فيليب لام: حان الوقت لسنّ قانون يمنع إضاعة الوقت بجوار الراية الركنية

  • 9/8/2022
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

ينتقد فيليب لام، مدافع بايرن ميونيخ ومنتخب ألمانيا السابق، في هذه المقالة، إضاعة لاعبات منتخب إنجلترا للسيدات الوقت عند الراية الركنية في المباراة النهائية لكأس الأمم الأوروبية للسيدات أمام المنتخب الألماني، ويطالب بسنّ قانون يمنع إضاعة الوقت بجوار الراية الركنية، على غرار القانون الذي صدر عام 1992 بمنع حارس المرمى من الإمساك بالكرة التي تعود إليه من أحد زملائه في الملعب تجنباً لإضاعة الوقت: كنت أشاهد مباريات قديمة على موقع «يوتيوب» منذ فترة، وكان أحد المهاجمين يقف أمام حارس مرمى الفريق المنافس ويلوح بذراعيه. وكان حارس المرمى قد تسلم تمريرة بهدوء من أحد زملائه في منتصف الملعب ثم احتفظ بالكرة لمدة 20 ثانية. أعلم بالطبع أن هذا كان مسموحاً به في الماضي، لكنني في البداية شعرت بالغضب، فقد كان المشهد غير مألوف بالمرة. ثم قام حارس المرمى بركل الكرة إلى الأمام، بعد أن أضاع نحو دقيقة. لست في حاجة بالطبع إلى إخباركم بأي من الفريقين كان متقدماً في النتيجة. وكان المهاجم لا يزال يعبّر عن غضبه الشديد، في مشهد يعكس عجزه التام عن القيام بأي شيء لتغيير هذا الوضع. وتحتفل كرة القدم هذا العام بالذكرى السنوية الثلاثين لتغيير قاعدة التمرير للخلف بحيث لا يُسمح لحارس المرمى بأن يمسك بيديه الكرة العائدة له من أحد زملائه في الفريق. وفي نهائيات كأس العالم 1990 وكأس الأمم الأوروبية 1992، كان لا يزال يُسمح لحارس المرمى بالإمساك بالكرة العائدة له من أحد زملائه والاحتفاظ بها لأي وقت حسب رغبته. لكن صدر قانون في عام 1992 يمنع هذا الأمر. في الحقيقة، يعد قانون التمرير للخلف مثالاً على كيفية وضع القواعد التي تؤثر بشكل إيجابي على الجميع. لقد جعل القانون الجديد اللعبة أسرع وأكثر إثارة ومتعة وهجوماً، ولا يزال تأثيره على اللعبة واضحاً للغاية حتى يومنا هذا. ولم يكن عدد الأهداف المسجلة في أي بطولة لكأس العالم بعد ذلك أقل من عدد الأهداف التي سجلت في نهائيات كأس العالم 1990، حيث ارتفع معدل الأهداف منذ ذلك الحين، وارتفع معدل تسجيل الأهداف في كل من بطولتي كأس العالم الماضيتين بما يقرب من نصف هدف في كل مباراة في المتوسط. وساهم هذا القانون أيضاً في إعادة تحديد مهام ومسؤوليات حارس المرمى ودمجه بشكل أكبر في اللعبة. وكان قانون التمرير للخلف مهماً أيضاً؛ لأنه سلّط الضوء على عنصر أساسي في كرة القدم، ألا وهو موهبة اللاعبين. فعندما كان أي فريق يتقدم في النتيجة بهدف دون رد كان يعمل على الفور على إبطاء وتيرة اللعب، لكن منذ تغيير هذا القانون بدأت الفرق تعمل على حل هذا الأمر بشكل مختلف من خلال العمل على تأمين تقدمها في النتيجة. واليوم، تسعى أفضل الفرق للاستحواذ على الكرة والتغلب على المواقف الصعبة من خلال العمل الجماعي وشنّ هجمات جديدة على مرمى الفرق المنافسة. وقدمت إسبانيا هذا بشكل جيد خلال بطولة كأس الأمم الأوروبية للسيدات هذا الصيف، حيث قدمت كرة قدم ممتعة وجميلة. ويتعين على الجميع الآن التنافس على الاستحواذ على الكرة، بما في ذلك حارس المرمى. لذا؛ فقد ساهم القانون الجديد أيضاً في تحسين السلوك الرياضي؛ لأنه من المهم للغاية الاهتمام بكيفية تعاملنا مع بعضنا بعضاً، والكيفية التي نلعب بها مع بعضنا بعضاً. يؤثر الاحتراف والتسويق على اللعبة وعلى عقلية اللاعبين. وكلما زادت الأموال، زاد الاهتمام وزادت أهمية الحدث وأصبح الفوز يحظى بأهمية أكبر من الوسائل التي يتم من خلالها تحقيق ذلك الفوز. وعندما تكون المخاطر كبيرة، فإن البشر يستغلون أي مساحات أو ثغرات في القوانين والقواعد. لكن القواعد الجيدة هي التي تتغلب على هذا الأمر، وتُغير السلوك نحو الاتجاه المطلوب، وتُشكل الأشخاص، وتضع مصلحة الجميع في المقدمة. ويحدث هذا النوع من التعليم طوال الوقت، سواء في كرة القدم، أو في المجتمع ككل. ويتحمل المسؤولون دائماً مهمة تغيير القواعد والقوانين لتتماشى مع المستجدات، والتحقق منها حتى لا يتعارض السلوك المهني والاجتماعي مع بعضهما بعضاً كثيراً. ويمكن أن تجد كرة القدم النسائية نفسها الآن في وضع مشابه لما كان عليه الأمر عام 1992. ففي المباراة النهائية لكأس الأمم الأوروبية للسيدات على ملعب ويمبلي، دافعت إنجلترا عن فوزها بهدفين مقابل هدف وحيد ضد ألمانيا عن طريق إضاعة الوقت عند الراية الركنية، حيث احتجزت الكرة عملياً لمدة 10 دقائق تقريباً. من المؤكد أن المنتخب الإنجليزي كان يستحق تماماً الفوز بلقب البطولة، حيث سجل 22 هدفاً في ست مباريات، لكن ما فعله أمام ألمانيا كان مضيعة للوقت، وهو الأمر الذي أثار غضب العديد من المشجعين. لكن يجب أن يعلم المشجعون أن لاعبات المنتخب الإنجليزي كن يواجهن الكثير من الضغوط بسبب إقامة البطولة في وطنهن. فبعد أكثر من نصف قرن من الزمان أتيحت لهن الفرصة للفوز بلقب آخر لدولة استثمرت بكثافة في هذه الرياضة على مدار العقد الماضي. الاستثمار في كرة القدم النسائية مطلوب، والاستثمار في كرة القدم النسائية منطقي، والانتصارات تبرر الاستثمار. وبناءً على ذلك، رأت اللاعبات أن إضاعة الوقت بجوار الراية الركنية هو أمر احترافي. إنني أعرف من خلال تجربتي الخاصة في نهائي كأس العالم في ريو دي جانيرو في عام 2014 أن الدقائق بين هدف الفوز ونهاية المباراة هي الأطول في حياة أي لاعب. والآن تبدأ اللعبة من جديد. ويتعين على المسؤولين الذين يضعون القواعد والقوانين أن يكونوا منتبهين دائماً. ويمكنهم أن يسألوا أنفسهم عن الطريقة التي يمكن من خلالها تحديد الوقت الذي يُسمح فيه للفرق باللعب بجوار الراية الركنية. ويتعين عليهم أن يقرروا متى يتم قبول ذلك باعتباره أداة تكتيكية ومتى سيؤدي ذلك إلى إهدار الوقت وإغضاب المشجعين. كما يعتمد ذلك أيضاً على كيفية تصرف اللاعبين على أرض الملعب، وما إذا كانوا يشعرون بأن ما يحدث هو ظلم لهم. وفي المباراة النهائية على ملعب ويمبلي، لاحظت أن لاعبات المنتخب الألماني اشتكين من لاعبات إنجلترا عن طريق بعض الإشارات والإيماءات. وعلى غرار المهاجمين الذين كانوا يلوّحون بأذرعهم في السابق وهم يطالبون حارس المرمى بأن «يطلق سراح الكرة»، كانت لاعبات المنتخب الألماني يشعرن بالعجز أمام إهدار لاعبات المنتخب الإنجليزي للوقت. لقد طالب اللاعبون آنذاك بسنّ قوانين جديدة للحد من هذه الظاهرة، وكان لهم دور كبير في تطبيق قاعدة منع حارس المرمى من الإمساك بالكرة التي تعود إليه من أحد زملائه في الملعب، فهل نفكر هذه المرة في قاعدة تمنع إضاعة الوقت بجوار الراية الركنية؟

مشاركة :