مخاوف من نزاعات سياسية وعشائرية في الأنبار بعد تحرير الرمادي

  • 12/30/2015
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

على وقع المعارك التي تدور رحاها الآن في محافظة الأنبار المترامية الأطراف، وبعد تحرير مدينة الرمادي عاصمة المحافظة وذات الرمزية العالية لحكومة حيدر العبادي، فقد بدأت تتسع دائرة المخاوف من نشوب خلافات بين أبناء المحافظة من السياسيين ورجال العشائر. ورغم الأهمية الاستراتيجية لمدينة الرمادي في ظل الحرب ضد تنظيم داعش، فإن معارك أخرى ربما لا تقل أهمية عن هذه المعركة تنتظر القوات العراقية التي بدأت تستعيد زمام المبادرة على صعيد استعادة الأراضي التي سبق أن تمدد فيها تنظيم داعش، في الوقت الذي يحتاج فيه العبادي إلى نصر يسجل باسمه ضد خصومه داخل ائتلافه «دولة القانون» وزعيمه نوري المالكي، فضلا عما بات يشاع عن خلافات مع الحشد الشعبي وبعض أبرز قادته، ومن بينها ما أشيع عن إقالة أبو مهدي المهندس من منصبه كنائب لرئيس هيئة الحشد الشعبي التي يتولاها من الناحية الرسمية مستشار الأمن الوطني فالح الفياض، بينما الإدارة الفعلية للمهندس ولهادي العامري، زعيم منظمة بدر. ويجد سياسيو الأنبار وزعاماتها العشائرية أنفسهم اليوم أمام مرحلة جديدة، بعد أن اختلفت مواقفهم إلى حد التناقض خلال الفترة الماضية التي كان يوحدهم فيها عدو مشترك هو تنظيم داعش. مع ذلك فإنه وطبقا لما يقوله رئيس مجلس العشائر المنتفضة ضد تنظيم داعش رافع الفهداوي، أحد شيوخ قبيلة البوفهد في الأنبار، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، فإن «الحل لأزمة ما بعد تحرير الرمادي وكسر شوكة (داعش) يتمثل في الاتفاق الذي تم إبرامه بين زعماء العشائر التي تصدت للإرهاب، والذي يتمثل في قيام كل عشيرة بمحاسبة أفرادها الذين تورطوا مع تنظيم داعش»، مشيرا إلى أن «هذا الحل الذي تم الاتفاق عليه سوف يجنبنا الكثير مما كان يمكن أن يحصل لو لم يكن مثل هذا الحل الذي اتفقت عليه كل العشائر التي انتظمت في هذا الحلف العشائري والذي سيؤدي إلى حسم معظم ما يمكن توقعه من مشاكل وثارات يمكن أن تحصل لو أن كل عشيرة تنصلت عن تحمل جزء من المسؤولية واتهمت العشائر الأخرى». وأكد الفهداوي أن «علينا أن نكون موضوعيين حيال ما حصل، إذ إنه لا توجد عشيرة من العشائر دون أن ينخرط قسم من أبنائها مع (داعش)، وهو ما يتطلب من كل عشيرة الاعتراف بذلك ومحاسبتهم وفقا للأعراف العشائرية». وفي ما يتعلق بأطراف سياسية لعبت على الوتر العشائري، قال الفهداوي إن «هناك نوعين من السياسيين في الأنبار، أحدهما تورط مع (داعش) وكان سببا مباشرا أو غير مباشر في المجئ به وتسهيل دخوله، وهؤلاء ستتم مقاضاتهم لكي يتم الاقتصاص منهم، بينما هناك سياسيون لم يتورطوا مع (داعش) لكنهم لم يقدموا شيئا للمحافظة ولم يكونوا ممثلين جيدين لها في البرلمان والحكومة، وهؤلاء سيطويهم الزمن لأنه من غير المعقول عودتهم ثانية لتصدر المشهد السياسي». وبينما دعا رئيس صحوة العراق وسام الحردان إلى تشكيل ما سماه «لجنة حكماء» في محافظة الأنبار لمرحلة ما بعد تنظيم داعش من أجل تحديد المتعاونين مع هذا التنظيم، فإن شيخ قبائل الدليم ماجد العلي السليمان أكد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «تحرير الرمادي نقطة انطلاق مهمة لتحرير كل شبر من محافظة الأنبار وكل المدن والمحافظات العراقية، وهو ما أعاد الثقة بالمؤسسة العسكرية العراقية بنفسها، كما أعاد الثقة لأبناء العشائر الذين استبعدوا لفترة طويلة من شرف المساهمة في تحرير مدنهم». وأضاف أن «الجانب الأهم بالنسبة لنا الآن هو كيفية إعادة اللحمة العشائرية داخل المحافظة التي تأثرت بشكل أو بآخر بسبب الخلافات والصراعات السياسية، وهو ما جعلنا نعمل كشيوخ عشائر كفريق واحد من أجل العمل على رأب الصدع العشائري بسرعة، لا سيما أن كل قبائل الأنبار أسهمت من خلال مقاتلي العشائر في تحرير الرمادي». وردا على سؤال عما إذا كانت هناك مخاوف نتيجة استحقاقات ما بعد تحرير الرمادي، قال السليمان إنه «من الناحية العشائرية أستطيع القول إن الأمور جرت تسويتها إلى حد كبير، لكننا نخشى السياسيين الذين اعتادوا على استغلال الأمور لصالحهم بينما لم تقدم غالبيتهم شيئا مهما للمحافظة، وهو ما سنتصدى له من أجل أن يمثل أبناء الأنبار مستقبلا كل من ضحى من أجل الأنبار». من جانبه، أكد عضو البرلمان العراقي عن محافظة الأنبار حامد المطلك، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «أزمة الأنبار واحتلالها من قبل تنظيم داعش مثلما هو حال باقي المحافظات والمدن العراقية أفرزت دروسا كثيرة على صعيد طبيعة المواجهة مع هذا العدو، وكذلك مع كل من حاول أن يتصيد في الماء العكر، خصوصا من السياسيين». وأضاف أن «هناك من بين سياسيي المحافظة أو المحافظات الأخرى الغربية من تصدى بشجاعة للأخطاء والخطايا التي ارتكبت من قبل السلطات الحكومية، سواء ما كان منها ممنهجا أو ما كان يدرج في خانة الأعمال الفردية، وارتفع صوته عاليا للدفاع عن حقوق أهالي تلك المناطق الذين واجهوا شتى أنواع القهر والضيم والتهميش والإقصاء، إذ وقفنا ضد كل هذه الممارسات وكشفنا عن سجون ونساء معتقلات، بينما هناك من كان تابعا للسلطة من أبناء هذه المناطق»، موضحا أن «المواقف كلها واضحة موثقة بلا مزايدات سياسية».

مشاركة :