فتحت النجاحات التي يحققها نجم ليفربول الإنجليزي المصري محمد صلاح الباب أمام وزارة الشباب والرياضة بمصر للعمل على اكتشاف موهوبين جدد لديهم قدرة للسير في الطريق الذي سلكه اللاعب وكانت بدايته من إحدى مشروعات اكتشاف المواهب المدرسية والمعروف باسم "دوري بيبسي للمدارس" منذ حوالي عشر سنوات، غير أن هذه التوجهات تصطدم أحيانا بغياب التخطيط وعدم القدرة على متابعة الموهوبين في مجال كرة القدم وتسويقهم بالشكل المطلوب. القاهرة - أعلنت الحكومة المصرية في السنوات الأربع الماضية عن مشروعات بمسميات مختلفة لاكتشاف المواهب المدفونة في القرى والنجوع ومراكز الشباب المختلفة، أبرزها “مشروع الألف محترف” و”نجوم مصر” و”المشروع القومي لاكتشاف الموهوبين” والأخير لا يقتصر فقط على كرة القدم، ولم تكن المحصلة على القدر المأمول، ومع ذلك أعلنت أخيرا عن مشروع باسم “كابيتانو مصر” وسط مطالبات عديدة من النقاد بضرورة مراعاة الأخطاء السابقة وتجاوز مطباتها. وأطلقت وزارة الشباب والرياضة بالتعاون مع الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية التي تتولى عملية تسويق الدوري المحلي وتقع على عاتقها مهمة تنظيم المسابقات الرياضية عبر شركتي "بريزنتيشن" و"ملاعب" برنامجا جديدا لاكتشاف مواهب كرة القدم ضمن خطتها للارتقاء بالكرة المصرية واستغلال المواهب المهمشة، ووضعت هدفا أمامها يتمثل في زيادة عدد المحرفين المصريين بالدوريات الأوروبية. وقال المتحدث باسم وزارة الرياضة محمد فوزي إن البرنامج الجديد يستهدف الموهوبين بداية من مواليد العام 2008، على ألّا يكون المتقدم للبرنامج مقيدا في أي هيئة رياضية أو فريق كروي، ما يشي بأن الهدف يتمثل في توسيع قاعدة البحث في مناطق لم تصل إليها المسابقات الماضية. ولم تعلن الوزارة أو الشركة المتحدة وهي مملوكة لجهات حكومية أيضا عن خطة عملها بعد، ولم يتم التطرق إلى مستقبل النماذج المكتشفة وكيفية رعايتها، لأنه يركز بالأساس على مواهب في سن 14 عاما في حين أن مراكز الشباب والأندية لديها مواهب تبدأ لعب كرة القدم من سن الخمس سنوات، وستكون بحاجة إلى إقرار برامج متطورة لتجهيز اللاعبين وتسويقهم بالشكل المطلوب مع تنامي الاستثمار الرياضي في مجال الأكاديميات الرياضية التابعة لأندية أو غيرها من الشركات الخاصة. انتقادات لاذعة وضعية حرجة لوزارة الشباب المصرية وضعية حرجة لوزارة الشباب المصرية واجهت الوزارة انتقادات من رياضيين لأنه سوف يكون من الصعب الوصول إلى مواهب في سن 14 عاما دون أن يكونوا مسجلين في أندية أو مراكز شباب، فالمواهب الحقيقية تكون دائما محل لفت أنظار الأندية في سن مبكرة، في حين أن اللاعبين في تلك المرحلة يفتقدون أساسيات كرة القدم ومن الصعب البدء معهم من نقطة الصفر. ويبدو المشروع الجديد برنامجا موازيا لتلك الأكاديميات ويحاول القائمون عليه اختصار طريق طويل يبدأ فيه اللاعبون من سن مبكرة، ما يعني أنه سيكون محدود العدد وهو أمر مطلوب للتركيز على نماذج بعينها وتطوير مهاراتها، لكن في الوقت ذاته يتوقف النجاح على مدى وجود عيون كشافة تستطيع تحديد النماذج المطلوبة. وأوضح رئيس رابطة النقاد الرياضيين حسن خلف الله أن دخول الشركة المتحدة بإمكانياتها المادية والإعلامية والإعلانية يسد الثغرات التي واجهت البرامج الأخرى، وأن إذاعة المسابقات تلفزيونيا عبر فضائية “أون تايم سبورت” يجعل هناك زخما غاب عن التجارب السابقة ويمنح الفرصة لدخول رعاة لتمويل المشروع، كما أن الاعتماد على روابط الأندية وتوظيف إمكانياتها الإدارية في الوصول إلى المحافظات المختلفة يوجد بارقة أمل كبيرة لنجاحه وتطويره. محمود الشيخ: وزارة الشباب قد تقع في خطأ بإجراء المسابقات على ملاعب خماسية وأضاف في تصريح لـ"العرب" أن المشروع بحاجة إلى التواصل مع كشافي اللاعبين الذين تراجع حضورهم في المحافظات النائية، وهؤلاء لديهم خارطة بالأماكن التي تمارس فيها أنشطة كرة القدم، بجانب الاستعانة بأندية لديها خبرات في تصعيد الناشئين للدوري المحلي مثل إنبي والمقاولون العرب والإسماعيلي، وجذب الكوادر الرياضية التي تملك تجارب ناجحة في اكتشاف الموهوبين من دون الاكتفاء باختيار أسماء براقة ومعروفة جماهيريا، لكنها ليست لديها الخبرات الكافية في هذا المجال. وشدد على أن البرنامج الجديد بحاجة إلى خطة عمل واضحة للتعرف على مستقبل الموهوبين بعد اختيارهم، والأمر يتطلب التعاون مع أكاديميات وأندية أوروبية وكشافين يعملون في الدوريات الكبرى حتى لا تتكرر الأخطاء وبما يعود بنتائج مباشرة على مستوى تطوير كرة القدم بوجه عام. وأعلنت وزارة الرياضة المصرية في العام 2008 عن مشروع "الألف محترف"، وفي ذلك الحين قالت إن هدفها تكرار تجربة لاعب ليفربول الإنجليزي محمد صلاح، واستعانت الوزارة بلاعب توتنهام الإنجليزي السابق أحمد حسام (ميدو) ليكون مشرفا على المشروع، وبعد عامين على إطلاقه أعلن عن تعثر المشروع دون أسباب واضحة. وكان من المقرر للمشروع الذي قالت وزارة الشباب في حينه إنه انطلق في 27 محافظة أن يصل إلى 2 مليون موهبة في المرحلة العمرية من سن 8 سنوات حتى 16 عاما، وقررت إتاحة جميع ملاعب الوزارة ومراكز الشباب التابعة لها لهؤلاء، مع إنشاء عدد من الأكاديميات على مستوى الجمهورية. واشتكى العديد من أسر اللاعبين الذين تقدموا للاختبارات من عدم إتمامها من الأساس واقتصار الأمر على تحصيل مبالغ مالية مقابل ضمهم في المشروع، وهو ما دفع وزارة الشباب والرياضة العام الماضي إلى توقيع بروتوكول تعاون مع شركة هولندية لاكتشاف المواهب وذلك لمدة خمس سنوات مع استقدام خبراء من إنجلترا وإسبانيا وهولندا لوضع برنامج التدريب مع الخبراء المصريين بقيادة لاعب الأهلي السابق عادل عبدالرحمن، واتخذت من مركز شباب الجزيرة بوسط القاهرة مقرا لها، ليتم الإعلان عن أكاديمية "نجوم في مصر". واكتفى أشرف صبحي وزير الشباب والرياضة بالاحتفاء بثلاثة لاعبين من المقرر أن يخوضوا فترات معايشة في أوروبا مطلع العام المقبل، وعقد مؤتمرا صحافيا أعلن فيه تقديم دعوات السفر الخاصة بالمرشحين للاختبار والمعايشة في أندية أوروبية. وشدد الوزير على ضرورة إعطاء الفرص لأبناء مراكز الشباب واكتشاف مواهبهم مما يُدر دخلا على هذه المراكز، وبالتالي إعطاء الفرص الاستثمارية والاقتصادية لها، مشيرا إلى أن محافظة الجيزة زاخرة بالمواهب الرياضية على مدار النسخ الماضية، مطالبًا الكشافين والباحثين عن المواهب بمتابعة دوري مراكز الشباب. ◙ المشروع الجديد يبدو برنامجا موازيا لتلك الأكاديميات ويحاول القائمون عليه اختصار طريق طويل ولفت وزير الشباب والرياضة إلى أهمية دوري مراكز الشباب في دعم مراكز الشباب بشكل إيجابي من خلال المشاركة الفعالة للشباب وجذبهم للمشاركة في أنشطته المتنوعة فضلا عن دعم الأندية والمنتخبات الوطنية بانتقاء اللاعبين المتميزين من الشباب وإتاحة الفرصة للمواهب المتميزة وبث روح الحماس وتكوين وعي رياضي وتنافسي بين اللاعبين في مراكز الشباب، بالإضافة إلى جذب الشباب إلى مراكز الشباب وتفعيل دور الرياضة للشباب وترسيخ أهداف الرياضة البدنية والصحية التربوية والاجتماعية. وأعرب وزير الرياضة عن سعادته الكبيرة بالطفرة التي تشهدها مراكز الشباب على مستوى الجمهورية، من خلال تطوير كافة الأنشطة والبرامج التي تنفذها الوزارة بالتعاون مع مديريات الشباب والرياضة على مستوى الجمهورية. وأكد الناقد الرياضي محمود الشيخ أن مشروع "الألف محترف" كان بحاجة إلى دراسات أكبر قبل الإقدام على تنفيذه، بالرغم من أن الوزارة لديها الأفكار النظرية التي تشي بقدرتها على إنجاحه، لكن الوضع اختلف عمليا ولم يكتمل المشروع بالطريقة السليمة، والبرنامج الحالي بحاجة إلى تدقيق في الخبرات القائمة على إدارته، مع ضرورة إدخال اتحاد كرة القدم المصري كطرف أصيل في المسابقات المقرر عقدها وإشراكه في الخطط الموضوعة للتنفيذ، ودراسة ومراقبة الناشئين في المراحل العمرية الأصغر للتعرف على طبيعة المسابقات التي يشاركون فيها. لاعبون موهوبون بحث دائم عن لاعبين موهوبين بحث دائم عن لاعبين موهوبين وأشار في تصريح لـ"العرب" إلى أن وزارة الشباب قد تقع في خطأ جديد يتمثل في إجراء المسابقات على ملاعب خماسية، في حين أن اللاعبين في المراحل العمرية الأصغر يلعبون في ملاعب مكونة من 11 لاعبا، مع أهمية توفير التمويل اللازم للوصول إلى أكبر قدر من المواهب في القرى والنجوع. يواجه المشروع الجديد مخاوف العديد من الرياضيين الذين عقدوا مقارنات بين التجربة الحكومية وما أقدم عليه نادي وادي دجلة المملوك لرجل الأعمال ماجد سامي الذي أعلن عن مشروع ضخم في العام 2007 لاكتشاف الموهوبين وأسس أكاديمية "جي.إم.جي"، وتعاقد مع لاعبين متميزين في أعمار تتراوح بين تسع وعشر سنوات، واعتمد على تهيئهم وتسويقهم في دوريات أوروبية مصنفة "سي كلاس" مثل الدوريين البلجيكي والتركي وقام المشروع لأهداف استثمارية. وبعد خمس سنوات أخفق المشروع في تحقيق أهدافه، لأن اللاعبين ظلوا إلى حين وصولهم إلى 16 عاما من دون احتكاكات حقيقية أو مشاركة في المسابقات الرسمية واضطر النادي لدمجهم في صفوف ناشئيه، ورغم تألق بعضهم في صفوف النادي لكن ذلك لم يكن المستهدف بسبب المشكلات التنفيذية التي واجهت المشروع على مستوى رعايتهم والقدرة على تسويقهم بالشكل المطلوب. ◙ وزير الرياضة أشرف صبحي أكد أن مشاريع اكتشاف الموهوبين تستهدف دعم المنتخب الذي يقوده محمد صلاح وترتبط مشروعات اكتشاف الموهوبين بأشخاص الوزراء في مصر وليس كإستراتيجية عامة تسير عليها وزارة الرياضة أو اتحاد كرة القدم، وهو ما تعرض له المشروع القومي لاكتشاف الموهوبين الذي خطط له وزير الرياضة الأسبق عبدالمنعم عمارة في تسعينات القرن الماضي واستطاع أن يقدم العديد من الرياضيين في مجالات مختلفة لكن جرى إهماله بعد رحيله من الوزارة. وأكد وزير الرياضة أشرف صبحي في تصريحات إعلامية مؤخرا أن "مشاريع اكتشاف الموهوبين في كرة القدم تستهدف دعم المنتخب المصري الذي يقوده محمد صلاح، وهناك خطة لما سيكون عليه شكل منتخبات مصر في كأس العالم 2026 و2030، لذلك نركز على النشء ونخطط لسد حاجة المنتخب في الفترة المقبلة". تسعى وزارة الشباب والرياضة لتوفير لاعبين موهوبين في المراكز التي توجد بها ندرة في صفوف منتخب الفراعنة والكرة المصرية عموما، وتعمل على ربط المشروعات التطويرية مع اتحاد الكرة من خلال اجتماعات تنسيقية. وأطلقت شركة يونايتد ميديا سيرفيسيز أكبر برنامج اكتشاف المواهب في مصر، في خطتها للترويج لكرة القدم المصرية ورغبتها في استنساخ المواهب المناسبة للاحتراف في أكبر الدوريات الأوروبية وأن تكون أفضل سفراء لكرة القدم المصرية واستنساخ نموذج محمد صلاح، النجم المصري الحالي ولاعب ليفربول، وأطلق على البرنامج "كابيتانو مصر". ومن بين الملايين من الشباب سيجد مئات الآلاف من الموهوبين على الأقل فرصة للالتحاق بالأكاديميات والأندية وممارسة كرة القدم بشكل منتظم. ودور البرنامج هنا أن يسلط الضوء على الآلاف من المواهب في كرة القدم من هذه المرحلة السنية بمختلف محافظات الجمهورية، وأن يتولى مع أجهزة الدولة ووزارة الشباب والرياضة رعاية المواهب البارزة منها، حتى يكون هناك مئة محمد صلاح جديد. وأيضا، الجانب الإنساني في البرنامج والاحتفاء بالنجم مؤمن زكريا يقدم رسالة بضرورة أن تتضمن الرياضة القيم الخاصة بها.
مشاركة :