تقوم إسرائيل بتحركات سرية مكثفة لإعاقة إحياء الاتفاق النووي مع إيران، وكان آخرُ هذه التحركات زيارةَ وزير الجيش الاسرائيلي بيني جانتس، ومستشارَ الأمن القومي الإسرائيلي للولايات المتحدة. وأكد جانتس أن هدف الزيارة هو إيصالُ رسالة واضحة بأن أيَّ اتفاق لا يعيد إيران إلى ما كانت عليه في السابق، ولا يقيدُها لسنوات عديدة قادمة، سيمثل خطرا على الأمن العالمي والإقليمي. وتعتبر تل أبيب أن الاتفاق يرفع قيوداً اقتصاديةً كانت مفروضةً على طهران، ما يسمح لها بالاستمرار في دعم بعض الميليشيات في المنطقة، وخاصة في الدائرة المحيطة بإسرائيل، حسب تعبيرها. الأمر الذي دفع وزيرَ الجيش الإسرائيلي للتأكيد بأن إسرائيل ستعمل بكل الوسائل المتاحة من أجل ضمان أمنها في مواجهة إيران، سياسيا واقتصاديا، وحتى عسكرياً إذا تطلب الأمر. وبعدما اقترب الغرب من التوصلُ لاتفاقٍ جديد مع إيران، تسعى إسرائيل لتحقيق هدفين الأول: لتحسين الاتفاق والظروف المحيطة به، وذلك بالضغط على الإدارة الأمريكية لإضافة بعض المطالب التي تقترحها إسرائيل، أو الضغطِ لعدم الموافقة على بعض مطالب إيران. أما الهدف الثاني، فهو البحث عن غطاء لأي عمل عسكري ستقوم به إسرائيل ضد إيران، سواءٌ بشكل علني أو سري. وتؤكد إسرائيل مرارا أنها ليست طرفاً في الاتفاق أو جزءاً منه، وتشدد على أنها تحتفظ بحقها في العمل ضد إيران بالطريقة التي تراها مناسبة لمنعها من حيازة السلاح النووي. وهو ما يكشف أن الخيار العسكري من بين الخيارات التي تستعد لها إسرائيل رغم التعقيدات الكبيرة التي تواجهه. قواسم مشتركة قالت الكاتبة المتخصصة في الشئون الإيرانية، نيجار مرتضوي، إن مقترح الاتحاد الأوروبي الخاص بالاتفاق النووي ردت عليه طهران، وأُرسل إلى واشنطن، ويبدو أنه تم العمل على القواسم المشتركة. وأضافت مرتضوي أن عددا من القضايا تم التوافق عليها فيما يتعلق برفع الحرس الثوري من قوائم الإرهاب. واوضحت مرتضوي أن إيران طالبت بضمانات دولية لعدم الخروج من الاتفاق فيما بعد كما فعل الرئيس السابق دونالد ترامب، على أن تسمح إيران بمراقبة الأنشطة في المواقع النووية. ولفتت إلى أن الجانبين يعملان سويا للوصول إلى اتفاق أو تسوية في القريب العاجل. المليمترات الأخيرة من جانبه، قال الخبير في الشئون الأوروبية، إنريكي سربيتو جباس، إن أوروبا تسعى لتوقيع الاتفاق النووي مع إيران، مشيرا إلى أنه لا أحد يعرف النقاط الواردة في نص الاتفاق، لكن جوزيب بوريل منسق الاتحاد الأوروبي قال، إنه في المليمترات الأخيرة وقد يُعلن قريبا. وأضاف جباس أن الولايات المتحدة الأمريكية تريد مساعدة أوروبا في ملف الغاز خاصة بعد قطع التعامل مع روسيا في هذا الملف، وحقيقة الأمر أن تسوية هذا الملف صعبة لا سيما وأن طهران تربطها علاقة طيبة بموسكو. وأوضح جباس أن الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي في عهد دونالد ترامب، غيّر في الكثير من العلاقات والقضايا في منطقة الشرق الأوسط، وأن واشنطن قدمت ضمانات لإسرائيل بعدم تعرض أمنها للخطر. توقيع الاتفاق ويرى المستشار السابق في وزارة الدفاع الأمريكية والخبير في الأسلحة النووية، الدكتور ماثيو كروينج أن إسرائيل لا يمكنها وقف الاتفاق النووي الإيراني. وأضاف الدكتور ماثيو كروينج أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن تريد التوقيع على هذا الاتفاق، وستقوم بالتوقيع عليه بالرغم من معارضة إسرائيل. وأوضح ماثيو كروينج أن رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، بنيامين نتنياهو سبق وأن زار الولايات المتحدة الأمريكية في عهد الرئيس الأسبق، باراك أوباما لثنيه عن التوقيع على الاتفاق النووي عام 2015، إلا أنه وقع عليه ولم يتوقف. ولفت إلى أن إسرائيل لا تملك كثيرا من الخيارات، لكنها ستحصل على ضمانات أمريكية بعدم تعرض أمنها للخطر. تحركات إسرائيل من جانبه، قال الخبير في الشئون الإسرائيلية، إيهاب جبارين، إن الإسرائيليين متفقون على أن الاتفاق النووي يهدد أمنهم. وأكد جبارين أن إسرائيل قد تستهدف شخصيات مهمة داخل إيران ردا على توقيع هذا الاتفاق إذا ما حدث. وأوضح جبارين أن إسرائيل ستحاول الضغط على أعضاء الكونجرس الأمريكي لإعاقة توقيع بايدن على الاتفاق النووي الإيراني. وكان مراسل الغد من القدس المحتلة أكد في (إفادة إخبارية)، اليوم الأحد، أن رئيس الموساد الإسرائيلي، دافيد برنياع، سيتوجه إلى واشنطن خلال الساعات القادمة، للقاء أعضاءً في الكونجرس الأمريكي، وهو ما يتطابق مع حديث الخبير في الشئون الإسرائيلية، إيهاب جبارين. وقال رئيس حكومة الاحتلال، يائير لابيد، إن الجيش الإسرائيلي والموساد تلقيا تعليمات بالاستعداد لأي “سيناريو محتمل” بشأن الاتفاق النووي الإيراني، مؤكداً “سنكون مستعدين للعمل من أجل الحفاظ على أمن إسرائيل”. وأضاف لابيد، في إيجاز صحفي، أن إسرائيل تخوض منذ أكثر من عام معركة سياسية بهدف منع إعادة التوقيع على الاتفاقية النووية مع إيران، مضيفا: ”نبذل جهودا منسقة للتأكد من أن الأمريكيين والأوروبيين يتفهمون المخاطر التي ينطوي عليها الاتفاق”. وشدد على أن هذه الاتفاقية هي “اتفاقية سيئة”، متابعاً: “كانت سيئة بالفعل عندما تم توقيعها عام 2015، واليوم المخاطر الكامنة فيها أكبر”.
مشاركة :