البيانات نفط العالم الجديد.. والذكاء الاصطناعي كهرباؤه

  • 8/26/2022
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

البيانات نفط العالم الجديد.. والذكاء الاصطناعي كهرباؤه النفط وحده لا ينتج صناعة، فلا بد من توظيفه وتحويله إلى طاقة. وكذلك هي البيانات لا بد من الاستفادة منها وتحويلها إلى ذكاء اصطناعي. الذكاء الاصطناعي يضفي على البيانات قيمتها أزمة الطاقة، التي يعشها العالم اليوم، أعادت الانتباه إلى مدى احتياج العالم إلى النفط والغاز، وقد يكون علينا أن ننتظر بعض الشيء قبل أن تتحقق نبوءة عالم الرياضيات البريطاني والخبير بأسواق المال كلايف هومبي "البيانات نفط العالم الجديد"، التي أطلقها عام 2006. وعلى عكس النفط والغاز، اللذين تتناقص كمياتهما بمرور الوقت رغم الاستكشافات الجديدة، فإن حجم البيانات الذي تجاوز 60 زيتابايت، أي 60 ألف مليار من وحدات تخزين المعلومات يتضاعف كل عامين. ومثلما أن النفط بمفرده ليست له قيمة عالية، لكن القيمة أتت من مشتقاته بعد تكريره وتصفيته، وساهمت في انطلاقة الثورة الصناعية. كذلك البيانات بمفردها غير مهمة، لكن جمعها في سياقات واستخراج المعلومات منها هو ما شغل العالم وغيّر المفاهيم الاقتصادية والاجتماعية وحتى الثقافية، وفتح الباب لثورة صناعية رابعة. عبارة هومبي التي ذهبت مثلا بين الناس هي في الحقيقة عبارة منقوصة استكملها مؤخرا رائد الذكاء الاصطناعي أندرو نغ بعبارة ثانية "الذكاء الاصطناعي هو كهرباء العالم الجديدة". جاك ما:علينا أن نستعد للمزيد من الألم أكثر من السعادة النفط وحده لا ينتج صناعة، فلا بد من توظيفه وتحويله إلى طاقة. وكذلك هي البيانات لا بد من الاستفادة منها وتحويلها باستخدام الذكاء الاصطناعي، كما يقول البريطاني أندرو مؤسس مشروع "غوغل برين" الذي صنفته مجلة تايم في 2012 ضمن أقوى 100 شخصية في العالم. وحتى هذا التاريخ وُظفت التطورات الناجمة عن الذكاء الاصطناعي لدعم البشر على اتخاذ قرارات إستراتيجية وتكتيكية، ورأينا هذا في جميع القطاعات تقريبا. فالتطور القادم سيتيح لنا الانتقال من استخدام الأدوات الذكية من مجرد كونها داعمة للقرارات المتخذة من قبل البشر، إلى تفويض للآلات الذكية لاتخاذ القرار دون أيّ تدخل بشري. وهذه ليست مجرد نبوءة، ففي عام 2014 قام صندوق رأسمال مخاطر في هونغ كونغ بتعيين برنامج ذكاء اصطناعي في مجلس إدارته، أطلق عليه اسم "فايتال" يمكنه تقديم توصيات تتعلق بالاستثمار في شركات البيولوجيا الحيوية، وتمتع البرنامج بحقوق أعضاء مجلس الإدارة الآخرين، وبحق التصويت على قرارات تتعلق بالاستثمار. دول أخرى دخلت على الخط؛ في اليابان عينت وكالة إعلانات برنامج ذكاء اصطناعي يقدم النصائح لمصممي الإعلانات التجارية. وكانت شركة "تايتو" الأسكندنافية في أوروبا أول شركة تعتمد على روبوت ذكي يدعى "أليسا" ليشارك في الاجتماعات والتصويت. ولن نبالغ إن قلنا إن الاستخدام الصحيح للبيانات والذكاء الاصطناعي بات اليوم المؤشر الأكثر موثوقية لنجاح أي مؤسسة أو فشلها. فالأتمتة غيرت وجه المجتمع كما نعرفه؛ وتبدو التأثيرات المتسارعة للذكاء الاصطناعي وكأنها سلاح ذو حدين. ومن المثير، بالتأكيد، رؤية الروبوتات تنشط في بيئتها كما النحل في خليته، ولكن من المرعب أيضًا التفكير بتأثيرات هذه التطورات على المجتمع بمرور الوقت. سيكون لدينا سبب أقوى للقلق عندما يكون التحذير صادرا عن ملياردير شهير مثل مؤسس "علي بابا"، جاك ما، الذي طلب منا أن نستعد للمزيد من "الألم أكثر من السعادة”، بسبب من الذكاء الاصطناعي والإنترنت. وتحذيرات جاك ما تكررت في أكثر من مناسبة، فهو يعتقد أن "الصراعات الاجتماعية في العقود الثلاثة القادمة ستكون لها تأثيراتها على جميع القطاعات ومناحي الحياة، وغالبا ما ستنشأ عن نقص في الوظائف بسبب من الأتمتة المتطورة. الزحف التكنولوجي لن يطال الأعمال اليدوية فقط، بل سيتسلل الذكاء الاصطناعي ليحتل مناصب المدراء التنفيذيين. عندها سنقول جاك كان على حق أيضا نبوءات رجل الأعمال الصيني بأن التجارة الإلكترونية ستجتاح التجارة التقليدية جاءت قبل أن يحظى بالشهرة، وقبل أن يحقق ثروة قيمتها اليوم 23 مليار دولار. ويبدو أنه كان على حق. واليوم يتوقع جاك ما أن يظهر الروبوت على غلاف مجلة تايم كأفضل مدير تنفيذي، في غضون 30 عاما، وحسب ما سوف يتمتع به الرؤساء التنفيذيون من غير البشر بالقدرة على اتخاذ قرارات العمل بسرعة أكبر بناءً على بيانات أكثر وأفضل. وأيضًا، على عكس البشر، فالروبوتات لن تتأثر بالمشاعر "التافهة". يعرف جاك ما أن هناك الكثيرين ممن سيرفضون توقعاته، لذلك حرص على تذكيرهم بأن الكثيرين فعلوا ذلك قبل سنوات عندما تحدث حول التغيرات الثورية الانقلابية التي ستحدثها الإنترنت والتجارة الإلكترونية في الأعمال التجارية التقليدية. ويخشى السيد ما أنه في العقود القادمة، بينما سيجني البشر فوائد التقدم التكنولوجي ويساعدهم على عيش حياة أطول، فإنه في نفس الوقت سيسرق منهم فرص العمل. وهذا ما ستنجم عنه "صراعات اجتماعية تترك تأثيرات غالبا سلبية على مختلف مناحي الحياة". ففي غضون السنوات العشر أو العشرين القادمة، ستكون لدى الأشخاص أوقات أطول بكثير ينعمون فيها بالراحة بعيدا عن العمل. ولن يتجاوز الوقت الذي يمضونه في العمل أربع ساعات يوميا. وربما، كما قال مؤسس علي بابا ثلاثة أيام في الأسبوع فقط. الزحف التكنولوجي لن يطال الأعمال اليدوية فقط، بل سيتسلل الذكاء الاصطناعي ليحتل مناصب المدراء التنفيذيين. عندها سنقول جاك كان على حق أيضا. علي قاسم كاتب سوري مقيم في تونس

مشاركة :