واشنطن/بغداد - طلبت شركات نفطية تعمل في كردستان العراق من الولايات المتحدة المساعدة في نزع فتيل التوتر بين الحكومة المركزية بالعراق وإقليم كردستان الذي يتمتع بالحكم الذاتي، حسب ما أفادت ثلاثة مصادر ونص الخطاب الذي يطلب وساطة أميركية. وذكرت المصادر أن الأمر يستلزم تدخلا لضمان استمرار تدفق النفط من شمال العراق إلى تركيا، حتى لا تضطر أنقرة إلى زيادة وارداتها النفطية من إيران وروسيا. وقالت إن اقتصاد إقليم كردستان عرضة للانهيار إذا فقد إيراداته النفطية. وشاب التوتر الأجواء بين الطرفين في فبراير/شباط الماضي عندما قضت المحكمة الاتحادية العراقية بعدم دستورية قانون ينظم قطاع النفط في كردستان العراق. وفي أعقاب صدور الحكم كثفت الحكومة الاتحادية التي طالما عارضت السماح لحكومة كردستان بتصدير النفط بشكل مستقل، جهودها لاستعادة السيطرة على عائدات تصدير النفط من أربيل، عاصمة الإقليم. وقبل صدور الحكم، ووفقا لنسخة من الخطاب، كتبت شركة 'إتش.كيه.إن إنرجي' ومقرها دالاس لسفيري الولايات المتحدة في بغداد وأنقرة في يناير/كانون الثاني تطلب الوساطة في قضية أخرى تعود لعام 2014 وتتعلق بخط الأنابيب الواصل بين العراق وتركيا. وتتهم بغداد تركيا بانتهاك الاتفاقية الخاصة بالخط بسماحها بمرور صادرات كردستان، والتي تعتبرها غير قانونية، عبر خط الأنابيب إلى ميناء جيهان التركي. وعُقدت الجلسة الأخيرة في القضية بباريس في يوليو/تموز الماضي وستُصدِر غرفة التجارة الدولية قرارا نهائيا خلال الأشهر القادمة حسبما ذكرت وزارة النفط العراقية. ولا يزال من غير الواضح الخطوات التي قد تتخذها تركيا إذا صدر حكم لصالح العراق، وهو أمر مرجح، وفقا لثلاثة مصادر مطلعة على الأمر اطلاعا مباشرا. وأجرت شركة نفطية واحدة أخرى على الأقل اتصالات رفيعة المستوى مع أربع حكومات معنية بشكل مباشر أو غير مباشر، لحثها على التدخل، حسبما قال صرح ممثل للشركة لرويترز طالبا عدم الكشف عن هويته. وأحجمت شركات أخرى عاملة في كردستان العراق مثل جينيل إنرجي وشيفرون التعليق على قضية التحكيم، ولم ترد شركتا دي.إن.أو وجلف كيستون حتى الآن على طلب التعقيب. إمدادات في خطر ومن شأن أي توقف لتدفق النفط عبر خط الأنابيب الواصل بين العراق وتركيا أن يقود لانهيار اقتصاد كردستان إضافة إلى دفع تركيا للحصول على المزيد من الخام من إيران وروسيا، وفقا لرسالة (إتش.كيه.إن) لممثلين عن الولايات المتحدة. ولم يحقق العراق استفادة كاملة من ارتفاع أسعار النفط التي قفزت إلى أعلى مستوى في 14 عاما بعد انطلاق الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير/شباط ولا تزال قرب المئة دولار للبرميل. وخط الأنابيب الممتد بين العراق وتركيا يمكنه ضخ ما يصل إلى 900 ألف برميل يوميا، تمثل تقريبا واحدا بالمئة من إجمالي الطلب العالمي اليومي، من كل من شركة تسويق النفط العراقية (سومو) وحكومة كردستان العراق. إلا أنه يجري حاليا ضخ 500 ألف برميل من حقول شمال العراق، الذي سيجد صعوبة في زيادة الإمدادات ما لم تكن هناك استثمارات جديدة. ويتوقع محللون أن تنسحب شركات من كردستان إذا لم تتحسن الأوضاع. وقد فقدت الكثير من الشركات الأجنبية اهتمامها بالفعل. وكانت هذه الشركات قد قدِمت إلى كردستان في عهد الرئيس السابق الراحل صدام حسين، عندما كان يُنظر إلى المنطقة على أنها أكثر استقرارا وأمنا عن بقية مناطق العراق. ومع تدهور الأمن، سعت أيضا الشركات القليلة المتبقية، وهي في أغلبها صغيرة ومتوسطة الحجم، لوجود دور أميركي للمساعدة في ردع الهجمات التي تستهدف البنية التحتية للطاقة فضلا عن تعزيز الأمن بشكل عام. ووفقا لمصادر مطلعة اطلاعا مباشرا، دعمت الشركات خطابات أرسلها أعضاء في الكونغرس إلى وزير الخارجية أنتوني بلينكن في أغسطس/آب. وطلبت المصادر عدم الكشف عن هويتها نظرا لحساسية الأمر. وطالبت الخطابات بإجراء مشاورات رفيعة بين أربيل وبغداد تأمينا لاستقرار كردستان ودرءا للتدخل الإيراني في العراق. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس في 16 أغسطس/آب الماضي إن الخلافات بين بغداد وأربيل خلافات تخص الجانبين، لكن الولايات المتحدة يمكن أن تشجع على الحوار. واستدعت الخارجية الأميركية في يوليو/تموز شركة الاستشارات القانونية الأميركية 'فنسون اند إلكنز' التي تمثل وزارة النفط العراقية في بغداد، لتقديم إحاطة في واشنطن بشأن الخلاف الخاص بخط أنابيب العراق-تركيا. ووفقا لمصدر مطلع، من المرجح تقديم إحاطتين أخريين في بغداد وواشنطن. وقال جيمس لوفتيس الشريك في 'فنسون اند إلكنز' إن "بغداد سترحب بالتأكيد بأي تصريحات أميركية لزعامة كردستان العراق بأن عليها الالتزام بالتدابير الدستورية العراقية ذات الصلة بقطاع النفط في العراق". وامتنعت وزارة الخارجية الأميركية عن التعليق إلا أن خبراء بالقطاع لا يرجحون تدخلا من الولايات المتحدة أو يستبعدون أن يجدي نفعا إن حدث. قال رعد القادري العضو المنتدب للطاقة والمناخ والاستدامة في أوراسيا غروب "الولايات المتحدة سحبت يدها من العراق على مدار العقد الماضي. وأي ضغط من واشنطن أو من غيرها لن يحل الخلافات بين بغداد والأكراد". وكان مسؤول كردي قد قال لرويترز في أغسطس/آب الماضي، إن حكومة كردستان طلبت من الولايات المتحدة دعم قدراتها الدفاعية، إلا أنه قال إنها لا تعول على ذلك كون الأولوية القصوى للولايات المتحدة هي إحياء الاتفاق النووي مع إيران.
مشاركة :