لا بد أن يكون هناك سلام دافئ بين دول المنطقة ومبادرات شعبية

  • 8/18/2022
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

أكد مسؤول الشؤون الدولية في مؤسسة «شراكة» دان فيفرمان ان فرص تحقيق سلام دافئ بين شعوب المنطقة تصنعها المبادرات الشعبية وليس فقط السلام على المستوى الدبلوماسي والاستراتيجي رغم أهمية الأخير. وقال فيفرمان في مقابلة مع «الأيام» ان مؤسسة شراكة هي بمنزلة منصة تجمع قيادات مؤثرة في مجتمعات دول الاتفاقيات الابراهيمية من اجل تعزيز وتوثيق الروابط والاخوة الإنسانية، عبر تشكيل فهم افضل للوصول الى سلام ذي مغزى ويحقق الفائدة للمجتمعات. وأشار فيفرمان الى ان المجتمع الإسرائيلي بكل اطيافه واختلافاته ليس رافضا للسلام مع الدول العربية، وهو ما يترجمه على ارض الواقع الترحيب الكبير الذي يقابل به السياح العرب ومن بينهم البحرينيون الذين زاروا إسرائيل. وأشاد فيفرمان بشجاعة القيادة البحرينية ممثلة بصاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة المعظم وقيادات دولة الامارات والمملكة المغربية لايمانها بالسلام والتعايش، وهو ما يترجمه اتجاهها نحو نهج جديد من اجل التوصل الى سلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين بعد محاولات لم تنجح على مدار عقود مضت، معتبرًا ان السلام هو ما يحتاج الشجاعة وليس الصراع. وحول تأسيس «شراكة» قال فيفرمان إن مؤسسة «شراكة»هي مؤسسة غير ربحية وغير حكومية، تأسست من قبل قادة اجتماعيين في كل من إسرائيل والبحرين والامارات بعد توقيع الاتفاقيات الابراهيمية في العام 2020، بهدف بناء سلام دافئ وتوثيق الروابط وتعزيز الاخوة الإنسانية، اعتقد انه لم تسنح لنا الفرصة، او ربما اضعنا الفرصة عندما وقع السلام بين إسرائيل والأردن ومصر للبناء على الاتفاقيات الموقعة بين قيادات إسرائيل والأردن ومصر، وجعله سلاما دافئا مع شعوب هذه الدول، والان لا نريد تفويت الفرصة لأنها تشكل فرصة تاريخية لجعل السلام ذات صلة ومغزى ومفيدا للشعوب، وليس فقط على المستويات الرسمية، نعم الاتفاقيات الرسمية مهمة للغاية لأنها تضع الأسس والاطر للعلاقات بين البلدان سواء من الناحية الاستراتيجية او الدبلوماسية، ولكن كي ينجح السلام في تحقيق الازدهار، فلا بد ان يكون هناك سلام دافئ بين دول المنطقة، ويجب ان يكون امرًا مثمرًا للناس، وان تكون هناك مبادرة شعبية وليس فقط مبادرات او خطوات على المستوى الحكومي. وحول التحديات التي تواجه تحقيق اهداف المؤسسة اذا اخذ في الاعتبار عدم وجود تاريخ من الحروب والمعارك بين إسرائيل وبين البحرين والامارات كما هو الحال بالنسبة لمصر والأردن، قال فيفرمان: «اعتقد ان هذا هو بالضبط السبب الذي يشجعنا على المضي قدمًا بشكل افضل، لا سيما ان لدينا شركاء هنا وفي الامارات والمغرب، وقد كنا حريصين على تشكيل منصة مثل «شراكة». للأسف لم نخلق هذه الروابط مع مصر والأردن، رغم ان الكثير من الاسرائيليين يريدون ان تكون لديهم علاقات افضل مع شعبي مصر والأردن. نحن نذهب الى مصر والأردن كسياح، لكننا للأسف لا نرى سياحا كثرا من الأردن او من مصر يأتون لزيارة إسرائيل، بالطبع نتطلع لشراكات اكبر مع مصر والأردن، لذلك وجدنا في الخليج الكثير من الترحيب وهذا ما ينسجم مع سياسات الحكومة هنا التي تعزز السلام». وتابع «نعم لدينا علاقات استراتيجية مع مصر والأردن بغاية الأهمية، ولكن المستوى التالي من هذه العلاقات هو الاقتصاد لا سيما في مجالات مختلفة منها التعليم، والتعامل مع الشعوب مباشرة. وهو ما نراه بشكل كبير في البحرين حيث ان نرى المزيد من الترحيب، نلتقي اشخاصًا يريدون الاستكشاف وتبادل الأفكار والثقافة والتعرف على المجتمع الإسرائيلي بشكل افضل، لذا نجد هنا وفي الامارات وفي المغرب أرضية مشتركة. وعلينا بهذه المناسبة ان نشكر قيادة البحرين ممثلة بجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة المعظم لحرصه ودعمه تعزيز العلاقات ونقلها نحو افاق افضل». وحول البرامج التي تعنى بها المؤسسة، قال فيفرمان: «نحن منصة تتيح تبادل الأفكار بين الأشخاص، من اجل تحقيق الفائدة بالشكل الأمثل عبر تبادل زيارات الوفود بين البلدان، وتضم هذه الوفود قيادات اجتماعية مؤثرة وأخرى تضم رجال اعمال، ورسام كاريكتير، وصحافيين، واقتصاديين، كما نحاول انشاء روابط بين الأشخاص على الجانب الاخر، وتعزيز الروابط الاجتماعية، عبر الاحتفاء بالمناسبات التي تشهدها بلدان الاتفاقيات الابراهيمية سواء كانت أعيادا دينية او مناسبات وطنية من اجل تعزيز الثقافة والفهم الأفضل للمجتمعات، وقد قمنا بالعديد من الفعاليات بهذا السياق، ولدينا جدول زمني كامل يضم العديد من الأفكار والخطط». وتابع «بالطبع، نحن نشجع تعزيز الاتفاقيات الابراهيمية عبر تعزيز الروابط بين الثقافات، لذلك نحن نعزز رؤية الحكومة البحرينية وسياساتها الخارجية عبر نشر التسامح، وكذلك رؤية الحكومة الإماراتية وتعزيز قيم التسامح، وكذلك مساعي الحكومة الإسرائيلية نحو السلام في المنطقة، وتعزيز قيم التسامح في جميع انحاء المنطقة، على سبيل المثال، نظمنا زيارة الى بولندا لوفد يضم اشخاصًا من المنطقة للتثقيف بشأن المحرقة «الهلوكوست» لتشكل محفزا نحو نبذ العنف والكراهية، وتأثير التطرف على مجتمعاتنا، وما يمكن ان يؤدي اليه، كذلك نحن نعمل على انشاء مؤسسة لجمع العلماء والمفكرين والاساتذه من مختلف البلدان، ومن بينهم تقديم فهم افضل للثقافة العربية، وكذلك شرح فوائد السلام من خلال الكتابة العلمية، كذلك نرتب وفودا تضم افرادا من البحرين والامارات ومن دول عدة من بينها باكستان، الراغبون في الانضمام لمعسكر السلام. كذلك نرتب لوفود الى دول غربية لتعزيز هذه الرؤية، وما نعمل عليه مع شركائنا من دول الاتفاقيات الابراهيمية. وهذا امر بتقديري مهم جدًا، حيث اعتاد الناس هناك على سماع قصص الصراعات من هذا الجزء من العالم، نريد ان تصل قصة التوافق مع الشرق الأوسط». وحول ما كان هناك تركيز على الشباب لا سيما ان شعوب المنطقة اغلبها من العنصر الشاب قال فيفرمان: «بالطبع، هذا جانب هام، هناك العديد من البرامج التي تستهدف الشباب سواء كانت برامج مباشرة او عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لكننا بالطبع نتطلع الى الصحفيين والعلماء ورجال الاعمال، لكن بالطبع الشباب هم المفتاح لتعزيز السلام لان ليس لديهم ذات التأثير التاريخي كما هو الحال بالنسبة للأجيال الأكبر سنًا، لكن بالطبع هناك تحديات في هذا الجانب». وتابع «هناك الكثير من نقص المعلومات حول الصراع، وكذلك المعلومات المضللة والخاطئة عبر وسائل الاعلام، وما نقوم به هو جمع الناس حتى يتمكنوا من تكوين فهم افضل حول الصراع. اعطي لك مثالا، الكثير يعتقدون ان الاسرائيليين لا يريدون السلام، وانهم يكرهون العرب والخ. هذا ليس صحيحا على الاطلاق، الكثير من البحرينيين كان لديهم تصور مسبق انه لن يكون مرحب بهم في إسرائيل، وعندما زاروا اسرائيل تفاجأوا بالترحيب من قبل المجتمع هناك». وحول اراء المتدينين اليهود في إسرائيل حيال السلام، قال فيفرمان: «قد يفاجئكم ذلك، ان المتدنيين او ما يعتقد حيالهم انهم متطرفون دينيًا كانوا اكثر ترحيبا بالسلام مع الدول العربية اكثر من بقية شرائح المجتمع الإسرائيلي، لانهم يرون بهذا السلام طريقا نحو علاقات افضل، يريدون سلاما دافئًا مع الدول العربية، ويرون فيه سلامًا حقيقيًا وجزءًا من الاحترام بين الشعوب. لانه لا يوجد عداء بينهم وبين العرب على أساس ديني، او على أساس رفض للثقافة الإسلامية، الواقع يقول انه صراع سياسي، وليس صراعا دينيا كي يكون هناك كراهية من قبل اليهود للعرب لانهم مسلمون او مسيحيون». وتابع «بالطبع لا يمكننا تجاهل الصراع، لكنه صراع محلي، وبالتالي لا تجدون رفضا للسلام سواء من قبل اليهودي العلماني او اليهودي المتدين. وهذا ما يترجمه الترحيب الكبير من قبل الإسرائيليين بالسياح والزوار العرب لانهم يريدون هذا السلام. حتى مع الفلسطينيين يريدن سلامًا، لأنه لا يمكن ان يبقى هذا الصراع. وأضاف: «عندما نقول ان هناك يهودا متطرفين، فهذا يعني انهم قد يكونون متطرفين بمعتقداتهم وممارستهم الدينية لديانتهم اليهودية،، ولكن ليس تطرفا حيال اتباع الديانات الأخرى لانهم يعيشون أصلا في مجتمع ليبرالي ومتعدد». وحول تأثير عدم الوصول الى حل للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي على فرص الوصول الى سلام دافئ مع المنطقة العربية، قال فيفرمان: «ما نعرفه جيدًا انه على مدار عقود قد فشلت محاولات التوصل الى سلام بين إسرائيل والفلسطينيين، قد يلقي الفلسطينيون اللوم على الإسرائيليين وقد يلقى الإسرائيليون اللوم على الفلسطينيين، لكن في المحصلة هذه المحاولات لم تنجح، وهناك نهج لم ينجح بالتوصل الى سلام بين الطرفين، وهذا يقودنا للتساؤل هل يجب ان نبقى في صراع ولا نتحدث مع بعضنا البعض، او نتحدث سرًا، ام نتجه الى نهج اخر؟ وهذا النهج الجديد كان يتطلب شجاعة، لذلك نحيي جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة المعظم وقيادة دولة الامارات العربية المتحدة، وقيادة المملكة المغربية الذين اتخذوا قرارات شجاعة لان السلام يحتاج شجاعة وليس الصراع. كذلك لا بد ان نحيي جهود الولايات المتحدة الامريكية التي فكرت خارج الصندوق، وكذلك قيادة إسرائيل، التي اتجهت الى نهج اخر لتحقيق السلام، فكل السنوات الماضية لم تصنع سوى العداء المتراكم بين الإسرائيليين التي امتدت الى بقية المنطقة، وبناء الجدران الذهنية إزاء هذا الصراع، لذلك كان يجب الاتجاه لنهج جديد، وبناء سلام مع دول ليس لديها صراع مع إسرائيل، وليس لديها حدود مباشرة مع إسرائيل». وتابع «دعونا نكون واقعيين، لدينا قواسم مشتركة كثيرة مع الدول العربية، وقادرين على التعايش مع بعضنا البعض، وكما لدينا أعداء مشتركون، لدينا أيضا آمال مشتركة، لدينا احترام لحقوق المرأة واهتمام بالتعليم، ونؤمن بالتعددية الدينية كل هذه الأشياء المشتركة قادرة على بناء سلام وتعايش بيننا، لقد مضت سبعة عقود من الخوف وعدم معرفتنا عن قرب لبعضنا البعض، ومن هذه الأرضية المشتركة ننطلق نحو تحقيق سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين». وأضاف: «لدينا العديد من المجالات التي نستطيع ان نعمل مع بعضنا البعض لبناء شرق أوسط افضل، لدينا فرص كثيرة للتعاون في عدة مجالات، والتعامل مع تحديات المنطقة في مجالات كثيرة منها المياه والزراعة والتقنيات والخ، كذلك التعليم الذي نستطيع ان نصنع فرصا كثيرة لمستقبل افضل للأجيال القادمة».

مشاركة :