أثارت تصريحات أحمد الريسوني، رئيس «الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين»، حول ما سماه «الوجود الغلط لموريتانيا»، ومشكلة الصحراء المغربية، غضبا في نواكشوط والجزائر. ورغم أن تصريحات الريسوني جاءت خلال مشاركته في برنامج في قناة «بلانكا»، منذ حوالي أسبوعين، فإن تسليط الضوء على تصريحاته حول موريتانيا والصحراء المغربية أشعل موجة من ردود الفعل، وذلك بعد أن اعتبر الريسوني خلال إجابته عن سؤال بخصوص قضية الصحراء المغربية أن وجود موريتانيا يشكل «غلطا»، وأن المغرب «يجب أن يعود كما كان قبل الغزو الأوروبي له»، قبل أن يضيف مستدركا: «لكن موريتانيا اعترف بها المغرب، وترك الموضوع للتاريخ ليقول كلمته في المستقبل». وأشار الريسوني إلى أن موريتانيا «هي جزء من المغرب»، مضيفا أن المغاربة «يثبتون مغربية الصحراء ببيعة أهلها للعرش المغربي، لكن بيعات علماء موريتانيا، التي كانت تسمى بلاد شنقيط، هي أيضا ثابتة للعرش المغربي». واعتبر الريسوني أن قضية الصحراء وموريتانيا «صنيعة استعمارية»، واستغرب أن «تتورط دول شقيقة وعربية إسلامية في دعم وتبني هذه الصناعة الاستعمارية». في إشارة إلى الجزائر التي أججت نزاع الصحراء، وقال إن الشعب المغربي «مستعد لمسيرة مليونية للصحراء والوصول إلى تندوف، والجهاد». ورغم أنه لم يصدر أي رد فعل رسمي موريتاني على تصريحات الريسوني، فإن مواقع التواصل الموريتانية امتلأت بردود الفعل المتباينة. وكتب أحد المدونين تدوينة في فيسبوك جاء فيها: «ما ورد على لسان الريسوني لايستحق الرد في مضامينه، لكون الرجل لا يمثل وزنا رسميا أو اعتباريا مهما». فيما رد آخرون بأن على موريتانيا الرد بقوة. من جهته، دعا التجمع الوطني للإصلاح والتنمية (إسلامي) الريسوني إلى سحب تصريحاته، والاعتذار عنها، وقال إن تصريح الريسوني «حمل عبارات غير لائقة وإساءة غير مناسبة». من جانبها، انتقدت مجموعة الصداقة الموريتانية – المغربية في البرلمان الموريتاني تصريحات الريسوني، ووصفتها بأنها «إساءة بالغة للعلاقات بين البلدين»، فيما دعت النائبة الموريتانية، زينب بنت التقي، الريسوني إلى الاعتذار. كما خلفت تصريحات الريسوني أيضا ردود فعل غاضب في الجزائر، حيث هاجم كل من حزب «حركة البناء» و«حركة مجتمع السلم» تصريحاته «المثيرة للفتنة بين الشعوب»، واعتبرا أن ترؤس الريسوني للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين «يمس بمصداقيته». بدوره، أصدر «الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين» توضيحا بشأن تصريحات رئيسه، قال فيه إنها «لا تعبر عن رأي الاتحاد». وجاء في التوضيح أن دستور الاتحاد ينص على أن الرأي الذي يسند إلى الاتحاد هو الرأي الذي يتم التوافق والتوقيع عليه من الرئيس والأمين العام بعد المشورة، ثم يصدر باسم الاتحاد. واعتبر أن المقابلات أو المقالات «لسماحة الرئيس»، أو الأمين العام «تعبر عن رأي قائلها فقط»، ولا تعبر بالضرورة عن رأي الاتحاد. مشيرا إلى أن ما قاله الريسوني «رأيه الخاص، وله الحق في أن يعبر عن رأيه الشخصي مع كامل الاحترام والتقدير له ولغيره، ولكنه ليس رأي الاتحاد». في المقابل، قال عبد العالي حامي الدين، عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية المغربي، إن الحملة التي تعرض لها الريسوني «تثبت هشاشة الطرح الانفصالي وهشاشة المرتكزات التي يستند إليها بخصوص قضية الصحراء». معتبرا أن ما جاء في تصريحات الريسوني، الذي «لا يتحمل أي مسؤولية رسمية أو غير رسمية في المغرب، رأي ليس بجديد ولا مستغرب، بل الجديد هو هذه الحملة الشعواء، التي غاب فيها العقل والحكمة من طرف من يفترض فيهم ذلك». وأشار حامي الدين إلى أن القول بأن علماء وأعيان موريتانيا أعطوا البيعة لملوك المغرب في مراحل تاريخية معينة، وأن المغرب كان يبسط سيادته على موريتانيا «لا يعني المطالبة اليوم باسترجاع دولة ذات سيادة، سبق للمغرب أن اعترف بها أواخر عقد الستينيات من القرن الماضي، وهذا ما أكده الريسوني نفسه في الحوار». وخلص حامي الدين الى القول «رأيي هو أنه لم تكن هناك حاجة لإقحام موريتانيا في الموضوع».
مشاركة :