تتمحور مشاريع مدينة نيوم حول الإنسان كنموذج عالمي وواقعي يحقق أنسنة مستدامة وذروة مطلقة لصحة الإنسان ورفاهيته؛ التي طالما عمل من أجلها مهندسو العالم وفطاحل العمارة الحضرية، التي ما تصطدم غالبًا وتتعثر بعقبات مالية أو إشكاليات غير قابلة للمعالجة أو نماذج باهتة غير مفهومة أو مجدية. وقد اختصر ولي العهد محمد بن سلمان آل سعود في إعلانه مؤخرًا عن تصاميم «ذا لاين» عن الهدف الأسمى وهو إعادة تعريف مفهوم التنمية الحضرية عالميًّا بفكرة أن الإنسان هو المحور الأصيل في مشاريع تطوير المجتمعات، والمعالجة الميدانية للتحديات الموجودة في المدن الحضرية التقليدية والمهددة للإنسان وبيئته الطبيعية؛ والتي جعلت التنمية الحضرية وتقدمها في مواجهة عكسية مع الحفاظ على الموارد الطبيعية واستدامتها. وقد كشف سموه في الوقت ذاته عن الهيكل التصميمي لمدينة «ذا لاين» كطبقات متعددة وبهندسة فريدة تحقق معالجة المشكلات الحضرية التي تحول دون الحفاظ على الطبيعة وتنمية الإنسان وإسكانه في بيئة صفر انبعاثات كربونية وبنسق زراعي مبتكر، وصناعة تعتمد في مجملها على طاقة متجددة باتساق مع برمجة التصميم الكلي للمدينة ، وهذا تغيير جذري لما هو سائد في المدن العالمية التي تشغل البنية التحتية ومشاريع طرق النقل والمواصلات المرتبة الأولى كمصروفات ذات أولوية للدولة، رغم الإدراك العالمي للانعكاسات البيئية والتأثر المناخي والتي ظهرت بوادرها في غذاء الإنسان وصحته الجسمية والنفسية واستدامة بيئته، فضلًا عن العبء الاقتصادي الذي يقع على عاتق الدول في سبيل معالجة آثار هذه الانعكاسات والبحث في سبل مقاومتها. والجدير بالذكر أن الفكرة السعودية المبتكرة في نموذج «ذا لاين» وما تحمله من تفاصيل تمت هندستها واقعيًّا وبإشراف مباشر من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان آل سعود، هي فكرة مشروع من المملكة العربية السعودية إلى العالم، ومشروع إلى غير التقليديين؛ أولئك أصحاب الشغف في جعل الخيال واقعًا والحلم حقيقةً، أولئك الراغبون في نقل البشرية جمعاء إلى واقع جميل مختلف، وحضارة مستدامة يعيش فيها الإنسان في بيئة حضرية طبيعية دون تحديات مجهولة لأجيال لاحقة، تحدث سموه بثقة لامعة تحمل بين طياتها احتواءً للعقول المبتكرة والعمل المتواصل حتى بلوغ الهدف، وما الإعلان عن الفكرة وتصميمها إلا بداية مجهود متواصل، ورغبة لا منتهية في جعل الطبيعية مكانًا يحقق معيشة حضرية ورفاهية ومستوى تقنية ذات جودة عالية خادمة للإنسان في كل تفاصيل حياته. ومن الملمح أن ردود الفعل العالمية حول الإعلان السعودي عن فكرة «ذا لاين» طغى عليه عدم استيعاب الفكرة وذهول كثير من المهندسين وبعض كبار أساتذة العمارة الحضرية؛ من منطلق صعوبة البدء من الصفر في تأسيس مدينة ذات فكرة غير تقليدية وتميل للخيال عن الواقع، في حين هناك من اجتذبتهم الفكرة السعودية العالمية وأدركوا الهدف الأسمى وذهلوا من العناية الواقعية في تفاصيل الفكرة والتي ما هي إلا بداية لتغيير العالم الإنسان من هنا من السعودية كـ(ثورة إنسانية تنموية) ولعلي هنا أوسم هذه الفكرة بـ(الرؤية الحضرية الحديثة).
مشاركة :