يموت الإنسان وينقطع عمله في الحياة انقطاعاً كلياً، لكن هناك أناسٌ تعود لهم الحياة بعد مماتهم، ويعيشون حياة أخرى، حياة معنوية، يشعر بها الآخرون، حياة سببها ما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقةٍ جارية، أو علمٍ يُنتفع به، أو ولد صالح يدعو له). للأسف هناك كُتَّاب وروائيون وشعراء يكتبون في موضوعات منافية للدين وتقاليد المجتمع يشعرون حينها بنشوة الشهرة السلبية لكنهم لا يعلمون أن ما كتبوا شاهدٌ عليهم يوم القيامة. أقلامهم وأفكارهم سوف تتخلى عنهم حين تحاسبهم ضمائرهم. العلم النافع واضح وضوح الشمس في كبد السماء أليس هو يحدث للإنسان في دينه ودنياه؛ لأن بالعلم صلاح الدين والدنيا معًا. هناك علماء خلدهم التاريخ ويذكرهم الناس علماء أضافوا للإنسانية العلم والدواء والغذاء، أسماؤهم منقوشة على جدار الذكريات ومن يستطيع أن يُزيلها. طريق الولد الصالح طريق معروف ويسلكه أصحاب الألباب من الناس. الولد الصالح كنزٌ يتركه المسلم من بعده، فهو نافع لأبويه في حياتهما وبعد موتهما؛ أصلحوا أنفسكم أيها الآباء والأمهات يصلح أبناؤكم. مشاهدات كثيرة في المجتمع من آباء وأمهات غير صالحين في دينهم ودنياهم فماذا ينتظرون من أبنائهم وبناتهم. هل يزرعون الشعير وينتظرون حصاداً للقمح. هل تنتظر من أبنائك الدعاء من القلب إذا لم يكونوا أبناء صالحين، أصلحوا أنفسكم يصلح أبناؤكم. ليس هناك في الحياة أغلى وأعز من سمعة الإنسان ومن جميع النواحي، فسمعة الإنسان هي الصِّيت ما يسمع عن شخص من ذِكر حسن أو سيّئ، تقويم عام لما يتمتّع به الشخص من إيجابيّات أو سلبيات. إذا تشوهت سمعة الإنسان تشوهت حياته لكن الإنسان ذا الصيت الحسن لا يمكن أن يشوه مثل الذهب الأصلي الذي لا يتأثر بالهواء أو الحرارة أو الرطوبة. السمعة الطيبة هي خيار الإنسان الوحيد في هذه الدنيا فحافظ عليها فكيف هي بعد مماتك. والكلمة الطيبة مغْنم ومصباح يضيء طريق الإنسان قال الله تعالى: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ، وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ}. الإنسان في تفاصيل حياته وولوج الليل بالنهار، والنهار بالليل إنما هو يكتب سجل حياته والكل يسعى أن يكون سجل حياته سجلّاً أبيضَ خالياً من الهفوات ومن يستطيع ذلك يرفع الراية البيضاء ليس استسلاماً بل نجاحاً في الحياة. الإنسان يترك وراءه الذِّكْر الحسن والكلمة الطيبة التي يرددها من يعرفه وربما تناقلتها ألسن الآخرين. الذكر الحسن حياة أخرى، حياة معنوية يسعد لها من يعرف صاحب الذكر الطيب، تلفت من حولك واسمع ما يقال عن الأموات (اذكروا محاسن موتاكم). الولد الصالح والتربية الحسنة يفيدان الوالد والوالدة بعد مماتهما فهما بمنزلة شجرة طيبة، شجرة مُعمرة. يا من هو مُولع بنشر الإشاعات وتعكير صفو الحياة هل تعلم متى تموت وتترك ذكراً سيئاً بعد مماتك، التاريخ يذكر أسماء كثيرة خلدها في سجله، أسماء تركت وراءها علماً نافعاً إلى يومنا هذا ما الذي يمنعك أنْ تكون كذلك لكن في محيط حياتك. وازرع القمح لتحصد القمح لا الشعير.
مشاركة :