على هامش سيرة حدث (3-1)

  • 9/7/2022
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

لم يكن اللقاء مؤتمرًا صحفيًا عاديًا أو ندوة تنتهي بتوصيات ولا تنتهي بقرارات، لكنه اجتماع موسع على هامش سيرة حدث بين وزير الخارجية الدكتور عبداللطيف الزياني، وصناع الرأي في مملكة البحرين، كان الاجتماع موسعًا للحدود التي تكفي وتفيض، وللمستوى الذي يليق وأكثر، فعلى الرغم من الدبلوماسية الفائقة في الاستقبال وحفاوته، ورغم ما كان يكتنف اللقاء من أسئلة حيرت الكثيرين منا، إلا أن الحوار الذي لم يكن حوارًا مع الوزير كان نقاشًا مفتوحًا على الجانبين، والأسئلة التي لم تكن أسئلة على المحك، كانت استفسارًا مطولاً عما تريد أن تبعث به الخارجية البحرينية للرأي العام. كان الاجتماع أشبه ببانوراما دبلوماسية يوضح فيها أعلى ما يعتلي هرمها الرصين السياسة الخارجية لمملكة البحرين، خلال ثلاث جولات مكوكية لحضرة صاحب الجلالة الملك المعظم: الأولى: مشاركة جلالته في مؤتمر القمة الخليجية العربية الأمريكية بمدينة جدة. الثانية: مشاركة جلالته في اللقاء التشاوري الأخوي بمدينة العلمين بالساحل الشمالي المصري والتي دعا إليها الرئيس السيسي إلى جانب الملك المعظم كل من رئيس دولة الإمارات العربية الشقيقة وملك الأردن ورئيس الوزراء العراقي. الثالثة: القمة البحرينية الفرنسية التي انعقدت بين جلالة الملك حمد والرئيس الفرنسي ماكرون. الدكتور الزياني كان حريصًا على إلقاء الضوء بكثافة على المشاركات الثلاث، وعلى تلك الجولات التي شهدت تحركًا محوريًا يعتبر هو الأول منذ عشرات السنين بين «العرب المعتدلين» والرئيس الأمريكي في جدة، ثم بين الأشقاء المؤثرين في العلمين، ثم بين جلالته حفظه الله والرئيس الفرنسي، لكن لماذا هذه الجولات المكوكية، أو هذه المشاركات المؤثرة؟ لماذا في هذا الوقت بالذات وتحت أي اعتبار سياسي تنتفض زوايا الأمة وتدخل مرحلة المشاورات الجماعية، وليس الانفراد «القُطري» بتحرك يتيم يتم من هنا وآخر أكثر يُتمًا من هناك؟ حضرة صاحب الجلالة الملك كعهدنا به، وكعهده مع أمته يدرك تمامًا أن استقرار بلاده من استقرار المنطقة، وأن ازدهار أمته من ازدهار بلاده والعكس هو الصحيح. كثيرة هي المحاولات التي فشلت أو نجحت في رأب الأصداع بين أبناء الوطن الواحد، وخطيرة هي التحديات التي وضعت بلادنا في تلك البوتقة المحتقنة من العالم لتضعنا على الدوام فوق صفيح ساخن، لكن يقظة قادتنا كانت فوق كل اعتبار، فلا نجاة إلا بالجميع، ولا وصول إلا مع الجميع، سياسة البحرين الخارجية التي أتلمس دائمًا معطياتها، وأرى من خلال تحركات مسؤوليها منذ حقبة القطب الواحد، حتى حقبة الأقطاب المتعددة، ومنذ المشروع العربي الآفل، إلا المشاريع الإقليمية المحدقة، أراها سياسة متوازنة، تقوم على عدم التدخل في شئون الغير، وعلى احترام سيادة الدول، منع تهديد الدول والشعوب من كائن من كان لكائن من كان، رفض العدوان، نبذ الاحتلال، وتنظيف المنطقة من أسلحة الدمار الشامل، وحل الدولتين بين فلسطين وإسرائيل. هذه ثوابت بحرينية خارجية أراد وزير الخارجية التأكيد عليها في حوار تجاوز الساعتين ونصف الساعة، وفي كلمات في غاية الدقة وهو يتحدث خارج السياقات كلها عن علاقة مطلوبة بين الصحافة والوزارة، أو بين أجهزة الإعلام وصناع القرار السياسي في بلادنا. فاقد الشيء لا يعطيه ومعضلة العلاقة غير المفهومة بين الصحفيين والمسؤولين كان لا يجب لها أن تغطي على استجلاء الأفق الإقليمي بكل مهاتراته وسحبه الداكنة، وتوضح ما يمكن توضيحه من خُطى جليلة لصاحب الجلالة، ومن جولات في غاية الأهمية والمصيرية وضمان السلامة. إن مملكة البحرين شاء من شاء وأبى من أبى ستظل مملكة للتعايش والتسامح، أطر مؤسسية تقوم على خدمة المفهوم، وعلى صيانة المبدأ، وعلى الإيمان بطبيعة المجتمع، كيانات مجتمعية حاكمة ومحكومة بالثوابت الوطنية المختلطة بالظروف والمناخات والمتغيرات العالمية، إلى جانب كونها ظرف محلي خالص يعيشه شعب واحد في وطن واحد بسياسة خارجية شعرت بكثير من الأمل والتفاؤل بأننا قريبين إلى القلب منها، بدلاً من أن نكون على الهامش فيها. يتبع..

مشاركة :