مهارة منسية

  • 8/30/2022
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

في عالم اليوم المتغير وما يصاحبه من تقنية متبدلة وما يرافقه من سرعة عالية أصبح التواصل أحد أهم القدرات اللازمة التي لا بد من إجادتها وإتقانها للوصول للنجاح والتفوق، وباتت الحاجة إلى الإنصات في ذلك التواصل مع الآخرين ضرورة ملحة وحاجة لا مفر منها خاصة في ضوء التغيرات والتبدلات السلوكية في العصر الحاضر والذي أصبح فيه البعض يظن أنه لم يعد هناك من يتقن مهارة الإنصات رغم أنها تعتبر إحدى خصال وسجايا التحضر وتمثل مجالاً مناسباً للانطلاق في ميادين التعاملات المختلفة ومجالات العلاقات المتبادلة، وهي تعتبر مختلفة عن مهارة الاستماع فمهارة الإنصات تعني الاستماع باعتناء من خلال ما يظهر من علامات الوجه والتعبير عما يخالج النفس من مشاعر وأحاسيس وإيصال الأفكار بطريقة أفضل ولغة جسد ورسائل إيجابية واضحة ومحددة يصاحبها إحساس قوي يرسلها المنصت الإيجابي للمتحدث؛ فالإنصات مهارة وموهبة لها أصول قد لا يعرفها الكثير فربما يكون مجيداً لمهارة التحدث ولكنه قد لا يعرف كيف يجيد مهارة الإنصات مع أنها مهارة لازمة ومكملة لفن ولباقة التحدث ولكنها تستدعي التركيز وبذل الجهد وهي - بلا شك - تمنح صاحبها نوعاً من المهابة والتقدير والاحترام وتجعله يبدو في الأعين أكثر ذكاء وفطنة وأسرع فهماً وأقوى معرفة بحقائق الأشياء فضلاً عن أن من يتصف بمهارة الإنصات ويتمرن عليها ويتعود على إجادتها وضبطها بإحكام يضمن مناقشة هادفة باستخدام أسلوب حوار على درجة عالية من الرقي؛فالاتصاف بها يُعلّم المنصت الصبر ويبعده عن التسرع ويعطيه الفرصة لإعادة ترتيب كل ما يُطرح من أفكار وتحليلها تحليلاً عميقاً لكي يتمكن من فهم الشخص المتحدث والاقتراب منه، وفي الحقيقة أن الأفراد لا يتساوون في مقدرتهم على إجادة مهارة الإنصات لكنهم جميعاً قادرون على تعلمها عندما يبذلون جهوداً واعية، ولا شك أن مهارة الإنصات أمر لا بد منه للنجاح في مجالات العمل فهي تسهم في إنجاز المهام الوظيفية بعناية فائقة وتحقيق التوافق في العمل وكذلك تساعد في تعزيز المشاركة الفعالة في تعزيز العلاقات وضمان تحقيق سرعة الفهم وحُسن تصور المعاني وإدراك الأشياء والتغلب على الخصومات والخلافات التي قد تطرأ والعمل على تحقيق الأهداف المرسومة التي يتم التخطيط لها ولكن هذه المهارة لا تزال بعيدة عن اعتناء الباحثين واهتماماتهم ولم تُخصص لها دراسات ومقاييس علمية خاصة لقياسها عند ممن تمثل لهم هذه المهارة عنصراً جوهرياً وضرورياً لا غنى عنه لنجاح عملية الاتصال كما أن البرامج الدراسية لم يكن اهتمامها كافياً بالتعمق في مجال مهارة الإنصات وذلك أدى إلى عدم اقتدار معظم الدارسين على الاتصال الفعال عندما يتجهون لميادين العمل المختلفة ومجالاته المتنوعة، لذلك ونظراً لأهمية مهارة الإنصات فإن كثيراً من منظمات الأعمال المتميزة بدأت تتصور مكانة وأهمية تنظيم الدروس العملية وورش العمل لتنمية قدرات ومهارات الإنصات لدى الموظفين والمديرين لديها للتقليل من عوائق الاتصال التي تحدث نتيجة لنقص هذه المهارة أو ضعفها أو عدم اكتمالها والعمل على إكسابهم القدرة على تأديتها حتى يتمكنوا من إتقانها؛ فمن أهم الصعوبات التي قد تواجه إدارة منظمات الأعمال وتؤدي إلى مشكلات كثيرة وجود موظفين أو مديرين فيها ليس لديهم القدرة أو الاستطاعة على إجادة وإتقان مهارة الإنصات للآخرين مع أنها مهارة تعتبر من المهارات السلوكية الضرورية والخاصة بالتعامل وفهم السلوك وتوجيهه لنجاح المهام والاختصاصات والمسؤوليات المطلوبة والمتوقعة من الموظفين ومن المديرين في مختلف منظمات الأعمال على حد سواء؛ فإتقان مهارة الإنصات يؤدي إلى تمكن تلك المنظمات من تركيز اهتمامها على تحقيق التفوق مع زيادة الإنتاجية والتقليل من الأخطاء والذي بدوره سيؤدي إلى عمل أعلى جودة وأرفع إتقاناً وأكثر إحكاماً.

مشاركة :