع الداخلي في القطاع، وأنها أدارت ظهرها لفصائل المقاومة وباتت تضيق الخناق على مطلقي الصواريخ، لافتين إلى أن الحركة تسعى لمنافسة السلطة الفلسطينية على الاعتراف الخارجي مستفيدة من تراجع دور الرئيس محمود عباس ومحدودية علاقاته الخارجية. ويعتقد هؤلاء المراقبون أن حماس بدأت تجني ثمار هذه السياسة من خلال سماح إسرائيل بمرور بعض المساعدات إليها، وخاصة الآتية من قطر، وهو أمر من المرجح أن يتعزز أكثر بعد الحياد الذي أبدته الحركة في المواجهات الأخيرة. إسرائيل تعمل على منع الانفجار في غزة عبر بعض التسهيلات الاقتصادية وإعطاء حماس ورقة يمكن أن تدافع بها عن التهدئة وأعلن إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، الجمعة أن دولة قطر تعهدت بإعادة إعمار البيوت المهدمة جراء التصعيد الإسرائيلي الأخير الذي استهدف قطاع غزة. وبحسب بيان صادر عن مكتب هنية، فإن وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني أبلغ زعيم حركة حماس بالموافقة على إعادة إعمار البيوت المهدمة. وكان ناجي سرحان، وكيل وزارة الأشغال العامة والإسكان بغزة، قد قال في وقت سابق إن “العدوان الأخير تسبب في هدم 18 وحدة سكنية بشكل كلي، وتَعرُّضِ 71 وحدة سكنية لهدم بليغ وأصبحت غير صالحة للسكن، فيما طالت الأضرار الجزئية نحو 1675 وحدة سكنية”. ولا تسلّم الأموال مباشرة من قطر إلى حركة حماس خوفا من أن يتم توظيفها في شراء الأسلحة والعتاد لجناحها العسكري كتائب القسام، وإنما تمر عبر البنوك الإسرائيلية، ويتم تحويلها إلى الحركة بحسب سلوكها السياسي والأمني وقدرتها على ضبط المجموعات الأخرى. وكانت إسرائيل وقطر قد اتفقتا في أغسطس من العام الماضي على آلية جديدة تقضي بتحويل المساعدات المالية القطرية عبر بنوك إسرائيل وعبر الأمم المتحدة وبإشراف إسرائيل. ووفقا للاتفاق ستقوم قطر بتحويل الأموال إلى الأمم المتحدة التي ستصدر بطاقات يتم شحنها لسحب الأموال النقدية من البنوك في قطاع غزة. وتشمل المنحة شراء وقود من إسرائيل لصالح تشغيل محطة توليد الكهرباء في القطاع. كما وقعت اللجنة القطرية لإعمار غزة مع الأمم المتحدة مذكرة تفاهم لتوزيع منحة قطر النقدية لصالح 100 ألف أسرة فقيرة في القطاع شهريا، اعتبارا من سبتمبر من العام الماضي. ويقول محللون فلسطينيون إن حماس أجرت مراجعة داخلية تنص على تجنب التصعيد مع إسرائيل والكف عن إطلاق الشعارات والتهديدات الموجهة ضدها ومنع أي صدام، معتبرين أن الحركة وقفت على حقيقة أن المواجهة غير متكافئة وأن حماس ستجد نفسها كل عام تطلب الأموال لإعادة الإعمار دون أن تتمكن من تحقيق الاستقرار الذي تنشده لإقناع الخارج، وخاصة الولايات المتحدة، بأنها يمكن أن تكون بديلا عن السلطة الفلسطينية، وإظهار الليونة الكافية في مواقفها من أجل الوصول إلى هذا الهدف. وفي المقابل تعمل إسرائيل على تخفيف التوتر على حدودها مع قطاع غزة، عبر جملة من التسهيلات الاقتصادية وزيادة عدد العمال من قطاع غزة العاملين في إسرائيل، وخصوصا أن نسبة البطالة في القطاع تتجاوز 50 في المئة. وفي أبريل الماضي زادت إسرائيل عدد تصاريح العمل التي تعطيها لعمال من القطاع إلى 12 ألفا وخصصت معظمها للعاملين في قطاعي الزراعة والبناء داخل الدولة العبرية. ويقول خبراء إن إسرائيل تعمل على منع انفجار الأوضاع في غزة من خلال بعض التسهيلات الاقتصادية وزيادة عدد العمال، وإعطاء حماس ورقة يمكن أن تدافع بها عن التهدئة. وتريد إسرائيل تأكيد أنها لا تمانع في مساعدة سكان غزة وأن الحصار المفروض لدواع أمنية بدليل أنها تسمح بنقل الأموال القطرية، وأن ما يهمها وجود جهة قادرة على ضبط الوضع في القطاع.
مشاركة :