فاجأت قفزة قياسية في نتائج أعمال شركة أرامكو السعودية المحللين إثر تحقيقها أكبر أرباح ربع سنوية معدلة لأي شركة مدرجة على مستوى العالم وسط استعداد الشركة لزيادة الإنتاج إلى أقصى حد. وحذت أرامكو حذو منافسين كبار أبلغوا عن زيادة في الأرباح. وقالت الشركة المملوكة للدولة في بيان إن “صافي الدخل ارتفع إلى 48.4 مليار دولار في الربع الثاني من 25.5 مليار دولار قبل عام”. ويشكل هذا الرقم زيادة بنسبة 90 في المئة في أرباح الربع الثاني، مدعومة بارتفاع أسعار النفط والكميات المباعة وهوامش أرباح التكرير. وواصلت الشركة بذلك تحقيق أرباح فصلية قياسية للربع الثاني تواليا بعد أرباح قدرها نحو 39.5 مليار دولار في الربع الأول من هذا العام. أمين الناصر: يمكن زيادة الإنتاج إلى 12 مليون برميل يوميا دون مشاكل وتعد هذه الأرباح الأعلى منذ طرح 1.7 في المئة من أسهم الشركة في البورصة المحلية في أكبر اكتتاب عام في العالم أواخر 2019، وتجاوزت توقعات المحللين البالغة 46.2 مليار دولار. وبحسب إفصاح الشركة للبورصة السعودية “تداول” فقد “ارتفع التدفق النقدي الحر بنسبة 53 في المئة عن العام السابق إلى 34.6 مليار دولار”. ويشكل الإعلان استمرارا للأخبار السارة للاقتصاد السعودي، الأكبر في الشرق الأوسط، الذي سجّل نموا بنحو 12 في المئة في الربع الثاني من العام الجاري بمقارنة سنوية، هو الأسرع منذ عقد بفضل عائدات قطاع النفط. وارتفعت أسهم أرامكو بأكثر من 25 في المئة منذ بداية العام مع تسجيل أسعار النفط والغاز مستويات مرتفعة على مدى سنوات بعدما شكلت العقوبات الغربية على روسيا، وهي مُصدر رئيسي، ضغوطا على السوق العالمية التي تعاني بالفعل من شح الإمدادات. وستستخدم أرامكو المكاسب غير المتوقعة لتقليل الديون والاستثمار في توسيع ضخم لطاقتها الإنتاجية، حيث تراهن أرامكو على أن الطلب على نفطها وكيماوياتها سيظل مرتفعًا حتى في الوقت الذي يتطلع فيه العالم إلى التحول بعيدًا عن الوقود الأحفوري. ونسبت وكالة الأنباء السعودية الرسمية إلى أمين الناصر الرئيس التنفيذي لأرامكو قوله “نتوقع أن يستمر الطلب على النفط في النمو لبقية العقد، على الرغم من الضغوط الاقتصادية الهبوطية على التوقعات العالمية قصيرة الأجل”. وذكر الناصر للصحافيين في مكالمة عن الأرباح أن الطلب العالمي على النفط في حالة جيدة وأن تخفيف الصين لقيود كوفيد والانتعاش في صناعة الطيران يمكن أن يزيدا من الطلب. مازن السديري: نمو العوائد يمنح أرامكو هامشا لزيادة التوسّع الاستثماري وأوضح أن هناك طلبا قويا مع قدرة فائضة محدودة للغاية في الوقت الحالي، مكررا الدعوة إلى مزيد من الاستثمار العالمي في قطاع الهيدروكربونات لتلبية الطلب في المستقبل. وازدهرت شركات الطاقة خلال النصف الأول من هذا العام بعدما تسبب اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا قبل خمسة أشهر في اضطراب الأسواق، مما أدى إلى ارتفاع أسعار النفط فوق مئة دولار للبرميل وتسبب في ارتفاع هوامش التكرير. وفي حين تستفيد أرامكو من ارتفاع أسعار الإنتاج والمبيعات، فقد حققت شركات مثل إكسون موبيل وشل وتوتال أيضا أرباحا قياسية في الفترة الفاصلة بين أبريل ويونيو الماضيين. وأعلنت إكسون موبيل في أواخر الشهر الماضي عن أكبر أرباح فصلية لها على الإطلاق، إذ بلغ صافي الربح 17.9 مليار دولار بزيادة قدرها أربعة أمثال تقريبا عن نفس الفترة قبل عام. وارتفعت هوامش صناعة الوقود مثل البنزين والديزل في جميع أنحاء العالم مما أدى إلى زيادة أرباح شركات نفط عملاقة من بينها شل وتوتال إنرجيز الأوروبيتان اللتان أعلنتا عن نتائجهما نهاية يوليو الماضي. ويأتي هذا على الرغم من القلق المتزايد بشأن عواقب تغير المناخ الذي تسبب في موجة من الجفاف وحرائق الغابات والفيضانات في نصف الكرة الشمالي هذا الصيف. وأبقت أرامكو التي تخطط لخفض الانبعاثات بحلول 2035 توزيعات الأرباح الفصلية، وهي مصدر أساسي للإيرادات، دون تغيير عند 18.8 مليار دولار. وكان هذا على عكس معظم الشركات الغربية الكبرى التي زادت المدفوعات للمساهمين. ونقلت بلومبرغ عن مازن السديري رئيس الأبحاث في شركة الراجحي المالية قوله إن “الفرق بين الأرباح المحققة والمتوقعة يعود إلى مبالغتنا، إلى حد ما، كمحللين في تقدير بعض التكاليف غير التشغيلية في توقعاتنا”. وأشار إلى أن التدفقات المالية الحرة لدى أرامكو “كافية لتغطية توزيعات الأرباح وتزيد، ما يعطي هامشا للشركة لزيادة التوسّع الاستثماري”. 48.8 مليار دولار أرباح الربع الثاني من 2022 مقارنة مع 39.5 مليار دولار بالربع السابق وبفضل نمو الإيرادات خفضت الشركة البالغة قيمتها 2.4 تريليون دولار المديونية، وهو مقياس للديون إلى حقوق الملكية، إلى 7.9 في المئة من 14.2 في المئة مع نهاية العام الماضي. وتمثل نتائج الربع الثاني نقطة عالية لأرامكو، في حين بلغ متوسط خام برنت 112 دولارا للبرميل بين أبريل ويونيو، فقد انخفض منذ ذلك الحين إلى ما دون 95 دولارا مع تباطؤ اقتصادات الولايات المتحدة وأوروبا وفرض الصين عمليات الإغلاق. ومع ذلك، فإن السعودية تكثف الإنتاج إلى جانب أعضاء آخرين في أوبك+، كارتل المنتجين الذين تقودهم إلى جانب روسيا. وضخت المملكة 10.5 مليون برميل يوميا من الخام في الربع الثاني. وزاد هذا الرقم إلى ما يقرب من 11 مليونا في يوليو الماضي ويتعرض لضغوط أميركية وغيرها من المستوردين الرئيسيين للارتفاع رغم شكوك محللين في أن لديها طاقة فائضة كبيرة. وقال الناصر إن “أرامكو لن تواجه مشكلة في إنتاج 12 مليون برميل يوميا إذا طلبت الحكومة السعودية ذلك”. وأوضح أن الشركة تعمل أيضا على زيادة طاقة الاستدامة القصوى للنفط من 12 مليون برميل يوميا إلى 13 مليونا بحلول 2027. كما يمكن أن يكون لديها مليون برميل آخر يوميا للتصدير بحلول 2030، إذ تتطلع البلاد إلى استبدال محطات الطاقة التي تعمل بحرق النفط الخام بالغاز والطاقة المتجددة. وبدا الرئيس التنفيذي لأرامكو أكثر تفاؤلا من أي وقت مضى في ما يتعلق بالمساهمة الإيجابية التي يمكن للشركة تقديمها سواء لعملائها أو للانتقال العالمي المستمر للطاقة. Thumbnail وتبدو محفظة أعمال الشركة قوية للغاية وأن التكلفة أقل بكثير من تلك الخاصة بالشركات العالمية المتكاملة وبعض شركات النفط الحكومية، وهي ميزة يقول خبراء ومحللون إنها مهمة في أوقات تقلب أسعار النفط. وقال الناصر إن بإمكان أرامكو بيع حصص في بعض وحداتها في البورصة السعودية، كجزء من خطة “تحسين المحفظة” التي شهدت بالفعل بيع حصص في شركات تابعة لها تؤجر أنابيب النفط والغاز. وكانت مصادر مطلعة قد قالت لبلومبرغ في مايو الماضي إن أرامكو تدرس خطة لإدراج وحدتها التجارية. ومؤخرا، وقعت أرامكو اتفاقية شراء للاستحواذ على حقوق ملكية فالفولين للمنتجات العالمية المتخصصة في إنتاج المشتقات النفطية بقيمة 2.65 مليار دولار. كما تمضي أعمال الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك) التابعة لأرامكو نحو تحقيق فرص تعاون في العديد من المجالات تشمل المشتريات وتكامل المنتجات وتحسين اللقيم وأعمال الصيانة، وغيرها. وفي مايو الماضي، بدأت مشاريع التكرير والبتروكيميائيات المشتركة بين أرامكو وشركة بتروناس الماليزية، المعروفة مجتمعة باسم “بريفكيم”، عملياتها وستصل إلى طاقتها الكاملة التي تبلغ 300 ألف برميل يوميا بحلول نهاية هذا العام. ويوفر استثمار أرامكو في بريفكيم فرصة توسع في سوق مهمة وسريعة النمو، ما يمكنها من التوسع في مناطق جغرافية جديدة لبيع إنتاجها من الخام.
مشاركة :