يسعى رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة لرفع الدعم عن المحروقات، مستغلا معاناة سكان الجنوب من نقص الوقود إضافة إلى تدهور الخدمات. وحمّل الدبيبة خلال اجتماع مجلس الوزراء الاثنين ظاهرة التهريب مسؤولية نقص الوقود، وذلك في محاولة لتبرير رفع الدعم وعدم إرسال كميات من الوقود تكفي سكان الجنوب الذين يعانون من أزمات تطال قطاع الطاقة. وقال الدبيبة “إن مهربي الوقود في الجنوب وليبيا بالكامل معروفون بالاسم”، مضيفا أن زيادة شحنات الوقود الموردة للجنوب ليست الحل الأمثل لحل مشكلات النقص هناك. وأكد أن عمليات التهريب تزيد مع زيادة الكميات الموردة، في ما يبدو أنها محاولة لتبرير خطته لرفع الدعم عن المحروقات. عبدالحميد الدبيبة: إن مهربي الوقود في الجنوب وليبيا بالكامل معروفون بالاسم وعانى الجنوب الليبي الغني بالنفط من أزمة محروقات خلال الفترة الماضية بينما تجاهلت حكومة الدبيبة دعوات لإنهاء الأزمة. كما يعاني الجنوب من تردي الخدمات ونقص في الوقود حيث تسبب انفجار صهريج بنزين في قرية بنت بية بداية الشهر الجاري في وفاة عدد من الأشخاص إضافة إلى إصابة العشرات بحروق متفاوتة كانوا يسعون للحصول على كميات من الوقود. وتدافع العشرات من السكان للظفر بكميات من الوقود من شاحنة مخصصة لنقله تعرضت لحادث مرور في الطريق ليحصل الانفجار المروع. وحمّلت العديد من القوى السياسية على غرار تكتل فزان الجنوبي الدولة الليبية مسؤولية الحادث بسبب شح الوقود وتدهور الأوضاع في المناطق الجنوبية. وبلغ سعر اللتر الواحد من الوقود في الجنوب دولارا واحدا في السوق السوداء حسب تكتل فزان وذلك بسبب عمليات التهريب إلى دول الجوار الأفريقي إضافة إلى قلة الشحنات المرسلة. وكانت المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا تعهدت السنة الماضية بتقديم ما يكفي من شحنات الوقود رغم الصعوبات شريطة تحسن الوضع الأمني، لكن يبدو أن تلك الوعود لم تتحقق. كما طرحت المؤسسة الوطنية للنفط تحقيق برامج تنمية في الجنوب الليبي الذي يوصف بأنه مهمش، لكن يبدو أن تلك الوعود بقيت حبرا على ورق حيث تدهورت كل الخدمات في تلك المناطق. وحمّل الدبيبة شبكات التهريب المدعومة من بعض الأجهزة الأمنية مسؤولية الأزمة في قطاع الوقود خاصة في مناطق الجنوب، قائلا “المهربون ليسوا أفرادا فقط، بل يشارك في عمليات التهريب بعض أصحاب المحطات وبعض الجهات الأمنية المسؤولة عن تأمين الوقود من الخزانات الرئيسية إلى محطات التوزيع، التي شارك بعضها في عمليات التهريب”. ويرى مراقبون أن تصريح الدبيبة لا يهدف إلى مكافحة ظاهرة التهريب والتصدي للمهربين ومواجهة الفساد الذي تغلغل في الأجهزة الأمنية الخاضعة لحكومته، بل إلى اختيار الحلول الأسهل وهي رفع ثمن الوقود وتعقيد الوضع في الجنوب. ويقول الدبيبة إن الحل يكمن في رفع أسعار الوقود وتحريرها بشكل مرحلي، وتحويل الدعم إلى دعم نقدي يوجه إلى المواطن ليشتري به الوقود بسعره الحر، في ما يبدو أنه تنصل من إخفاق حكومته في حل الأزمة. والشهر الماضي أعلنت وزارة النفط الليبية عن استئناف التصدير من موانئ البلاد بعد توقف دام نحو 3 أشهر، وذلك عقب رفع إجراء القوة القاهرة. عبدالحميد الدبيبة يحمّل شبكات التهريب المدعومة من أجهزة أمنية مسؤولية أزمة الوقود في الجنوب وأفاد الرئيس الجديد للمؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا فرحات بن قدارة حينها أنه تم رفع إجراء القوة القاهرة عن كل حقول النفط وموانئ التصدير في ليبيا بعد إعلان جماعات إنهاء حصار كانت تفرضه على المنشآت النفطية ما أثر على الموارد المالية الليبية. وتعتبر القوّة القاهرة إجراء قانونيّا يمكن الشركات من تحرير نفسها من الالتزامات التعاقديّة إذا حصلت ظروف خارجة عن نطاقها. وارتفع إنتاج النفط الليبي إلى أكثر من مليون برميل يوميا بعد أيام قليلة من رفع حالة القوة القاهرة عن الحقول والموانئ وإعادة التصدير، لكن يبدو أن الأزمة لا تزال قائمة في الجنوب الليبي وسط أزمة خانقة تضرب كل نواحي الحياة. وتسبب إغلاق منشآت النفط في ليبيا في خفض الإنتاج بمقدار 850 ألف برميل يوميا بينما يشهد العالم صراعا على الإمدادات النفطية بسبب الحرب في أوكرانيا. وانخفضت إمدادات الوقود لمحطات الطاقة نتيجة الإغلاق، مما زاد من انقطاع الكهرباء وهو ما أثار احتجاجات في أنحاء البلاد. ويلعب النفط دورا هاما في تأجيج الصراع في ليبيا، فعوض أن تكون داعما للتنمية وبناء دولة جديدة أصبحت الموارد النفطية ملفا للخلافات السياسية التي تحولت إلى حروب وصراعات مسلحة دامية.
مشاركة :