اعتلى صهوة «الثقافة» واصطفى حظوة «الصحافة «وانتشى سطوة «الأدب» فكان «خازن» البدايات وسادن «النهايات» الذي حمل «راية» الدوافع» وحقق «غاية» المنافع في مسيرة اكتملت «بدراً» في سماء «التمكن» وتكاملت «جبراً «في أرجاء «التمكين».. عاش بين إلهام «الموهبة» واستلهام «المثوبة» ورتب «مواعيد القصص» على أسوار «الإنتاج» حيث نفخ بأنفاس «الإبداع» في روح «الكتابة» موزعاً «غنائم» الفرح في «مهاجع» الحائرين ومهدياً «مغانم» المرح في «أوساط» التائهين.. بين «الألفة» الذاتية و»اللهفة» الإبداعية بنى صروح «التأليف» وأجاد معاني «التوصيف» ليعتنق «التأنق» الأدبي ويعانق «التألق» الثقافي ممهوراً بسلطنة «السعي» ومشهوراً بهيمنة «الوعي» في إضاءات العلم وإمضاءات العمل.. إنه الكاتب والأديب الراحل علوي طه الصافي -رحمه الله- أحد أبرز الأدباء والقاصين والكتّاب في الوطن والخليج.. بوجه «جازاني» الملامح «وطني» المطامح مسكون بالصمت تملؤه «سمات» الرقي وتسكنه «بصمات» النبوغ وملامح «جنوبية» بحكم «الأصول» وعينان تسطعان بالحنكة وأناقة وطنية تعتمر «البياض» وشخصية هادئة «الطباع» واسعة «الاطلاع» وكاريزما تتجلى فيها معاني «الذوق» الشخصي وتتعالى وسطها صفات «النبل» الذاتي وصوت ممتلئ بمفردات فاخرة تكاد ترى بالبصر وصدى أصيل خليط بين اللهجة البيضاء واللغة الفصحى قضى الصافي من عمره عقود وهو يواءم بين «حياة» عملية فاخرة بالأداء و»سيرة» مهنية زاخرة بالعطاء في صالات التحرير وعلى طاولات القرار وفي ردهات المكتبات وبين ثنايا التأثير صحافياً وكاتباً ومسؤولاً وأديباً ملأ مكانه بالذكر الحسن وعطَّر زمانه بالاستذكار الجميل في محطات «عمر» قطعها بأنفاس «طويلة» عكست «فروسيته» الأدبية ورسخت «فراسته» العملية ليكون أحد أعمدة الحركة الثقافية والحراك الأدبي والإنجاز الوطني.. ولد الصافي في محافظة «صبيا» الدرة الجنوبية الساطعة في عقد «جازان» المضيء عام 1944 واحتفى قومه بقدومه على «أصداء» الطبل و»روائح» الفل» وتجرع «ويلات» اليتم الباكر بغياب مؤلم للأم وهو طفل صغير يتعلم المشي في حضرة «الحزن» وكبر مرتقباً في «محيا» نساء «قريته» وجه «أمه» الغائب.. ركض صغيراً مع أقرانه في أنحاء بلدته المكتظة بمواقف المعروف والمروءة وتعتقت نفسه بنسائم «الكادي» الصبياني ونفائس «البخور» التهامي. وحينما بلغ سن التمييز أرسله والده إلى خاله سالم الزين «المقيم» في بيروت الذي تكفَّل به وألحقه بالدراسة ودمجه في مجتمع «المعرفة» وعاد إلى السعودية بشهادة المرحلة المتوسطة وفي قلبه «دواعي» الحنين وفي عقله «مساعي» اليقين وامتلأ ذهنه بخرائط «المعارف» من مكتبات بيروت وأدبائها والتحق بالدراسة في ثانوية الشاطئ الليلية في محافظة جدة وبدأ الركض في ميدان صاحبة الجلالة كاتباً في صحف الرائد وقريش والبلاد ثم اتجهت أنظاره إلى «العاصمة» الرياض بحثاً عن ضالة «دوافعه» وبعدها وجه بوصلة أمنياته نحو فرصة للدراسة بالانتساب في الجامعة الأمريكية بيروت وحصل منها على ليسانس الحقوق ثم نال دبلوماً في التربية من الجزائر، وعمل في بداياته أخصائياً اجتماعياً في الضمان الاجتماعي ثم ترأس قسم الصحافة العربية في المديرية العامة للصحافة والنشر التابعة لوزارة الإعلام، وتعين رئيساً للشعبة القانونية وتطبيق الأنظمة في المديرية العامة للمطبوعات، وسكرتيرًا إعلامياً لوزير الإعلام محمد عبده يماني. وفي عام 1977 تم تعيينه أول رئيس تحرير لـ»مجلة الفيصل»، ومديراً عاماً لدار الفيصل الثقافية منذ إنشائها حتى عام 1412، وأشرف على عدد من الأقسام الأدبية والثقافية في صحيفتي البلاد والجزيرة ومجلة اليمامة، وعمل نائباً لرئيس تحرير صحيفة المدينة ورئيسًا للقسم السياسي فيها. شارك في عدة أمسيات وندوات ومحاضرات في السعودية وخارجها وأسس دار الصافي للطباعة والنشر عام 1404هـ- 1983م. مثّلت له الكتب واحات خضراء من «الفكر»، حيث انجذب إلى مكنون فكرة وتجاذب مع مخزون تجاربه وأصدر العديد من الإصدارات التي لا تزال المكتبة العربية تحتفي وتزخر وتفخر بها ومنها: مطلات على الداخل، وأرزاق يا دنيا أرزاق، وكنت في الطائرة المخطوفة، ويا زمان العجائب، يا قلبي لا تحزن، وامرأة تحاور أفعى، والسمكة والبحر: قضايا وقراءات في الأدب والفكر، وإسبانية تحسب قلبي بئر بترول، وسلسلة 15 قصة من القصص الإسلامية وقصص عربية وقصص العرب (8 قصص)، ولكل مثل قصة (14 قصة)، و8 قصص من قصص الحيوانات والطيور. اتجاهات متنوعة ومواجهات منوعة قضاها الصافي في معترك «الحياة» وبين مفترق «التجارب» ووسط فوارق «المشارب» صافياً من «شوائب» الخصام تقياً أمام نوائب «الزمن» وفياً في دوائر «التعامل» نقياً وسط مدارات «الاختلاف» أتقن مهامه فعلى شأنه حتى لقبه الأديب عبدالله بن خميس بالأستاذ وهو طالب يرسم أحلامه بالمرحلة الإعدادية، حيث اتخذ سبيله في «الصبر» سبباً وهو يجتاز الصعوبات ويتجاوز العقبات مؤصلاً «أصول» الاعتماد على الذات ومفصلاً «فصول» السداد في الثبات.. تم تكريمه في محافل مختلفة، حيث نال جائزة الدولة التقديرية في الأدب عام 1404 ووشاح الملك عبدالعزيز من الدرجة الأولى في الشخصية الثقافية المكرمة في مهرجان الجنادرية عام 1422 وتم تقليده عدة أوسمة من فرنسا والبحرين وتونس وفلسطين ووسام وميدالية من مجلس التعاون الخليجي. انتقل إلى رحمة الله يوم الأحد 26 يونيو من العام الجاري 2022 بعد معاناة مع المرض عن عمر ناهز الثمانين عاماً ونعاه زملاء الحرف وبكاه رفقاء المشوار واعتلى خبر رحيله منصات إعلامية ووسائط اجتماعية راسماً «وجع» الرحيل وناشراً «لوعة» الفقد.. علوي طه الصافي.. الأديب الوافي.. والكاتب الوفي.. الذي أوفى لمهامه واستوفى لطموحه ليبقى الاسم المؤثّر في سجلات «الكبار» والوجه المضي في قوائم «الرواد».
مشاركة :