مع ارتفاع عدد المشاريع الفضائية في العالم.. يزيد خطر الحطام الفضائي والذي لا يقتصر على بقايا الصواريخ والأقمار الصناعية، ليصل إلى المخلفات الصغيرة كالأجهزة الدقيقة وبقايا قشرة من الأصباغ التي تطلى بها المركبات الفضائية، وقطع معدنية، ووقود متجمد. بالمقابل، تمتلك دولة الإمارات منظومة متكاملة لمواجهة تحديات الحطام الفضائي، عبر مجموعة من الإجراءات الاستباقية التي اتخذتها وكالة الإمارات للفضاء بالتعاون مع الجهات ذات الاختصاص بعلوم الفضاء والفلك في الدولة، ومن خلال الآليات التي يضمها برنامج الإمارات الفضائي للتعامل مع أحد التحديات الراهنة والتي تزايدت خلال السنوات السابقة بفعل ارتفاع عدد الأنشطة الفضائية. سالم المري سالم المري وبدوره أكد المهندس سالم المري مدير عام مركز محمد بن راشد للفضاء أن وكالة الإمارات للفضاء وضعت سياسات واستراتيجيات لتقليل من تأثير الحطام الفضائي، مشيرا إلى المركز كجهة مصنعة وتطلق الأقمار الصناعية نعمل على تنفيذ التعليمات وتوجيهات الأمم المتحدة ومبادئها المتعلقة بالفضاء الخارجي. وأضاف ويتم التأكد عند إطلاق الأقمار الصناعية من مدار الإطلاق والمبادئ التوجيهية الخاصة بالتخفيف من الحطام الفضائي، مشيرا إلى أن المركز يلتزم بتدابير أو خطط تم اتخاذها للتحفيف من الحطام الفضائي وذلك من خلال صناعة قطع الأقمار الصناعية. وأوضح ووفقاً لقانون الفضاء، فإنه على كل مشغل مصرح له في الأنشطة الفضائية، تزويد وكالة الإمارات للفضاء بتقارير دورية يتم تحديثها سنوياً، أو وفقاً لما تطلبه الوكالة، بشأن أي تحذيرات أو مخاطر لها علاقة بأي أجسام فضائية مشاركة في أي أنشطة فضائية مصرح لها، بينما نصت مواد القانون على عدم إعفاء المشغل المصرح له من مسؤولية الضرر الناجم على سطح الأرض أو في الطائرات أثناء طيرانها، وذلك من قبل جسم فضائي مشارك في الأنشطة، تجاه الأطراف الأخرى غير المشتركة أو المتعاقد معها في الأنشطة المصرح بها للمشغل. وبين أن الإمارات تلتزم بمذكرة تفاهم لتنظيم إطار التعاون في سلامة الرحلات الفضائية وتوفير خدمات التوعية للمخاطر الفضائية الظرفية، وتعزيز الوعي ورفع سوية أمان الرحلات الفضائية عبر تبادل المعلومات الهامّة من أجل عمليات الإطلاق، وتخطيط مناورات الأقمار الصناعية، فضلاً عن الدعم عند حدوث أي أخطاء. وأضاف كما تهدف المذكرة لتبادل المعلومات والتعاون في البحوث والتطوير وتنمية رأس المال البشري، والنهوض بالقطاعات ذات الصلة بالفضاء. وقال الدكتور فاروق الباز، عالم الفضاء والجيولوجيا في وكالة «ناسا» تقدر وكالة الفضاء الأميركية أن في مدار الأرض ما يقارب 5.5 مليون كيلوجرام من المخلفات الإنسانية، أكثر من 23 ألفاً منها أكبر من 10 سم، ونصف مليون آخر أكبر من سنتيمتر واحد، ونحو مليون جسم أكبر من مليمتر واحد. وأضافت وأعلنت «ناسا» أنها تتعقب أكثر من 27 قطعة من النفايات الفضائية، مشيرا إلى أن كثير منها أصغر حجماً لا يمكن تعقبه، لكنه كبير بما يكفي لتهديد رحلات الفضاء وإطلاق الأقمار الصناعية. وأكد الباز انه لابد من الاستفادة من العلوم والتقنيات والبيانات الآتية من الفضاء، ومن الضروري تحقيق امتثال أفضل للمبادئ التوجيهية الحالية، وذلك لتخفيف الحطام الفضائي في تصميم المركبات الفضائية وعملياتها. علاء النهري علاء النهري ارتطام المخلفات وقال الدكتور علاء النهري نائب رئيس المركز الإقليمي لعلوم وتكنولوجيا الفضاء التابع للأمم المتحدة إن المخلفات الفضائية عبارة عن مجموعة من النفايات الناتجة من مخترعات الإنسان ومن بقايا الأقمار الصناعية السابحة في مدارات حول كواكب النظام الشمسي، ومنها ما زالت مخلفاته في مدار الأرض تسبح حولها. وأضاف وتشمل هذه المخلفات أي شيء لم يعد له حاجة في الفضاء كقمر صناعي معطل أو أجزاء من الصواريخ الفضائية أو ارتطام المخلفات مع بعضها أو تخلص بعض الدوا لمن أقماره والمنتهية صلاحيتها مثل التخلص من القمر الصيني أو الهندي أو الروسي والذي نتج عنه آلاف الشظايا والقطع الصغيرة والتي تهدد المركبات الفضائية العاملة، وقد تكون هذه المخلفات صغيرة الحجم بأقطار تصل إلى بضعه ملليمترات أو كبيره. وقال النهري تلقى المخلفات الفضائية اهتماماً واسعاً من المؤسسات التي تعنى بالفضاء لقدرة هذه المخلفات على التسبب بأضرار فادحة في هيكل المركبات الفضائية والأقمار الصناعية، فمعظم هذه النفايات تسير بسرعة 8 كم/ثانية (ما يقارب 28800 كم/ساعة)، وبهذه السرعة يمكن لهذه النفايات مهما صغر حجمها، وأن تخترق هيكل المركبات الفضائية وأن تشكل خطرًا على حياة رواد الفضاء، فهذه المخلفات والتي تسير بهذه السرعة تحمل قدرة تفجيرية عالية جدا كأنها أصابع من الديناميت ويقدر أن هناك ما يقارب 5.5 مليون كيلوجرام من تلك المخلفات بمدار الأرض، وتتوقع ناسا ازدياد أعداد الأجسام الفضائية في مدار الأرض المنخفض بواقع 75% خلال المئتي سنة القادمة مشيرا ً إلى مقولة دونالد كسلر مدير وحدة نفايات ناسا الفضائية، «إن البيئة الفضائية تشكل خطراً متزايداً على المركبات الفضائية ورواد الفضاء نتيجة مخلفات المركبات الفضائية والأقمار الصناعية». وأكد النهري فعلى المؤسسات التي تعمل في مجال الفضاء تحديد الوسائل الممكنة من أجل تلافي الأخطار المحدقة برواد الفضاء والمركبات الفضائية بسبب حطام الصواريخ والمركبات الفضائية الموجودة حولنا. إجراءات رئيسية تشتمل الإجراءات التي اتخذتها الدولة للتعامل في الحطام الفضائي على 4 إجراءات رئيسية، تتضمن الرصد المسبق للحطام الفضائي، من خلال شبكة الإمارات لرصد الشهب والنيازك والتي تعد مشروعاً مشتركاً بين وكالة الإمارات للفضاء ومركز الشارقة لعلوم الفضاء والفلك، حيث تتكون من 3 محطات مختلفة تحتوي على 51 كاميرا موزعة في أرجاء دولة الإمارات لتسجيل الظواهر الفلكية في سماء الدولة، حيث تضم كل محطة كاميرات فلكية موجهة نحو السماء، وتقوم بالتسجيل تلقائياً بمجرد الكشف عن الشهاب الذي قد يكون جزءاً من الزخات الشهابية أو قطعة من حطام فضائي. ويتمثل الإجراء الثاني في التعاون والتنسيق المحلي، من خلال بناء القدرات الوطنية وتطويرها لرصد الحطام الفضائي بالتعاون مع الجامعات في الدولة، وذلك من خلال نشر الوعي والتعريف بكيفية تطوير الإمكانيات الوطنية وتعزيزها لمواجهة أي تحديات ناجمة عن الحطام الفضائي. ويتمثل الإجراء الثالث في توفير البيئة التشريعية، من خلال تحديد مسؤولية الحطام الفضائي والتعامل معه من قبل المشغلين ضمن قانون الفضاء الوطني، إضافة إلى تطوير المبادئ التوجيهية الخاصة بالتخفيف للحطام الفضائي والتي تضم المبادئ التوجيهية وتشجيع التخفيف من نشوء حطام فضائي جديد، من خلال توجيه المشغلين إلى تقديم خطة للتخفيف من الحطام الفضائي، وتقارير دورية، بالإضافة إلى اقتراح تدابير تستند إلى أفضل الممارسات والمعايير الدولية. ويتمثل الإجراء الرابع في تعزيز التعاون الدولي بشأن مواجهة الحطام الفضائي، حيث لعبت دولة لإمارات دوراً بارزاً في قرارات لجنة استخدام الفضاء في الأغراض السلمية، ومنها المبادئ التوجيهية للاستدامة طويلة الأمد في الفضاء، إضافة إلى مواصلة التعاون الدولي مع الوكالات الدولية الفضائية، حيث شهدت الأعوام الماضية تعاوناً بين وكالة الإمارات للفضاء ووكالة «ناسا» لرصد الحطام الفضائي. وشهدت السنوات الماضية، مشاركة الدولة في مجال رصد الحطام الفضائي ومراقبته عند الدخول إلى الغلاف الجوي للأرض، ومنها رصد سقوط مختبر «تيانجونج» الفضائي الصيني إلى الأرض، إضافة إلى رصد دخول جسم آخر من الفضاء الخارجي إلى الغلاف الجوي الأرضي، والمتمثل في قطعة من النفايات الفضائية الاصطناعية والتي تعود لصاروخ روسي قديم. «كوبوس» فازت دولة الإمارات برئاسة لجنة الأمم المتحدة للاستخدام السلمي للفضاء الخارجي «كوبوس»، أحد أكبر اللجان في الأمم المتحدة، والتي تضم في عضويتها 100 دولة، وذلك في إنجاز جديد للدبلوماسية الإماراتية يعكس نجاح سياستها الخارجية. ويتولى عمران أنور شرف، مدير مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ منصب رئيس لجنة الأمم المتحدة للاستخدام السلمي للفضاء الخارجي «كوبوس»، وبحسب النظام المعمول به في المؤسسة الأممية، تستمر رئاسة الإمارات للجنة الأمم المتحدة للاستخدام السلمي للفضاء الخارجي «كوبوس»، التي تأسست لأول مرة العام 1959، وتتبع مكتب الأمم المتحدة لشؤون الفضاء الخارجي، لمدة عامين/2022-2023/. ويعد فوز الإمارات برئاسة لجنة الأمم المتحدة للاستخدام السلمي للفضاء الخارجي «كوبوس» أحد أهم العوامل الرئيسية التي تعزز قوتها الناعمة خلال المرحلة المقبلة، كما يعكس ويرسخ ريادة الدولة في مجال سياسة الفضاء من خلال قيادة الحوارات حول التحديات الرئيسية التي تواجه الفضاء العالمي، ويبرز دبلوماسية الفضاء الإماراتية في تسهيل عقد الاتفاقيات الدولية، وضمان الالتزام بالمعاهدات الدولية في زمن التكتلات الجيوسياسية والجيواقتصادية وسباق الوصول إلى الفضاء من قبل القطاع الخاص. وتضاعف المرحلة الراهنة من أهمية فوز دولة الإمارات بهذا المنصب، باعتبارها مرحلة مهمة في وضع السياسات الفضائية، حيث تنافس دول العالم في إطلاق أعداد كبيرة من الأقمار الاصطناعية، وسيكون دور اللجنة محورياً في بناء السياسات لضمان استدامة الفضاء، كما سيكون دور اللجنة محورياً أيضاً في تشجيع تبني الأطر التنظيمية الداعية لتبني السلوك المسؤول، فيما تعكس رئاسة الإمارات للجنة الأممية الدولية واقع التمثيل الإيجابي لمبدأ اللامستحيل وقيادة التغيير لحكومة دولة الإمارات. و تسعى دولة الإمارات خلال فترة رئاستها للمنظمة الدولية الحكومية إلى تعزيز جهود دبلوماسية الفضاء والعلوم على الصعيد العالمي، وتشجيع الوصول العادل والسلمي إلى الفضاء لجميع الدول، وتعزيز الامتثال للأطر القانونية الدولية ومعاهدات الأمم المتحدة التي تحكم سلامة واستدامة الفضاء الخارجي بين الدول الأعضاء، بالإضافة إلى دعم وتشجيع برامج نقل المعرفة بين الدول كوسيلة لإنجاز المهام بشكل أكثر كفاءة وفعالية، وكأداة لتطوير اقتصاد الفضاء على الصعيد العالمي، وتعزيز تبادل وتطوير الممارسات الجديدة والمبتكرة لنظام عمل اللجنة، والمتسقة مع القانون الدولي، ولما فيه من مصلحة للبشرية.
مشاركة :