يتطلع عملاق التجارة الإلكترونية أمازون إلى كسر حاجز تقلبات مبيعاته في العامين الماضيين حينما دخل الثلاثاء في حدثه السنوي المعروف باسم “يوم الذروة” بشكل مختلف تماما عن كيفية دخوله خلال فترة جائحة كورونا. ولطالما استخدمت الشركة هذا الحدث الذي يستمر ليومين، وهو أحد أكبر الأحداث على مدار العام لجذب المستهلكين إلى عضويتها الرئيسية، والتي رفعت سعرها مؤخرا إلى 139 دولارا سنويا من 119 دولارا سنويا. ولا تكشف أمازون عن إجمالي مبيعات “يوم الذروة” في العادة، على الرغم من أن تقديرات النمو لحدث العام الماضي تراوحت بين 7 و9 في المئة. وتشير شركة الأبحاث إنسايدر أنتلجينس إلى أن المبيعات يمكن أن تنمو أكثر هذا العام جزئيًا بسبب توقيت الحدث في منتصف يوليو، والذي سيتيح لأمازون، مقارنة بيونيو العام الماضي، جذب المزيد من المستهلكين الذين يقومون بالتسوق في المدارس. نيل سوندرز: التكاليف الإضافية أثناء الوباء تسببت حاليا بآلام للشركة وسجلت الشركة خسارة ربع سنوية نادرة في الفترة بين يناير ومارس الماضيين بالإضافة إلى أبطأ معدل نمو في الإيرادات منذ ما يقرب من عقدين بنسبة سبعة في المئة، حيث أضاف التضخم إلى التكاليف ما يقرب من ملياري دولار. وأقرت أمازون أن لديها عددا كبيرا جدا من العمال وتتوقع أن تصل طاقتها الفائضة من توسعها الهائل في المستودعات خلال الوباء إلى إجمالي 10 مليارات دولار في التكاليف الإضافية للنصف الأول من هذا العام. ونسبت وكالة أسوشيتد برس إلى نيل سوندرز، العضو المنتدب لشركة غلوبال داتا ريتيل، قوله إنها “تسبب الألم في الوقت الحالي، وهذا الألم كبير”. ويشكل تراجع المبيعات انعكاسا عن الأيام الأولى للجائحة عندما ارتفعت أرباح عملاق التجارة الإلكترونية حيث تحول المتسوقون من الداخل إلى التسوق عبر الإنترنت لتجنب الإصابة بفايروس كورونا. وكان الطلب مرتفعا إلى درجة أن أمازون ضاعفت قوتها العاملة تقريبًا في العامين الماضيين إلى أكثر من 1.6 مليون شخص. كما زادت سعة مستودعاتها لمواكبة سيل الطلبات التي غمرت موقعها. وبحلول نهاية 2021 كانت أمازون قد استأجرت وامتلكت ما يقرب من 387.1 مليون قدم مربع من المساحة لمستودعاتها ومراكز بياناتها، أي أكثر من ضعف ما أبلغت عنه في عام 2019. وبعد ذلك خفت حدة أسوأ ما في الوباء، فقد شعر الأميركيون براحة أكبر في مغادرة منازلهم، كما تباطأ الطلب في جميع المجالات. وعاد نمو مبيعات التجزئة عبر الإنترنت في الولايات المتحدة، والذي ارتفع إلى 36.4 في المئة خلال 2020، وواصل زخمه ولكن بوتيرة أقل في العام الماضي، إذ سجل 17.8 في المئة وخلال النصف الأول من هذا العام بواقع 9.4 في المئة، وفق إنسايدر أنتلجينس. وستلقي أرقام مبيعات التجزئة لشهر يونيو الماضي، المقرر إصدارها الجمعة المقبل، المزيد من الضوء على أداء التجارة الإلكترونية. وأظهرت أحدث الأرقام الصادرة في مايو الماضي انخفاض المبيعات عبر الإنترنت بنسبة واحد في المئة بينما انخفضت مبيعات التجزئة الإجمالية بنسبة 0.3 في المئة مقارنة بشهر أبريل وسط ارتفاع التضخم. وقال ديفيد نيكيرك، نائب الرئيس السابق للموارد البشرية في أمازون الذي أشرف على العمليات، إن “هذه فترة من الوقت يكون فيها المستهلكون أكثر اقتصادا في التفكير في كيفية إنفاقهم وشرائهم”. وأضاف “هذا له تأثير على أمازون”. أحدث الأرقام الصادرة في مايو تظهر انخفاض المبيعات عبر الإنترنت بنسبة 1 في المئة بينما انخفضت مبيعات التجزئة الإجمالية بنسبة 0.3 في المئة مقارنة بشهر أبريل وسط ارتفاع التضخم واعتبر بريان أولسافسكي، المدير المالي للشركة، أن العديد من قرارات توسيع مستودعات أمازون قد تم اتخاذها قبل عامين، وهو ما يحد مما يمكن أن تفعله الشركة لضبط منتصف العام. ومع ذلك ستنفق أمازون أقل على مشاريع المستودعات هذا العام مقارنة بالعام الماضي، وستكون استثمارات النقل ثابتة إلى منخفضة قليلاً. وقال سوندرز إن “السعة الزائدة من المرجح أن تكون مشكلة قصيرة الأجل لأمازون”، والتي أشار إلى أنها واصلت اتخاذ خطوات لتنمية أعمال التجزئة الخاصة بها وجذب المزيد من البائعين إلى خدمتها. وفي أبريل الماضي أعلنت أمازون أنها ستوسع مزايا اشتراك برايم إلى المتاجر عبر الإنترنت خارج موقعها، وهي خطوة ستسمح للتجار بالاستفادة من شبكات الإنجاز والتوصيل الواسعة للشركة. ولإصلاح مشاكل التخزين قال الرئيس التنفيذي آندي جاسي في مايو إن “الشركة ستسمح لبعض عقود الإيجار بانتهاء صلاحية وتأجيل البناء على البعض الآخر”. وتقوم أمازون أيضا بتأجير مستودعات من الباطن لخفض التكاليف. وقال أدريان بونسن، مدير التحليلات الصناعية في الولايات المتحدة، إن “البيانات الأولية من مجموعة كوستار مزود السوق العقاري تشير إلى أن أمازون تغلق بشكل غير متناسب منشآتها الأصغر، والتي تميل إلى عدد أقل من أرصفة التحميل ومواقف السيارات وتكون أقل كفاءة في التشغيل”. ومع ذلك، فإن عمليات الإغلاق تخلق بالفعل مشكلات. فقد ترك عدد قليل من العمال بمحطة توصيل أمازون في مدينة بيلماور بولاية نيوجيرسي الأميركية وظائفهم مؤخرا للاحتجاج على عمليات النقل إلى مواقع أخرى بعد أن قررت أمازون إغلاق المنشأة. وقال بول بلونديل، عامل في أمازون قاد الإضراب، إن “بعض العمال أرادوا الانتقال إلى منشآت قريبة بعد أن طُلب منهم الذهاب إلى مواقع بعيدة تصل إلى 20 ميلا”. وأضاف “لقد أرادوا أيضا زيادة قدرها دولار واحد في الساعة للتعويض عن الانقطاع”. ديفيد نيكيرك: المستهلكون باتوا يفكرون كثيرا مما يؤثر على أمازون وفي الوقت نفسه تقول الشركة إن الموظفين يتم منحهم فرصة الانتقال إلى مواقع أخرى ذات امتيازات أفضل. وأشارت أمازون إلى مشكلتها الأخرى وهي العمالة الزائدة التي ظهرت بعد تعيين موظفين جدد لتعويض العمال الذين كانوا مرضى عندما اجتاح متغير أوميكرون الولايات المتحدة العام الماضي. ولكن عندما عاد العمال المرضى صار لدى أمازون عدد كبير جدا من الأشخاص، ما أضاف إلى التكاليف ما يقرب من ملياري دولار. وهذا بعيد كل البعد عن العام الماضي، عندما رفعت الشركة الأجور إلى 18 دولارا لجذب العمال بالساعة في سوق العمل الضيق. ويعتقد البعض من الخبراء أنه قد يتم حل المشكلة بشكل طبيعي من خلال معدل التناقص المرتفع للشركة. ورجح سوندرز أن تجد أمازون فائدة للعمالة الزائدة مع اقتراب العطلات، وقد تكون قادرة على كبح المشكلة بعدم تعيين عمال جدد في المواقع التي يوجد بها عدد كبير من الموظفين. ومهما حدث يراقب المحللون عن كثب محاولات جاسي تصحيح مسار السفينة. فقبل بضعة أسابيع قام بتعيين دوغ هيرينغتون، المخضرم البالغ من العمر 17 عامًا، في أمازون ليحل محل ديف كلارك، الرئيس السابق لأعمال التجزئة والذي استقال بشكل غير متوقع الشهر الماضي بعد 23 عاما في الشركة. وتراجعت أسهم أمازون هذا العام، حيث انخفضت بنسبة 39 في المئة تقريبا. وقال نيكر إن “جاسي تحت الضغط لإعادة الربحية”. وأضاف “لقد تعهد للمساهمين والآخرين بأنه سيركز الآن على العودة إلى الربحية وجزء كبير من ذلك هو الأعمال الاستهلاكية”.
مشاركة :