إن الأمور السياسية والاقتصادية في عالمنا اليوم تعد إلى حد ما في ضوء المنطق الذي أقل ما يقال عنه بأنه يتساوى بين النفع والضرر، ومخططو الاستراتيجيّات في الصين بقيادة الحزب الشيوعي، المؤمن باقتصاد السوق ورأسماليّة الدولة، يلعب الدور الأهم والأبرز على الساحة الاقتصادية عبر ملكيتها الشركات الكبرى الفاعلة في الاقتصاد الصيني، وملكيتها كبرى وسائل الإنتاج، والثروات الطبيعية للصين، وتسمح بإدارة تلك الشركات بوسائل وأدوات الاقتصاد الحر، وعوائد وأرباح تلك الشركات تعود إلى الخزينة العامة للدولة. توصّلوا قبل سنواتٍ إلى خلاصاتٍ مهمّة، أدت في نهاية المطاف إلى إحياء طريق الحرير، وأدركوا أن تعبيد الطريق يستهلك جهودًا كبيرة وعلاقات دولية بالغة الأهمية تبدأ من اتفاقيّاتٍ وتنتهي بعقود، وهذا التواصل هو لحمة الصداقات بين الدول في مختلف القارّات، وهذا النوع من العمل يفسره التفكير الواعي لدولة الصين فهي موطن أحد أقدم الحضارات في العالم، والأكثر اكتظاظاً بالسكان في العالم. حتى أصبحت إبداعاتهم وابتكاراتهم في نظر الناس حقيقة مطلقة فرضت نفسها على الساحة الدولية، وأصبحت أغلب السلع والأدوات والأجهزة بمختلِف أشكالِها من صنعٍ صينيّ، فقد قامت الصين في السنوات الأخيرة بارتباط كلي بدول العالم وهذا سر الاختراعات المدهشة، كما نجحت بتشييد قواعدَ عسكريّةٍ في العديد من الموانئ البحريّة، وتعزيز علاقاتها وأصبح لها ملحق عسكري في أكثر من 112 بلدًا، كما أرسلت ملحقًا عسكريًّا إلى أكثرَ من 100 من سفاراتها المنتشرة في العالم، وترسل سنويًّا قرابةَ 200 وفدٍ عسكريٍّ، وتستقبل مثلهم من مختلف دول العالم. لهذا تتنافس الدول الكبرى فيما بينها بعد هذا التوسع الهائل، فهم سيظلون يتحاربون ويتحاربون إلى أن يدرك البشر بأنهم لن ينجحوا في حل المنازعات بين الدول، وفي ذات السياق قال وزير الخارجية الأميركي السابق هنري كيسنجر لـ»وول ستريت جورنال» إنه يرى أن العالم اليوم بات على شفير اختلال خطير في التوازن. ونبه إلى «أننا (الولايات المتحدة) على شفير حرب مع الصين وروسيا بسبب مسائل أسهمنا في خلقها من دون اعتبار لما ستؤدي إليه أو للنتيجة التي ستنطوي عليها». ويبدو أنّ قادة الحزب الشيوعي قد تطبّعوا باقتصاد السوق، حتى أن الظواهر الاقتصادية اليوم لفتت الأنظار فكان الفرق كبيرا في كفاءة الإنتاج بين المصنع الرأسمالي والمصنع الشيوعي، وتعمّقوا في هذا الطريق حتّى تقدّموا على قائدة الرأسماليّة العالميّة، الولايات المتّحدة الأمريكيّة التي وصفها الزعيم الصيني ماوتسي تونغ في نظريّة العوالم الثلاث التي أطلقها في ستينات القرن الماضي، بـ»الإمبرياليّة الهرمة»، كما أبدى كيسنجر خشيته من أن الولايات المتحدة والصين تتجهان نحو أزمة في شأن تايوان ونصح واشنطن بالثبات. وقيل أن المصنع الرأسمالي بوجه عام هو أكثر كفاءة في الإنتاج من المصنع الشيوعي، ومن الجدير بالذكر هنا اختلاف التأثير وهذا أمر شاهده ولاحظه العالم بأهمية الصين في السوق الدولي، هناك الكثير من التشويش الذي يشوب العلاقات الدولية الصينية الأمريكية والروسية الأمريكية بمعنى أنه صراع قائم بين القوى الكبرى، فهل هو خطأ يراد إصلاحه ويستثنى من التنافس؟.
مشاركة :