يحظر المشرع البحريني على أعضاء مجلس النواب أن يجمعوا بين عضويتهم مع أي من الوظائف العامة الأخرى في وقت واحد، وذلك من أجل درء الشبهات التي قد تثار حولهم، وتؤثر على مهام العضوية، وتضر بسمعة ونزاهة الوظيفة العامة، بالإضافة إلى منع الضغط المادي أو المعنوي الذي قد يبدر من هؤلاء على بعض المسئولين أو المواطنين بحكم الامتيازات والصلاحيات التي قد تتوافر لهم نتيجة طبيعة عملهم، أو من قبل بعض المسئولين عليهم لتوجيه المجلس باتجاه معين، في صالح الحكومة وخلافاً لإرادة الناخبين. وتنفيذاً لهذا الحظر، فإنه لا يجوز لأي من أعضاء مجلسي الشورى والنواب والمجالس البلدية أو مجلس أمانة العاصمة أن يتولى أية وظيفة عامة في أية جهة حكومية دون استثناء، وقد عرف قانون الخدمة المدنية الجهة الحكومية بأنها: ((كل وزارة، أو مؤسسة، أو هيئة عامة، أو جهاز تكون ميزانيته ضمن الميزانية العامة للدولة، أو ملحقة بها)). وعليه، فإنه لا يجوز للعضو البرلماني والبلدي أن يكون حتى إماماً، أو خطيباً لمسجد، أو جامع لأنه طبقاً لكادر الأئمة تعتبر هذه من ضمن الوظائف العامة التابعة لوزارة العدل والشئون الإسلامية والأوقاف، ومن يتولاها يعتبر موظفاً عاماً يطبق عليه قانون الخدمة المدنية، ويتسلم مرتباً من الميزانية العامة للدولة. وبالتالي نجد أن المشرع البحريني قد توسع كثيراً في شأن إطلاق الحظر على الجمع بين العضوية وجميع الوظائف العامة، وهو مسلك يحتاج إلى إعادة نظر من قبل المشرع، فهناك بعض الوظائف التي لا تتعارض مع مهام العضوية، بل أن المجلس أحوج ما يكون لعضوية مثل أصحاب هذه الوظائف لرفد البرلمان أو المجالس البلدية بالكفاءات والخبرات منها، وذلك للاستفادة من خبراتهم العلمية والعملية والثقافية والسياسية والإقتصادية والقانونية، وفي المقابل خروجهم من الوظيفة العامة يشكل خسارة كبرى للمرفق العام والمصلحة العامة، ومن هذه الوظائف على سبيل المثال لا الحصر: أساتذة الجامعات، الأطباء، المهندسون،... إلخ. ونجد أن الكثير من الدول الديمقراطية تسمح لمنتسبي مثل هذه الوظائف بالجمع الجزئي أو الكلي مع عضوية المجالس المنتخبة للاستفادة منها. وعليه، نأمل من المشرع البحريني أن يقوم بتعديل نطاق الحظر حتى يستقطب مثل هذه الكفاءات لعضوية المجالس النيابية والبلدية إلى جانب أدائها لمهام الوظيفة العامة التي يتقلدها، خصوصاً وأن الامتيازات المادية التي تحصل عليها هذه الفئات قد تكون أفضل بكثير من مكافأة عضو مجلس النواب أو المجالس البلدية، مما لا يشجعها على الترشح، كما أن قيام هذه الفئات بمهام العضوية في المجلس الذي تنتمي إليه لا تتعارض مع أدائها ولو بشكل جزئي لمهام الوظيفة العامة، وستعمل على تفعيل دور هذه المجالس، خصوصاً وأن المصلحة العامة قد تقتضي استمرار مثل هذه الكفاءات وعدم خروجها من الوظيفة العامة.
مشاركة :