«صفر كوفيد».. الأسباب الحقيقة وراء سياسة الصين الصارمة

  • 9/6/2022
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

يواجه 313 مليون مواطن صيني في أكثر 70 مدينة عمليات إغلاق جزئية أو كاملة بسبب استمرار البلاد في تطبيق سياسة «صفر كوفيد» لمكافحة أي انتشار محدود لفيروس كورونا المستجد، بحسب شبكة «سي إن إن». من تشنغدو إلى القوة الاقتصادية الجنوبية في شنتشن إلى مدينة داتشينغ المنتجة للنفط بالقرب من روسيا، فرضت السلطات إغلاقات وقيود صارمة بسبب تسجيل عدد محدود من الإصابات منذ 20 أغسطس. وقالت سلطات تشنغدو، الأحد، إنها ستستمر في إصدار أوامر البقاء في المنزل والاختبار الشامل اليومي الذي بدأ الجمعة ويستمر لمدة ثلاثة أيام أخرى على الأقل، حيث ظل الوضع «خطيرا ومعقدا». ولم تذكر سلطات المدينة ما إذا كان الإغلاق سينتهي بعد ذلك. وتأتي هذه القيود الصارمة التي تعطل الحياة والأعمال التجارية متناقضة بشكل صارخ مع العودة إلى الحياة الطبيعية في معظم أنحاء العالم، حيث تعايشت المجتمعات في الغالب مع الفيروس التاجي. لكن الصين تصر على أن سياسة «صفر كوفيد» تنقذ الأرواح. وأشار مسؤولو الصحة إلى معدل التطعيم المنخفض نسبيا للمسنين وعدم كفاية الرعاية الصحية الريفية كعقبات أمام تخفيف القيود، لكن خبراء الصحة العامة الصينيين يقولون إن العوامل السياسية لعبت دورا كبيرا أيضا. ومن المقرر أن يعقد الحزب الشيوعي الحاكم مؤتمرا هاما يوم 16 أكتوبر، حيث يتوقع أن يفوز الزعيم الصيني، شي جينبينغ، بولاية ثالثة في سدة حكم البلاد تستمر لخمس سنوات. ومن المفترض أن تكون هذه القضية المصممة بدقة عالية أن تكون لحظة احتفال وتأكيد على إنجازات الحزب الشيوعي الصيني - وشي شخصيا خلال 10 سنوات في السلطة. ويقول الخبراء إن تفشي المرض بشكل حاد يهدد بتقويض تلك الصورة المظفرة للحزب الصيني الحاكم. وقال يانتشونغ هوانغ، الزميل البارز للصحة العالمية في مجلس العلاقات الخارجية، «يريد الحزب التأكد من أن أي تفشي كبير يمكن أن يهدد الاستقرار الاجتماعي ويظلل عملية انتقال القيادة - ناهيك عن تشويه مصداقية القيادة الشخصية في شي». واستخدم الحزب الشيوعي الحاكم استراتيجية صفر كوفيد للقول إن نموذجه السياسي يتفوق على الديمقراطيات الغربية، وألقى الزعيم شي بثقله وراء هذه السياسة. وتُطبق هذه السياسة من خلال فرض عدة إغلاقات عامة عند رصد إصابات بكوفيد-19 وإجراء فحوصات شبه إلزامية كل 72 أو 48 أو حتى 24 ساعة، بالإضافة إلى فرض حجر صحي وإغلاق مفاجئ لمصانع وشركات. وسجلت شينغدو، وهي إحدى أكبر المدن في الصين، 157 إصابة جديدة بكوفيد-19، الخميس. وأمرت السلطات بإجراء فحوصات على الـ20 مليون نسمة تقريبا من أجل احتواء تفشي الفيروس. «مجرد أمنيات» وتواجه الصين منذ أسابيع انتشارا وبائيا محدودا من ناحية عدد الإصابات، لكنها تطال عددا كبيرا من الأقاليم الصينية. وفي مدينة شينزين الجنوبية المحاذية لهونغ كونغ، أعلنت السلطات الخميس فرض قيود ليلية جديدة في حي نانشان الذي تقع فيه مقرات العديد من الشركات المحلية الضخمة للتكنولوجيا مثل «تينسينت» (Tencent) لألعاب الفيديو و»زد تي إي» (ZTE) للاتصالات. وأمرت السلطات المحلية خلال عطلة نهاية الأسبوع معظم سكان المدينة البالغ عددهم 18 مليون نسمة بالبقاء في منازلهم، وأجلت بدء العام الدراسي وأغلقت معظم وسائل النقل العام بعد اكتشاف حوالي 400 حالة في الأسبوع الماضي. في داتشينغ، المدينة التي يبلغ عدد سكانها ما يقرب من ثلاثة ملايين شخص في شمال شرق الصين والتي تم إغلاقها لمدة أسبوعين تقريبا، وعد المسؤولون المحليون بالتحقيق في تقارير تداولت عبر وسائل التواصل الاجتماعي على نطاق واسع عن امرأة حامل أجهضت بعد حرمانها من الرعاية الطبية بسبب قيود كوفيد، بحسب صحيفة «نيويورك تايمز». وتقول الصحيفة الأميركية إنه حتى الحكومة يبدو أنها اعترفت ضمنيا بأن صبر الناس آخذ في النفاد على سياسات الإغلاق الصارمة. ففي العديد من المدن التي تم إغلاقها مؤخرا، بذل المسؤولون جهودا كبيرة لعدم تسمية هذه الإجراءات بالإغلاق. في شينزين ، وصف المسؤولون المحليون متطلبات عطلة نهاية الأسبوع على أنها اختبار شامل - ثم أضافوا أنه يجب على السكان العودة إلى منازلهم على الفور بعد ذلك. وجاء في إعلان تشنغدو أن السكان «سيبقون في منازلهم من حيث المبدأ». وفي مدينة ووهان بوسط البلاد، المركز الأصلي للوباء الذي فرض أول إغلاق في العالم لفيروس كوفيد عام 2019، نظم سكان مجتمع بانلونغتشينغ السكني احتجاجا خلال عطلة نهاية الأسبوع، مطالبين السلطات برفع الإغلاق الذي استمر لمدة أسبوع، وفقا لتصوير على مواقع التواصل الاجتماعي. وفي حين أن جزءا متزايدا من الشعب الصيني كان داعما في البداية لنهج عدم التسامح مع الوباء مطلقا، فقد أصبح محبطا بشكل متزايد من القيود التي لا تنتهي على حياتهم اليومية، فضلا عن الضربة المدمرة للاقتصاد. ومع ذلك، قال هوانغ من مجلس العلاقات الخارجية في حديثه مع شبكة «سي إن إن» الإخبارية إن السخط الاجتماعي لا يزال تحت سيطرة الدولة. وتابع: «لم يصل الأمر إلى نقطة تحول بعد. لا يزال غالبية الناس متأثرين برواية الحكومة حول ضرورة عدم وجود كوفيد»، مستشهدا بالمخاوف الراسخة تجاه الفيروس وآثاره الصحية على المدى الطويل. وقال هوانغ إن المؤتمر العشرين للحزب قد يفتح «نافذة سياسية لتحول محتمل في السياسة» بعيدا عن «صفر كوفيد»، لكن من المرجح أن يأتي أي تغيير بنهج تدريجي. وأشار إلى أن «التوقعات بحدوث تحول كبير في السياسة بعد المؤتمر يمكن أن تكون مجرد أمنيات».

مشاركة :