2015.. عام اللاجئين والمهاجرين السوريين

  • 1/2/2016
  • 00:00
  • 20
  • 0
  • 0
news-picture

أغلق العام 2015 أبوابه. لكنه لن يغلق ذاكرته باعتباره أكثر الأعوام التي شهدت حركة لجوء وهجرة في العالم منذ الحرب العالمية الثانية، حسب تقديرات الأمم المتحدة، الأمر الذي يستتبع حقيقة أخرى، تؤكد أنه أكثر أعوام العالم مأساوية منذ تلك الذكرى الأليمة، التي تركت في العالم معاناة، ما زالت بعض آثارها قائمة في واقع العالم. ورغم أنه لا إحصاءات دقيقة حول لاجئي ومهجري العام 2015 عبر العالم، فإن التقديرات تشير إلى أنهم ملايين كثيرة، خرج أغلبهم نتيجة معاناتهم وظروف بلدانهم الموزعة بين قارات، أبرزها آسيا، التي دفعت بلدان منها سوريا والعراق وإيران وأفغانستان بأبنائها لسلوك دروب الهجرة واللجوء، كما فعلت بلدان أفريقية مثل مصر وليبيا، إضافة إلى الصومال والحبشة وإريتريا، فيما زحف في إطار موجة الهجرة بعض سكان بلدان شرق أوروبا إلى البلدان الأكثر تطورًا في أوروبا، والتي شكلت هدفًا هو الأهم في حركة اللجوء والهجرة الدولية. الأهم في حركة اللاجئين والمهاجرين، كانت حركة السوريين الذين انقسمت حركتهم إلى مستويين مختلفين؛ أولهما حركة جرت في الداخل السوري، تنقل فيها ملايين منهم بين المدن والقرى والمحافظات، طبقًا لتطورات الصراع المسلح، والتهديدات التي أحاطت بهم، فتنقلوا في كل الاتجاهات، فذهب سكان من الجنوب إلى مناطق الشمال والغرب، ونزح سكان من الشمال إلى الغرب في إطار حركة هجرة داخلية، أعادت رسم الديموغرافيا السورية من جديد. أما الحركة الثانية للسوريين، فكانت نحو الخارج، وبخاصة إلى بلدان الجوار، التي استوعبت منها تركيا ولبنان والأردن والعراق نحو أربعة ملايين سوري، فيما استوعبت الدول الأبعد منها مثل الإمارات العربية المتحدة والسعودية ومصر والسودان، أكثر من مليون ونصف مليون سوري، ومن هذه البلدان، وخاصة تركيا، انطلقت موجات الهجرة السورية، التي اختلطت مع مهاجرين آخرين نحو بلدان أوروبا الغربية والشمالية، التي تفيد التقديرات بأن عدد المهاجرين واللاجئين إليها عام 2015 بلغ قرابة مليون نسمة نحو ستين في المائة منهم سوريون. مسيرة اللاجئين والمهاجرين السوريين ربما كانت الأصعب سواء في حركتهم داخل سوريا أو في محيطها وصولاً إلى بلدان الغرب الأوروبي، والأبرز فيها التهديدات الأمنية وحالات حصار الجوع والمرض، وفقدان فرص الحياة والعمل، وهي تهديدات ما زالت ماثلة في الداخل السوري بسبب سياسات وممارسات نظام الأسد وحلفائه من إيران إلى روسيا والميليشيات بما فيها من قتل واعتقال وتدمير وتهجير، والتي انضمت إلى ممارساتها جماعات التطرف والإرهاب ومنها «داعش» و«النصرة»، وعصابات أخرى، دون أن يستثنى من تلك الممارسات تنظيمات محسوبة على المعارضة المسلحة. ورغم أن التهديدات الأمنية للمهاجرين واللاجئين، خفت في بلدان اللجوء المحيطة باستثناء لبنان لاعتبارات تتعلق بدخول حزب الله وجماعات أخرى على خط الصراع السوري، ووقوفهم إلى جانب نظام الأسد، فإن بقية التهديدات المتصلة بشروط الحياة وصعوباتها، ظلت ماثلة للأغلبية، حيث لا سكن يقي من حر الصيف ولا من برد الشتاء، ولا غذاء يكفي ولا صحة، ولا يوجد تعليم، ولا فرص عمل تكفي ذل الحاجة، والأمر في هذا ليس نتيجة ضعف اقتصاد تلك البلدان وفقرها، وسيطرة الهواجس الأمنية والسياسية فحسب، إنما بسبب تقصير الدول المانحة ومنظمات الإغاثة الدولية في توفير ما يحتاجه اللاجئون والمهاجرون. ووسط تلك الحالة من المعاناة، التي تسببت بموت كثيرين، وفرضت يأسًا متزايدا في أوساط الأكثرية، اندفعت موجات الهجرة اللاشرعية من تركيا وليبيا وبلدان أخرى باتجاه بلدان أوروبا، التي سرعان ما تحركت للحد من الهجرة في ضوء تداعيات متعددة، تداخلت فيها عوامل سياسية وأمنية واقتصادية واجتماعية وثقافية، وكان الأبرز في تحركها ثلاث خطوات؛ أولاها العمل على استيعاب الواصلين إليها بعد التدقيق في أوضاعهم، والثانية السعي للتفاهم مع الدول المحيطة بسوريا، سواء لتحسين أوضاع اللاجئين فيها، أو لاستقبال أعداد منهم بصورة نظامية، والثالثة تحرك سياسي بدأ في فيينا مؤخرًا من أجل الوصول إلى حل للقضية السورية عبر إحياء مسار الحل السياسي الذي توقف بعد جنيف2 في بداية العام 2014. غير أن الخطوات الثلاث، وما تم فيها من إجراءات، تبدو عاجزة عن معالجة قضية اللاجئين والمهاجرين السوريين بصورة جدية، فاستيعاب الواصلين إلى أوروبا، وإن تم، فإنه لن يغلق الباب أمام قادمين جدد، والضغط على دول الجوار، وعقد اتفاقات معها، لن يوقف تدفق اللاجئين إليها ومنها، ولن يحسن بصورة جوهرية أوضاعهم الكارثية، حتى لو تم استقبال بعض اللاجئين في الدول الغربية، فأعداد هؤلاء ستظل محدودة، ومسار الحل السياسي الذي أطلقته اجتماعات فيينا، وأكده قرار مجلس الأمن الدولي 2254 حول الحل في سوريا، لن ينتج حلاً قريبًا وحقيقيًا للقضية السورية، خاصة في ظل الاشتراطات الروسية – الإيرانية، التي تصر على بقاء النظام ورئيسه، مما يعني استمرار سياسة القتل والتدمير والتهجير، والتي لا شك أن جماعات التطرف والإرهاب تساعد في استمرارها، مما يعني الحاجة إلى حل جذري في سوريا، يؤدي إلى تغيير النظام وذهاب رئيسه وبطانته عبر مرحلة انتقالية تتولاها هيئة حاكمة، تقود البلاد نحو نظام جديد، وما لم يتم ذلك، فإن قضية اللاجئين والمهاجرين مستمرة، وقد يكون العام 2016 أسوأ بكثير من سابقه الذي مضى.

مشاركة :