أعاد إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركة تسلا، إلى الواجهة جدلا لم يغب في حقيقة الأمر، حول استهلاك الطاقة المرتبط بعملة بيتكوين. وقال في تغريدة له في حزيران (يونيو): إن تسلا ستقبل بيع سياراتها مقابل عملات مشفرة "في حال التأكد من استخدام قدر معقول من الطاقة النظيفة 50 في المائة في عمليات التنقيب عن بيتكوين، واستمرار هذا الاتجاه الموجب مستقبلا". وتستهلك عمليات التنقيب عن بيتكوين ـ أي استحداث عملات بيتكوين جديدة وتحديث دفاتر الحسابات الرقمية المستخدمة في رصد المعاملات ـ كميات ضخمة من طاقة الحاسبات الآلية والكهرباء. وللفوز ببيتكوين، يتعين على المنقبين حل ألغاز متزايدة الصعوبة. وكلما توصلوا إلى الحل بسرعة وكفاءة أكبر، ازداد عدد عملات بيتكوين التي يحصلون عليها، وتزداد أيضا صعوبة التنقيب عن عملات جديدة مستقبلا. ويقول فهد خان الاقتصادي ببنك التنمية الآسيوي، "إن السبب وراء اعتبار بيتكوين أحد مستودعات القيمة يكمن في صعوبة التنقيب عنها". ما يجعل أيضا لعمليات التنقيب عن بيتكوين دورا كبيرا في تغير المناخ. فوفقا لحسابات مؤشر استهلاك الكهرباء لشبكة بيتكوين الصادر عن جامعة كامبريدج، يستهلك المنقبون نحو 73 تیرا واط / ساعة من الكهرباء سنويا ـ أي ضعف استخدام الدنمارك. وينتج عن الاستخدام المحموم للحاسبات الآلية من جانب مئات الآلاف من منقبي عملة بيتكوين ما يزيد على 64 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي سنويا، وهو ما يعادل البصمة الكربونية للجبل الأسود، بحسب تقديرات أليكس دي فري، الاقتصادي في البنك المركزي الهولندي. وقد تنشأ عن معاملة بيتكوين الواحدة انبعاثات كربونية تعادل تلك الناتجة عن أكثر من 1.8 مليون عملية شراء باستخدام بطاقة فيزا. ويؤكد دي فري، وهو أيضا مؤسس منصة Digiconomist الإلكترونية، التي تركز على العواقب غير المقصودة للاتجاهات الرقمية، أنه من الممكن الحد بدرجة كبيرة من البصمة الكربونية الناجمة عن العملات المشفرة. ويشير إلى إمكانية إجراء تعديل جذري في كيفية إنشاء الكتل لوقف استنزاف الطاقة الناجم عن العملات المشفرة. ورغم أن هذا التغيير قد لا يحظى بقبول عالمي، إلا أن الفكرة تظل واعدة. ومن المقرر أن يتبنى مستخدمو عملة إيثريوم المنافسة لبيتكوين هذا الاتجاه ـ وهي ثاني أكبر عملة مشفرة من حيث قيمتها السوقية. فيما يرى مجلس التنقيب عن بيتكوين ـ وهو عبارة عن شبكة من المنقبين المستقلين ـ أن ثلثي الطاقة تقريبا التي يستخدمها المنقبون مستمدة من مصادر مستدامة، وذلك وفق مسح شارك فيه 32 في المائة فقط من أعضاء الشبكة. ويقول دي فري: "إن البيانات المدرجة في هذا المسح غير واضحة على الإطلاق، فالدول ليست لديها القدرة على توفير طاقة متجددة لعمليات التنقيب، كما أن المنقبين لا يوجد لديهم أي حافز للاكتراث بالطاقة النظيفة"، ونجدهم يتدافعون إلى أي مكان يوفر تيارا كهربائيا ثابتا بأقل الأسعار. ففي تشرين الأول (أكتوبر)، تركز أكثر من 60 في المائة من منقبي بيتكوين في الصين، حيث كان بإمكانهم استخدام الكهرباء المائية في الصيف، لكنهم اعتمدوا في معظم الأحيان على استخدام محطات الكهرباء الوطنية التي تعمل بالفحم أو على تشغيل المولدات الخاصة بهم بوقود الديزل أو زيت الوقود الثقيل. لكن في ظل حصار الحكومات لهم، نقل عديد من المنقبين محل نشاطهم الآن إلى دول، مثل: إيران وكازاخستان، حيث يتم توليد الكهرباء بالكامل تقريبا من الوقود العادي... يتبع.
مشاركة :