الإعلامي والمذيع التلفزيوني إبراهيم السلمي "الباحث في شؤون القراءة" يحمل رصيداً حافلاً باللقاءات التلفزيونية ذات الطابع الثقافي والأدبي، من أبرز برامجه التلفزيونية، برنامج: "كتبوا لنا" الشهير على قناة الرسالة، وقد التقى في برامجه المتخصصة ـ بشأن الكتب والإصدارات ـ بشخصيات أدبية وتناول أهم الإصدارات الأدبية في المملكة، صاحب التجربة الثرية مع الكتب، ضيف زاد المعرفة عبر هذه السطور: هل يتخذ مفهوم الإصدارات والكتب اليوم شكلا جديداً برأيك، وكيف يجب أن نتكيف مع هذا التغير؟ هذا المفهوم فرض نفسه وأصبح واقعاً، فالإصدارات الحديثة للأوعية الثقافية المقروءة تجاوزت الشكل الأوحد والمتمثل في الكتاب المطبوع أو النشرات الورقية للصحف والمجلات، فالصحافة أذعنت لسطوة التقنية وتكيفت معها بشكل مذهل، والعمل الصحفي يبقى عملاً صحفياً، لكن حين اختلف الوعاء؛ ظهر أثر ذلك جلياً في تجويد العمل واحترافيته، وخسر الرهان أولئك الذين كانوا يبشرون بأن الصحافة الورقية ستصمد أمام طوفان التقنية الهادر، لكنها تواكب التقنية الآن، والشيء نفسه نجده في الكتاب المطبوع فالنسخ الرقمية غدت سيدةَ الموقف، لا سيما مع وجود نسخ إلكترونية قابلة للتفاعل ويمكن مشاركة الاقتباسات والجمل المُعلّمة مع الآخرين، وهذه نقطة في صالح الكتاب الرقمي. صحيح أن للكتاب الورقي رونقه ومتعته، لكن يجب التكيف مع الحياة ومستجداتها، فكثير من الناس يشكو من كثرة كتبه وضيق منزله وتراكم الغبار، إلى شكاوى أخرى عامة كغلاء الأسعار وإهدار الأشجار، كل هذا لا تجده في مكتبة إلكترونية (2 تيرا) تحوي ملايين الصفحات وتحملها معك حضراً وسفراً، كذلك نشأت مفاهيم جديدة للإصدارات فصرنا نسمع بالكتاب المسموع أو الصوتي. دور وسائل الإعلام في نشر الثقافة وتشجيع القراءة، هل هو دور مؤثر برأيك وكيف ترى وضع قراء اليوم؟ الإعلام أحد المكونات الثقافية، فأي فعل ثقافي ربما لا يؤتي أُكُلَه المرجوَّ منه إلا حين يفصح عنه لسان الثقافة الذي هو الإعلام، وبالتالي هناك ارتباط ضروري بينهما، ولا ينال من ذلك وجود أنماط إعلامية تخالف هذا الأصل بل يجب أن يعود هذا على هذه الأنماط بالتنقص وعدم جدارتها بالوصف الإعلامي. المشاهد الثقافية كان للإعلام دور أساسي في نشأتها أو نشرها، لكن ساهمت الأنشطة الإعلامية في نشر أنماط ثقافية تغلبت على القراءة المجردة؛ أفلام وثائقية، كتب صوتية وغير ذلك. ومع ذلك فالإعلام بأشكاله يستطيع دعم التوجه القرائي من حيث نشرُ مراجعات الكتب ونقل جلسات نقاشات القراء وأندية القراءة والتعريف بالكتب. عند تقديم برنامج ثقافي لا بد أنكم تدرسون الجمهور، فما هو حالة جمهور الثقافة اليوم؟ الجمهور نوعان، متخصص متعطش، وهذه فئة قليلة وتجب مخاطبتها بالتأكيد، وتفاعلهم رائع وقوي، لكن بالتأكيد أن المنتج الإعلامي له حسابات أخرى، مثل: سعة الانتشار ونحوها كما يحتم الاهتمام بالنوع الثاني من الجمهور، وهم محبو الثقافة غير المتخصصين فهؤلاء في الغالب هم من توجه لهم البرامج الثقافية في الإعلام لا سيما المرئي، وهذا يوجب تنوعاً في الطرح واختيار الموضوعات وكذلك الشخصيات حتى يمكن شمول رضى هذه الشريحة الواسعة. هل تحدثنا عن أهم اللقاءات التي أجريتها وأهم الكتب التي تحدثت عنها في برنامجك؟ أعتبر كل لقاء له أهميته الخاصة، لأن الضيف الذي فرغ وقته وشرفنا بإجابة الدعوة؛ صاحبَ فضل. تبقى بعض اللقاءات لها طابعها الخاص، إما لكون الضيف أستاذاً قديماً، أو لأنه تكونت بسبب هذا اللقاء علاقة ثقافية حميمة. أما بالنسبة للكتب فقد طُرح عددٌ كبير بالمئات للنقاش والمراجعة والتعريف وربما لو فضلنا بعض الكتب على أخواتها لقام سوق الغيرة بينهن. ما تحديات الثقافة اليوم؟ وهل استطاعت ثورة المعلومات أن تغذي الحاجة المعرفية لدى الناس؟ من أبرز التحديات النمط الحياتي ذو الإيقاع السريع، مع العيش في المدن الصاخبة الكبيرة واللهث خلف مصادر الثراء، وسيكون الفراغ المحدود مقتصراً على الواجبات الاجتماعية أو الترفيه والترويح عن النفس من عنائها؛ مما يجعل العناية بالثقافة لدى الأفراد ذات مرتبة متأخرة في قائمة الاهتمامات. أما هذه الثورة المعلوماتية غير المسبوقة فربما ليست ذات أثر ملموس في التغذية المعرفية، لأن هناك فرقاً بين المعلومة المجردة والمعرفة، هناك مسافة بينهما شبهها بعض المفكرين بالمسافة بين السنبلة والرغيف، فحتى نصل للمنتج النهائي "المعرفة"؛ هناك عمليات عقلية كثيرة يقوم بها مالك المعلومة حتى يصل لها وبالتفكير نملك معلوماتنا وإلا فليست المعلومة المجردة بديلاً عن التفكير. وعدم امتلاك المعلومة هو جهل بسيط، لكن فهمها خطأ أو استعمالها على وجه الغلط هو جهل مركب.
مشاركة :