الاقتباسات من الكتب.. ذائقة قارئ أم حالة مباهاة؟

  • 12/29/2015
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

أتاحت مواقع التواصل الاجتماعي للقارئ أن يجاهر بقراءاته ومفضلاته في القراءة، وأيضا اقتباس ما يروق له من عبارات وأقوال وحكم من كبار الكتّاب والفلاسفة. والاقتباس ليس مجرد عبارة يتم اقتباسها ولكنها حالة تكشف ميول وذائقة وانحياز القارئ. وفي هذا المحور نستطلع آراء بعض القراء والتي قدمت رؤى مختلفة في تصورها لحالة الاقتباس وكيف تأثيره على القارئ. عبير خالد تقدم رؤيتها عن الاقتباس بقولها: أقتبس العبارات التي تؤثر فيني، أو عبارات تشرح موقف أو حالة لم أتمكن من شرحها وترجمتها بالكلمة فتكون العبارة بمثابة من (أحلل عقدة من لساني)، وأحياناً عبارات تتوافق مع أفكاري، وأحياناً عبارة للتأمل، بعض العبارات تشبه اللوحة التي تجبرك على الوقوف أمامها وتأملها، وما تراه فيها قد لا يراه غيرك. كما تضيف عبير خالد عن نشر الاقتباسات: هناك عبارات تأسرك بجمالها فترغب في نشر هذا الجمال لمن حولك، وهناك عبارات تؤلمك فتنشرها لتجد من يتحمل معك الألم، أحياناً هذه المشاعر الناتجة من بعض العبارات تنسيك وجود شبكات التواصل وتخرج بصور أخرى ليس منها كتابتها في الفضاء الافتراضي. وتضيف عبير خالد رؤيتها في اقتباسات الآخرين: يبدو أننا أصبحنا عن وعي أو بدون وعي نقتبس حسب الأوقات، وكأن هناك اتفاقا ضمنيا غير مكتوب على أهمية الوقت في نوع الاقتباس الليل شعر وعبارات عاطفية، النهار فلسفة وعبارات صادمة، علماً أنه يفترض من يملأ حسابه بالاقتباسات المتنوعة يقل لديه التصادم مع ما حوله، حيث السائد أن معظم الاقتباسات مستنيرة على عدة أصعدة منها قبول المختلفين، والتصادم بسبب عبارات دليل عدم تأثير الاقتباسات على المقتبسين وعن تحريض اقتباسات الآخرين وهل تقود عبير خالد إلى قراءة الكتب المقتبس منها؟ تجيب: إلى حدً ما، ولكن تعتمد على ثقتي في ذائقة المغرد ولقائل العبارة الأصلي، إلا أني اكتشفت أن اقتباسات (أهل الطرب) لعبارات الأغاني تجعلني أعيد سماعها بمشاعر وروح مختلفة، كأني أكتشفها لأول مرة حتى ان كنت حافظة للأغنية. وترى عبير خالد بأن هناك ما يشبه من المباهاة في الاقتباس بين القراء:بالتأكيد وأكاد أجزم على ذلك، المغردون أصبحوا فلاسفة وحكماء، وما يجعلني أنحاز إلى أنها مباهاة هي عدم وجود انعكاس للعبارات المقتبسة على سلوك المغرد وتفكيره، فقد يقتبس عبارة غاية في الاستنارة أو التسامح والحب وتراه عندما يناقش ليطرح رأيه يمارس الإقصاء والعنصرية والخشونة والرجعية، آراؤه تنافي اقتباساته تماماً وحتى لا يغضب قوم (لا تعمم) من المغردين، أضع كلمة (بعض) على الجمل التي يرون أنها تحتاج هذه الكلمة، وعقدة كلمة (البعض/ لا تعمم) دلالة أخرى على عدم تأثير العبارات المقتبسة خاصة الفلسفية والفكرية على فكر المقتبسين. وعبير خالد ترى بأن حالات نادرة من الاقتباسات تقود القراء إلى الجدل:حسب مشاهداتي نادر ما يكون فيه نقاشات وتكون للقراءة من خلال تفضيلها أو إعادتها، وعدم المناقشة مؤشر على عدم الاستيعاب كما ينبغي، وكأن العبارة لم تلامس سوى الجزء السطحي من النفس والفكر ولم تصل للعمق، وقد يكون هذا سبب عدم تأثير ما يقتبس على سلوك وتفكير المغردين لأن ملامستها سطحية ولحظية. عبدالمجيد الصيعري والذي ينحاز للاقتباسات الشعرية كثيرًا يرى بأن بعض الاقتباسات قد تكون سطرًا عن كتابٍ كامل، وبينما اقتباسات أخرى تكون نبذة عن كتابٍ للزمن. ويضيف عبدالمجيد: أقتبس لأن هناك سطورا تكون فيها حكمة أو حالة معنوية معينة، تكون دقيقة الوصف والتجلي وأحب كثيرًا أن أشارك الاقتباسات في مواقع التواصل لأشارك من يتابعني متعة هذا السطر أو حكمته. وعن تأثير الاقتباس يقول عبدالمجيد: عندما يمر عليّ اقتباس يهزني كذلك، مثل أكثر اقتباس شاركته في مواقع التواصل وبنيت عليه قصة كاملة هو للكاتبة إيزابيل الليندي وبتصرف مني، كما أن عبدالمجيد لا يعتقد بأن كل من يقتبس هو يتباهى بما يقرأه (كمًا) باقتباسات كتبه. كما أنه يميل إلى أن بعض الاقتباسات الفلسفية والصادمة لخلفية ومرجعية المجتمع لا بد أن تؤدي لنقاشات، وإلا أين فائدة الكتاب أو الاقتباس على أقل تقدير. سارة عبدالله تفلسف رؤيتها في الاقتباس بقولها: أحياناً يروقني الاقتباس بشدة وأحب أن أشاركه مع الآخرين ، وأحياناً أجده معبراً عن موقف ما، لذا اقتبس بشكل مستمر ودائم، مما أقرأ ذلك اليوم، أو من كتب قرأتها مسبقاً، وما قرأته في المدونات الشخصية من الأعمال المترجمة والمقالات وتتراوح اقتباساتي بين الشعرية والفلسفية، وأتجنب العبارات الصادمة. وسارة عبدالله لا تجد أن اقتباسات الآخرين تحرضها أو تقودها إلى قراءة الكتب المقتبس منها فهي تقول: ليس بالضرورة، ربما هذا يعتمد على الكاتب أكثر مما يعتمد على الاقتباس نفسه. كما أنها تعتقد بأن العبارات المقتبسة لا تثمر بالجدل بين القراء: في أحيانٍ قليلة فقط يحدث هذا، في الأغلب لا يتجاوز الأمر الإعجاب والمرور بالاقتباس مروراً عابراً. أحلام الفهمي التي تقتبس لأن الكاتب استطاع أن يعبّر عما بداخلها، أو استطاع أن يقول ما أردت قوله لذا احرص على تلك العبارة وأمررها للآخرين ولا تجعل أحلام الفهمي للاقتباس حالة ثابتة فهي تقول: بكل صراحة انشر كل ما يعجبني من اقتباسات على حسب الحالة التي تنتابني أو الموقف الذي أعيشه وإلا لماذا سميت بمواقع التواصل؟ ان لم نتواصل فكرياً وروحياً. وأميل إلى اقتباس لكل ما يتعلق بالواقعية والوجودية ومبتعدة عن العاطفية. أحيانا ترى أحلام الفهمي أن الاقتباسات تقودها إلى قراءة الكتب المقتبس منها لكنها تقول: لكن الصدمة فيما بعد هنالك كتاب أجمل ما فيه مجرد اقتباسات وقرأت كتباً رائعة لم استطع ان اخرج بها باقتباسات جميلة. صالح الغبين له وجهة نظر مغايرة في الاقتباس فهو يقول:الاقتباس بالنسبة لي يأخذ أكثر من اتجاه. قد يكون من أجل الإسقاط على موقف أو جملة قيلت في سياق ما وأرى أن الاقتباس يلخص ما أريد أن أقوله. الاتجاه الآخر هو تلك الاقتباسات القريبة لنفسي سواء بسبب جمالية وكمال الاقتباس أو بسبب اهتمامي لشخص القائل. وكثير من الاقتباسات ترسخ بذاكرتي ليست من مقولات كتاب أو أدباء. قد تكون لرجل سياسة أو عسكري. الأفلام السينمائية مصدر كبير لاقتباساتي. إلى الآن لم يحرضني أي اقتباس لقراءة أعمال كاتب محدد. في أغلب الأحيان أقوم بقراءة سيرة القائل كما حدث لي من شخصية الجنرال الأميركي جورج باتون. حيث انني انجذبت لشخصيته من أحد الاقتباسات التي وردت عنه، (النجاح هو أقصى ارتفاع تصل إليه بعد أن تصطدم بالقاع) كما يضيف صالح الغبين عن رؤيته في ظاهرة اقتباسات المغردين بقوله:أستطيع أن أقول إني لاحظت الكثير ممن يستخدم الاقتباس بغرض المباهاة والكثير من الاقتباسات استهلكت وأصحبت منتشرة بشكل أفقدها جماليتها. كذلك انتشار اقتباسات غير موثقة ومنسوبة لأشخاص لم يقولوها. في رأيي المتواضع اختيار الاقتباس فن وليس بالضرورة أن يكون الاقتباس بلغة عربية فصحى، الموروث الشعبي زاخر بالاقتباسات الجملية. أيضاً تنتشر مواقع أجنبية على الانترنت متخصصة بالاقتباسات لكتّاب ومفكرين عالميين باللغة الإنجليزية.

مشاركة :