الزراعة في فرنسا أمام اختبار جفاف قاس .. منع الري من شمال البلاد إلى جنوبها

  • 8/21/2022
  • 19:41
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

من تفاح "بحجم حبة الخوخ" إلى أجاص احمر لونه بسبب الشمس، تعاني بساتين مزارع أشجار الفاكهة في شمال فرنسا، غيوم سيجان، من نقص المياه والحر الشديد في هذا العام التي تهزها الكوارث المناخية. في الماضي، كانت أشجاره الواقعة حول قرية دامبلو التي تبعد نحو مائة كيلومتر عن الحدود البلجيكية، في منطقة لان، تعاني الجفاف "مرة كل عشرة أعوام"، كما قال سيجان. لكن خلال العقد الماضي "هذه هي المرة الخامسة التي يتعرض فيها هذا البستان لنقص المياه والمحصول يبدو غير مؤكد أكثر فأكثر والثمار صغيرة"، وفق سيجان الذي يضيف "لست متأكدا من أني سأقوم بقطافها". وبحسب "الفرنسية"، يقيس المزارع تفاحة صغيرة خضراء فاتحة للتأكد من المعايير. ويقول إن قطرها يبلغ 52 ملليمترا بدلا من 70 ملليمترا في هذا الوقت من العام. ويضيف أنها "بحجم حبة خوخ جميلة ولكن بالتأكيد ليست تفاحة". ويتابع سيجان أن الجفاف منع نمو الثمار، التي "لم يكبر حجمها منذ شهرين". قد لا تكون ممتلئة إلى درجة تكفي لصنع الخشاف أو الكومبوت، الذي يسمح بإنقاذ جزء المحصول بسعر بيع أدنى. ولم ير هذا المزارع الذي تتوارث عائلته هذا العمل "أبا عن جد منذ ثلاثة أجيال"، كميات ضئيلة إلى هذه الدرجة من الأمطار لم تتجاوز نحو 70 ملليمترا منذ نيسان (أبريل)، أي أقل بثلاث مرات من المعتاد في المنطقة. وفي مواجهة أسوأ موجة جفاف تشهدها فرنسا منذ 1959، منع المزارعون من شمال البلاد إلى جنوبها من ري زراعاتهم. لكن المنع لا يطول الحوض الذي تقع فيه بساتين غيوم سيجان لذلك يروي أكعاب أشجاره في المساء قطرة قطرة. وينقل الأنبوب الأسود الطويل المثقوب الذي يتعرج فقط في بعض قطع الأرض نحو 50 ألف لتر من المياه يوميا. وتعذر ربط أرض مجاورة مساحتها 4.5 هكتار ذات تربة رملية كلسية بشبكة المياه. يضاف إلى ذلك تأثير الحرارة: فالتفاح ذو الألوان الفاتحة أصبح بنيا بسبب حروق الشمس على الرغم من رشه بالكالسيوم الناعم المائل إلى البياض، الذي يفترض أن يحميه. وصاحب هذه الأرض الذي يسجل مبيعات قيمتها نحو مليون يورو كل عام من فاكهة أراض تمتد على مساحة 27 هكتارا من الفاكهة و300 هكتار من الحبوب، لم يعد يأمل في الحصول على أكثر من "نصف المحصول" هذا العام من هذه الأرض الجافة. على بعد بضع مئات من الأمتار، حيث ينمو الأجاص، بدأت الأوراق تسود وتتجعد وتغطي الأرض، إذ إن الأشجار تتخلص منها للحد من التبخر. ويوضح غيوم سيجان أنه عندما يكون هناك نقص في المياه أو "يكون الجو حارا جدا، لا تعود الشجرة تحصل على غذاء وتغلق مسامها، ما يسمح لها بالتنفس وإجراء عملية التمثيل الضوئي"، وتتوقف عن تغذية ثمارها. ويدفع الحصاد أيضا ثمن عام شهد تعاقب كوارث مناخية بما في ذلك الصقيع. وبحلوله قبل ثلاثة أسابيع من موعده، جعل أوائل الربيع بستانه ضعيفا في مواجهة موجات البرد، بينما تأثرت الأزهار من الصقيع في منتصف أبريل، ما أدى إلى تعطيل عملية التلقيح. وعرض سيجان الأجاصات المشوهة، التي أصبحت "أشبه بالموز" وخالية من البذور بسبب سوء التلقيح، وهذا ما يجعل بيعها صعبا. ولا يعرف الرجل الخبير بالأشجار ما إذا كان عليه ألا يزرع في الأعوام العشرة المقبلة، نوعين من التفاح هما الوردي والغالا، يزرعان تقليديا في الجنوب الفرنسي ويعرفان بقدرتهما على التكيف مع الحر. ويمكن أن يؤثر الجفاف في الأزهار العام المقبل أيضا لأن الأشجار تستغل فصل الصيف لتخزين احتياطيات لبراعمها المقبلة. ولمواصلة عمله، ينوي المزارع خصوصا حفر "آبار صغيرة يمكن أن تغذي حوضا" في الشتاء عبر سحب كميات من المياه الجوفية، وهي طريقة لتخزين المياه يرغب المزارعون في طريقة لكنهم يواجهون انتقادات من منظمات الدفاع عن البيئة. وفي سياق متصل بالجفاف حول العالم، خلص عالم إيطالي إلى أن حالات نفوق 50 بقرة في أوائل آب (أغسطس) في شمال غرب إيطاليا لجراء التسمم ببراعم نبتات السرغوم "ذرة رفيعة"، قد تكون ناتجة عن موجة الجفاف الحالية. ففي السادس من أغسطس، أصيبت 50 بقرة من سلالة منطقة بييمونتي الإيطالية في مزرعة في سوماريفا ديل بوسكو قرب تورينو، بالتسمم الحاد بمادة الدرهين الموجودة طبيعيا في براعم الذرة الرفيعة الصغيرة، ولكن ليس بتركيز مرتفع بالقدر الذي رصد في العينات المأخوذة من الموقع. وقال الطبيب البيطري في معهد التجارب الحيوانية في بييمونتي وليجوريا ووادي أوستا ستيفانو جيانتين "نشتبه في أن يكون الجفاف مسؤولا عن وجود كمية كبيرة جدا من مادة الدرهين في نباتات الذرة الرفيعة". وتعد الذرة الرفيعة واحدة من النباتات السيانوجينية، التي تسبب حالات تسمم خطيرة للغاية مع تطور فائق السرعة "خلال أقل من ساعة". وتظهر الأعراض بسرعة كبيرة "10 إلى 15 دقيقة بعد الابتلاع"، وتحدث الوفاة في غضون 15 إلى 30 دقيقة بعد الاضطرابات التنفسية والعصبية والعضلية، مصحوبة برعشات وتشنجات. والدرهين مادة سامة للحيوانات موجودة في الذرة الرفيعة، خصوصا في النباتات الصغيرة التي تستخدمها كوسيلة للدفاع عن النفس ضد الحيوانات العاشبة، إذ إنها عندما تتحلل في جوف الحيوانات المجترة، تطلق مادة سيانيد الهيدروجين. لكن ستيفانو جيانتين يؤكد أنه "في العادة لا يؤدي ذلك إلى الموت". ولكن في براعم الذرة الرفيعة المأخوذة من مزرعة في سوماريفا ديل بوسكو، أظهرت التحليلات أن تركيز مادة الدرهين بلغ 10717 ميلجراما في الكيلوجرام، وهي كمية عدها جيانتين "غير طبيعية بتاتا". وتعود نسبة التركيز المرتفعة هذه إلى الإجهاد المائي الناتج عن الجفاف الذي أثر في إيطاليا وأوروبا بشكل عام، بحسب التحليلات الأولى. ولدى الحيوانات التي نفقت في مزرعة سوماريفا، كانت كمية سيانيد الهيدروجين تفوق 900 ميلجرام في الكيلوجرام، في حين أن الجرعة التي تزيد على 700 ميلجرام في الكيلوجرام تعد قاتلة للماشية. وفي الصين، أفادت مديرية إدارة الطوارئ في مقاطعة هوبي بوسط الصين بأن الجفاف الشديد منذ يونيو أثر في أكثر من 5.7 مليون شخص في المقاطعة. ووفقا لما ذكرته وكالة أنباء الصين الجديدة "شينخوا" ، فإن ظروف الجفاف الناجمة عن الطقس الحار المستمر وانخفاض هطول الأمطار أثرت في 84 منطقة. وبالإضافة إلى ذلك، واجه إجمالي 218100 شخص صعوبات في الحصول على مياه الشرب، في حين تضرر 690470 هكتارا من المحاصيل بسبب الجفاف. ولمواجهة هذا الوضع، قامت هوبي بتفعيل استجابة طارئة من المستوى الرابع للإغاثة من الكوارث الطبيعية مساء الجمعة، وهو أدنى مستوى. كما أوفدت مديرية إدارة الطوارئ في المقاطعة فرق عمل إلى المناطق المتضررة لتوجيه جهود الإغاثة المحلية من الجفاف.

مشاركة :