كانت ردة الفعل الشعبية المباشرة تجاه قرارات الميزانية إيجابية إلى حد كبير، خصوصا في ما يتعلق بتعديل فاتورة استهلاك المنتجات البترولية والكهرباء والماء، وكذلك استيعاب وجود العجز، إضافة إلى بعض التعديلات التنظيمية الأخرى في أكثر من شأن. هنا يتجلى تفهم المواطن واستعداده للتكيف مع الواقع الجديد، وربما مع ما قد يطرأ مستقبلا من مستجدات قد تحتاج إلى معالجات في الميزانية والجسد الاقتصادي عموما. هذا الموقف الإيجابي للمواطن يحتاج أيضا، وبالضرورة إلى تعزيز ثقته عمليا بأن الضغط الذي سيحصل على فاتورة إنفاقه سيكون في مقابله تحقيق للأهداف الكبرى التي تنعكس إيجابيا على مجمل الخدمات المقدمة له. المرحلة الجديدة وكما أعلن في برنامج التحول الوطني وفي بيان الميزانية، سترافقها متابعة لكفاءة الأداء الحكومي وتحقيق الإنفاق الرشيد على المشروعات وضمان جودتها من خلال مؤشرات دقيقة وبيانات دورية شفافة بحسب تأكيد وزير التخطيط والاقتصاد، التي عززها رئيس مجلس التنمية والشؤون الاقتصادية. هذا الأمر عندما يتحقق بالشكل الصحيح، فإن مردوده هائل وسيزيح كثيرا من الأعباء والمبالغ التي كانت تخصص سابقا لمشروعات أرقامها ضخمة إلى حد أن يزعم غير المتخصصين أنها يمكن أن تتم بمبالغ أقل، ومع ذلك فإنها تدخل في نفقين معتمين هما التعثر المستمر أو الانتهاء بجودة متدنية. هذا الاستنزاف والخلل أدى إلى تدني الخدمات العامة كمشاريع الصحة والتعليم والطرق والنقل والمواصلات والبنية التحتية. تقديرات المبالغ التي تحتاجها المشاريع يجب أن تكون دقيقة وبالمبالغ التي تحتاجها فعلا. وإضافة إلى ذلك فإن شيئا كبيرا لن يتحقق كما نتمنى إذا لم تنهض أجهزة الرقابة والمحاسبة بدور جديد من خلال أنظمة صارمة كما وجه خادم الحرمين الشريفين لمواكبة مرحلة التحول الحقيقية وتقييمها بشكل دقيق ومحاسبتها بشفافية لأن الوقت لم يعد يسمح بالتجارب على حساب الوطن والمواطن من الآن فصاعدا. وباختصار شديد يمكن إنقاذ مبالغ ضخمة من بين أنياب الفساد لتعود إلى خزانة الدولة.
مشاركة :