أسهمت دولة الإمارات، على مر تاريخها الحافل والمتميز في مجال العمل الخيري والإنساني، في تخفيف معاناة المحتاجين ومد يد العون والمساعدة لكل شعوب العالم. وتشارك دولة الإمارات، اليوم، العالم احتفاله بـ«اليوم الدولي للعمل الخيري»، الذي يصادف 5 سبتمبر من كل عام، بينما تكتسب المناسبة هذا العام أهمية استثنائية، في ضوء الظروف المناخية الصعبة التي تشهدها دول عدة، لاسيما السودان وباكستان، حيث أدى الفيضانات إلى غرق أكثر من ثلث الأراضي الباكستانية، ووفاة المئات وإصابة الآلاف وتدمير عشرات الآلاف من المنازل في كلا البلدين. وضربت دولة الإمارات أروع الأمثلة في التضامن مع كلا البلدين الشقيقين في مواجهة التداعيات، وأعلنت عن تسيير جسر جوي إنساني لتقديم الدعم والإغاثة، حيث وصلت طائرات المساعدات الإماراتية، كما شكل تعاون فرقها على الأرض الوثيق عاملاً أساسياً في تسريع عملية الاستجابة للكارثة الإنسانية. ويؤكد خبراء ومحللون أن دولة الإمارات العربية المتحدة رائدة «دبلوماسية العمل الخيري» في الشرق الأوسط، مشيدين بجهودها المستمرة في مجالات العمل الخيري محلياً وإقليمياً ودولياً، وتميز وتنوع مبادراتها الإنسانية والخيرية. وأكد الخبراء لـ«الاتحاد» أن العمل الخيري محور رئيس في سياسة دولة الإمارات داخلياً وخارجياً، موضحين أن الإمارات كانت واحدة من الدول الأولى التي عملت على وضع الأطر التشريعية والتنفيذية للعمل الخيري والإنساني. وأشاروا إلى أن التاريخ المشرف لدولة الإمارات العربية المتحدة في تقديم المساعدات الخيرية الخارجية ساهم في تعزيز مكانتها، وجعلها واحدة من أهم دول العالم حالياً، فضلاً عن المكانة الكبيرة التي تحتلها في قلوب شعوب العالم، لا سيما شعوب الدول الفقيرة والنامية. يقول السفير أحمد حجاج، الأمين العام الأسبق لمنظمة الوحدة الأفريقية «الاتحاد الأفريقي حالياً»، لـ«الاتحاد» أن غالبية دول العالم، وبالأخص الدول الأفريقية تُقدر الأيادي البيضاء لدولة الإمارات، التي اعتادت خلال الـ50 عاماً الماضية على تقديم مختلف أوجه الدعم والرعاية للدول النامية والفقيرة، مشدداً على أهمية المشروعات الإنسانية والإغاثية والتنموية التي تنفذها المؤسسات الخيرية الإماراتية في العديد من الدول الأفريقية، وبالأخص السودان والصومال. ويوجد في الإمارات 45 جهة ومؤسسة خيرية تعمل على تقديم مختلف أوجه أعمال الخير سواء في الداخل أو الخارج، ويأتي على رأسها توفير مواد الإغاثة الطارئة للمتضررين من الأزمات والكوارث في جميع دول العالم. ويأتي «الهلال الأحمر» الإماراتي على رأس المؤسسات والجهات الخيرية الإماراتية، وقد شكل تأسيسه خطوة جوهرية في مجال المساعدات الخيرية الإماراتية، حيث يُوصف بأنه الذراع الإنسانية والخيرية لدولة الإمارات العربية المتحدة، ومن خلاله تعمل الحكومة الإماراتية على توصيل مساعداتها الخيرية والإنسانية والإغاثية إلى جميع الدول المحتاجة، وتغطي عملياته أكثر من مائة دولة سنوياً. وتتكفل هيئة الهلال الأحمر الإماراتي برعاية أكثر من 114 ألف يتيم داخل الإمارات وفي 25 دولة حول العالم، فيما يستفيد من برامجها ومشاريعها الرمضانية ما يزيد على 11 مليون شخص في 80 دولة في آسيا وأفريقيا وأوروبا والأميركتين. وبلغ عدد الداعمين لبرامج ومشاريع «الهلال الأحمر» الإماراتي 139 ألف على مستوى الدولة، فيما بلغ عدد المتطوعين في «الهيئة» أكثر من 18 ألف متطوع. وتُعتبر مؤسسة «زايد بن سلطان آل نهيان للأعمال الخيرية والإنسانية» التي تأسست في عام 1992 إحدى أبرز وأهم أذرع العمل الخيري في الإمارات، حيث تقدم مساعدات إنسانية وخيرية إلى 166 دولة بقيمة إجمالية تزيد على ملياري درهم، ومن بعدها تأتي مؤسسة «خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية» التي قدمت في عام 2021 مساعدات خيرية إلى أكثر من 90 دولة حول العالم، ثم تأتي مؤسسة «مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية» التي تنفذ العديد من المشاريع الخيرية والإغاثية في مختلف دول العالم، وقد بلغ عدد المستفيدين من مشاريعها في عام 2018 نحو 11.9 مليون شخص. دعم باكستان وكانت وزارة الدفاع الإماراتية، ممثلة في قيادة العمليات المشتركة، قد سيرت خلال الأيام الماضية جسراً جوياً لنقل المساعدات الإنسانية المقدمة من دولة الإمارات إلى باكستان، وشملت المساعدات الإغاثية، آلاف الأطنان من الإمدادات الغذائية، فضلاً عن أطنان أخرى من المستلزمات الطبية والدوائية وخيم لإيواء المتضررين، وجاءت هذه المساعدات في إطار توجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، «حفظه الله» لتقديم كافة أشكال الدعم للشعب الباكستاني. إغاثة السودان وفي أواخر أغسطس الماضي، سيرت الإمارات جسراً جوياً لنقل كميات كبيرة من المساعدات ومواد الإيواء والاحتياجات الإنسانية إلى بعض المدن والولايات السودانية التي تعرضت لكارثة السيول والفيضانات، وتضمنت المساعدات الإماراتية 10 آلاف خيمة، و28 ألف طرد من المواد الإغاثية، و120 طناً من المواد الإيوائية المتنوعة، بجانب مواد إغاثية عاجلة، وقد صل إجمالي المستفيدين منها إلى أكثر من 140 ألف سوداني من المتأثرين جراء السيول والفيضانات. ومن السودان إلى الصومال، تواصلت في أواخر أغسطس الماضي جهود دولة الإمارات الإنسانية والخيرية لمد يد العون للشعب الصومالي، وتخفيف معاناة المتضررين من الجفاف، حيث بدأت الجهات الخيرية الإماراتية وبالتعاون مع هيئة إدارة الكوارث الصومالية والجهات المعنية بتوزيع المساعدات الإغاثية على الأهالي والنازحين في مناطق وجودهم ومخيماتهم، وذلك بالمناطق الأكثر تضرراً من الجفاف في منطقتي محاس ومتابان بمحافظة هيران بإقليم هير شبيلي. ووصلت باخرة مساعدات إماراتية إلى ميناء العاصمة مقديشو وتحمل على متنها أكثر من ألف طن من المواد الغذائية والإغاثية المتنوعة لتوفير الاحتياجات الضرورية لنحو 2.5 مليون شخص تضرروا من موجة الجفاف ودعم أوضاعهم الإنسانية. أخبار ذات صلة وصول طائرتي إغاثة إماراتيتين إلى باكستان التثقيف الصحي يبني مجتمعاً معافى تاريخ مشرف أشار الأمين العام الأسبق لمنظمة الوحدة الأفريقية إلى نجاح دولة الإمارات العربية المتحدة في ترسيخ مبادئ العمل الخيري والإنساني على المستويين الإقليمي والدولي، وكانت واحدة من الدول الأولى التي عملت على وضع الأطر التشريعية والتنفيذية للعمل الخيري والإنساني، وهو ما ظهر جلياً في تاريخ الإمارات المشرف في مجال المساعدات الخارجية التي استفادت منها عشرات الدول حول العالم. وكان الوالد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، (طيب الله ثراه) قد أصدر قراراً بتأسيس صندوق أبوظبي للتنمية من أجل إضفاء الطابع المؤسسي والتنظيمي على المساعدات الإماراتية الخارجية، وخلال فترة السبعينيات ظهرت في الإمارات جمعيات خيرية وإنسانية عديدة، مثل جمعية دار البر، وجمعية دبي الخيرية. وخلال عقدي الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، تأسست بعض منظمات الإغاثة والجمعيات الخيرية في كل إمارة من الإمارات السبع، وكان أبرزها مؤسسة زايد الخيرية والإنسانية، ومؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان الإنسانية، ومؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للأعمال الخيرية والإنسانية، وهيئة آل مكتوم الخيرية، وجمعية الشارقة الخيرية. دبلوماسية الخير أكد السفير أحمد حجاج أن العمل الخيري والإنساني يمثل ركيزة أساسية من ركائز الدبلوماسية الإماراتية، حيث تتبنى الإمارات دوماً «دبلوماسية المساعدات والأعمال الخيرية»، الأمر الذي ساهم في تعزيز مكانتها الإقليمية والدولية، وأصبحت واحدة من أهم دول العالم حالياً، فضلاً عن المكانة الكبيرة التي تحتلها في قلوب شعوب العالم، لا سيما شعوب الدول الفقيرة والنامية. وخلال الفترة بين عامي (2014 و2021)، تصدرت دولة الإمارات العربية المتحدة قائمة أكبر الدول المانحة للمساعدات الخارجية على مستوى العالم، حيث قدمت في عام 2014 مساعدات خارجية بقيمة 22.64 مليار درهم لتكون أكبر دولة مانحة على مستوى العالم من حيث قيمة المساعدات الإنمائية الرسمية بالنسبة للدخل القومي الإجمالي.وفي عام 2015، حافظت دولة الإمارات على مركزها كإحدى أكبر الدول المانحة للمساعدات الخارجية، حيث قدمت مساعدات خارجية بقيمة إجمالية بلغت 32.34 مليار درهم، وتم توزيعها من خلال 40 جهة مانحة إماراتية في 155 دولة حول العالم. وعملت الإمارات على إيصال جزءاً كبيراً من هذه المساعدات عبر ذراعها الإنسانية والخيرية (الهلال الأحمر الإماراتي)، وقد بلغت قيمة برامجه ومشاريعه التنموية والإنسانية خلال السنوات الخمس الأخيرة ما يقارب 3 مليارات و788 مليوناً و147 ألف درهم. وبلغ إجمالي المساعدات الخارجية التي قدمتها الدولة الإماراتية خلال الخمسين عاماً الماضية 320 مليار درهم، ووصل عدد الدول التي استفادت من المشاريع والبرامج الإنسانية التي قدمتها المؤسسات الإماراتية المانحة منذ تأسيس الدولة في عام 1971 وحتى عام 2014 إلى أكثر من 178 دولة حول العالم. ووصلت قيمة المساعدات الخارجية التي قدمتها دولة الإمارات خلال الفترة بين عامي 2010 و2021 إلى 206 مليارات و34 مليون درهم. مبادرات متميزة شدد محمود فؤاد، نائب المدير العام لجمعية الأورمان الخيرية المصرية، والمدير التنفيذي لمؤسسة شفاء الأورمان، في تصريحات لـ«الاتحاد»، على أهمية تميز وتنوع المبادرات الإماراتية المتعلقة بالعمل الخيري سواء على المستوى المحلي أو الدولي، الأمر الذي ظهر بشكل واضح في تخصيص عام كامل ليكون عاماً للخير في الإمارات، وعاماً آخر للتسامح، وخلال العامين ظهرت العديد من المبادرات الإماراتية لنشر المبادئ الإنسانية والخيرية الرفيعة. وكانت الإمارات قد خصصت عام 2017 ليكون عاماً للخير بهدف تعزيز قيم العمل الخيري ومبادئ التطوع، وخلاله أطلقت المؤسسات الخيرية الإماراتية المئات من المبادرات الإنسانية والخيرية، وشارك فيها الإماراتيين بالتبرعات وساعات العمل التطوعي لخدمة قضايا مجتمعية وخيرية. كما خصصت الإمارات عام 2019 ليكون عاماً للتسامح، وقد شهد إطلاق العديد من المبادرات الإنسانية والخيرية، مثل «سقيا الأمل»، و«حملة الإمارات إلى أطفال ونساء الروهينجا». وأكد نائب المدير العام لجمعية الأورمان الخيرية المصرية أن العمل الخيري أصبح محوراً رئيسياً في السياسة العامة لدولة الإمارات داخلياً وخارجياً، وهو ما عبر عنه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، «حفظه الله» بقوله: «إن العطاء اﻹنساني رسالة محبة للعالم أجمع، ودولة اﻹمارات تعطي بلا حدود أو مقابل، بالحب بناها زايد وبالخير أعلى مكانتها». وأشار فؤاد إلى وجود العديد من المبادرات الخيرية الإماراتية الموجهة إلى مصر، موضحاً أن جمعية الأورمان تتلقى تبرعات مستمرة من مواطنين إماراتيين، فضلاً عن تبرع سنوي من السفارة الإماراتية في القاهرة، وهناك تعاون بين الجمعية و«الهلال الأحمر» الإماراتي في مجالات كفالة الأيتام، والمساعدات الإنسانية، وإدخال المياه النظيفة لمنازل المحتاجين، وحفر الآبار في المناطق النائية، إلى جانب ماراثون زايد الخيري الذي أُقيم مرتين لصالح مؤسسة شفاء الأورمان.
مشاركة :