ركزت وسائل إعلام إسرائيلية على قرار الرئيس الفلسطيني محمود عباس الإطاحة باللواء توفيق الطيراوي، عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح»، الرئيس السابق لجهاز المخابرات العامة في السلطة الفلسطينية، العضو البارز باللجنة المركزية لحركة «فتح» الحاكمة، من منصب رئيس مجلس أمناء جامعة الاستقلال، وهي الجامعة الوحيدة التابعة للسلطة الفلسطينية التي تقدم دراسات في العلوم الأمنية والعسكرية، باعتبار أن القرار أحدث مؤشر على تصاعد التوتر بين كبار المسؤولين والضباط الفلسطينيين، في المعركة على خلافة عباس نفسه. وكان عباس قد أقال يوم الاثنين الماضي، الرئيس السابق لجهاز المخابرات العامة في السلطة، بعد أيام من تسريبات هاجم فيها الطيراوي أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، حسين الشيخ، المقرب جداً من عباس، وشوَّه فيها صورته، وهو تسجيل قال الطيراوي إنه مفبرك. وقالت هيئة البث الإسرائيلية العامة وصحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية، إن «الإطاحة بالطيراوي مؤشر مهم على تصاعد الخلافات في معركة خلافة عباس». والتقارير الإسرائيلية مرتبطة بطبيعة الحال بتقديرات أمنية إسرائيلية، إذ تراقب إسرائيل، وربما تتدخل في سير الترتيبات لما بعد عباس، وهو أمر موضوع على طاولة الأجهزة الأمنية وكبار المسؤولين منذ سنوات. وبالإضافة إلى إقالة الطيراوي من منصبه في جامعة الاستقلال، تم سحب حراس الأمن المتمركزين خارج منزل الطيراوي الذين يتولون حمايته. وقال الطيراوي (73 عاماً)، إنه لا يعرف سبب سحب الحراسة الأمنية، وإنه سمع بقرار طرده من الإعلام. الخلافات التي خرجت إلى العلن، جاءت في وقت ينظر فيه كثير من الفلسطينيين إلى حسين الشيخ، البالغ من العمر 61 عاماً، على أنه مرشح رئيسي لخلافة عباس، كما يرى أنصار الطيراوي أيضاً أنه مرشح مناسب ليحل محل عباس، وبالطبع يوجد منافسون آخرون. وقالت «جيروزاليم بوست»، إن هذا الإجراء (الإقالة وسحب الحراس)، غالباً ما تتخذه قيادة السلطة الفلسطينية من أجل معاقبة كبار المسؤولين الفلسطينيين الذين ينتقدون عباس وغيره من قادة السلطة الفلسطينية. ويهدف أيضاً إلى إذلال معارضي عباس: «بجعلهم يبدون أقل أهمية مما هم عليه». وفي السنوات القليلة الماضية، انتقد الطيراوي مراراً، القيادة الفلسطينية، بما في ذلك عباس، وحمَّلهم المسؤولية عن الفساد المالي وسوء الإدارة. وبحسب الصحيفة الإسرائيلية، فإن الطيراوي وعدداً من قادة «فتح» المخضرمين، من ضمنهم جبريل الرجوب ومحمود العالول وعزام الأحمد، يعارضون بشدة قرار عباس الدفع بالشيخ إلى منصب أمين سر منظمة التحرير الفلسطينية، وهو منصب يمكن أن يمهد الطريق ليكون الرئيس المقبل للسلطة الفلسطينية. وشكل قرار عزل الطيراوي مفاجأة لبعض نشطاء «فتح» الذين قالوا إن هذه علامة أخرى على معركة الخلافة المحتدمة في السلطة الفلسطينية، وزعموا أن عباس يحاول التخلص من معظم خصومه داخل «فتح». وقال أحد النشطاء إن «الطيراوي شخصية ذات شعبية كبيرة ومؤثرة. ولديه أتباع كثيرون؛ خصوصاً من تخرجوا في جامعته؛ مما كان يعزز مكانته». بينما أعرب عضو آخر في «فتح»، عن مخاوفه من أن التحرك ضد الطيراوي سيزيد من تفتيت الحركة، ويفاقم التوتر بين قادتها. هذا، وقد شكل عباس مجلس أمناء جديد لجامعة الاستقلال الحكومية، ضم نائب رئيس الوزراء زياد أبو عمرو، وعضو تنفيذية المنظمة أحمد مجدلاني، وأعضاء اللجنة المركزية لحركة «فتح»: عزام الأحمد، وروحي فتوح، والحاج إسماعيل جبر، وصبري صيدم، واللواء ماجد فرج (مدير المخابرات)، واللواء يوسف الحلو (مدير الشرطة)، واللواء نضال أبو دخان (مدير الأمن الوطني)، واللواء زكريا مصلح (مدير الاستخبارات العسكرية)، واللواء يوسف دخل الله، واللواء زياد هب الريح (وزير الداخلية)، والعميد عبد القادر التعمري، وليلى غنام، محافظة رام الله والبيرة، والمستشار علي مهنا. وفوراً انتخب أعضاء مجلس الأمناء الجديد لجامعة الاستقلال، اللواء إسماعيل جبر، رئيساً للمجلس، خلفاً للواء توفيق الطيراوي، واللواء زكريا مصلح مدير جهاز الاستخبارات العسكرية، أميناً للسر. وأكد عباس للمجلس الجديد، الدور الكبير والمهم الذي تلعبه جامعة الاستقلال بشقيها الأكاديمي والأمني، في رفد قطاع الأمن الفلسطيني بالخبرات المؤهلة علمياً وأكاديمياً. قرار عباس اتخذ بعد تسريبات على مواقع التواصل الاجتماعي، هاجم فيها صوت شبيه بصوت الطيراوي، حسين الشيخ، بشدة، وشوَّه صورته، وكذلك هاجم جبريل الرجوب. ورد الطيراوي بأنها «تسريبات مدبلجة قام بها مشبوهون وصناع فتن»، وأن لا علاقة له بهذه التسريبات. يذكر أنه قبل الطيراوي، فصل عباس من مركزية «فتح»، العام الماضي، ناصر القدوة، بعد ترؤسه قائمة انتخابية منافسة لحركة «فتح» في الانتخابات التشريعية التي لم تُعقد، وقبلها بسنوات في عام 2011، فصل القيادي محمد دحلان من مركزية «فتح»، وكان دحلان مستشاراً للأمن القومي. وقال بحث حديث في معهد دراسات الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب، إنه لا وجود لسيطرة مركزية في تنظيم «فتح»، وأن التقسيم إلى مجموعات، والتصّرف وفق التعليمات المحلية، يقوّض الاستقرار في الضفة الغربية، ويضعف حكم عباس، ويشكل تحدياً معقداً لإسرائيل.
مشاركة :