ماجد الجريوي MajedAljuraywi@ «التحلية في الفضاء».. شعار جاذب يفتح أفقا للتفكير خارج الصندوق. هكذا وجدتني أتأمل مؤتمر مستقبل التحلية الذي تنظمه المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة الذي يطرق أبواب «غير المعتاد» في صناعة شديدة الارتباط بحياة الإنسان. الفضاء المقصود يتسع هنا ليشمل أبعادا قصيّة في الاكتشاف والبحث وارتياد عوالم أخرى، عوالم تتضمن تفاصيل الممكن، وربما غير الممكن بالحسابات التقليدية، في مستقبل هذه الصناعة، فالأمر هنا ليس عنوانا عريضا لصناعة التحلية التي ظلت المملكة رائدة فيها بكل أوجهها، لكنه سعي للغوص في تفاصيل تتسق مع قضايا البشر المستجدة، كانبعاثات الكربون التي تؤرق مضاجع العالم وتأخذ الكثير من اهتماماته الحديثة. صحيح أن صناعة التحلية قد لا تتسبب بقدر عالٍ من الانبعاثات الكربونية قياسا بنشاطات صناعية أخرى، بل وربما كان بالإمكان التغاضي عن أي انبعاثات ناتجة عن هذه الصناعة باعتبار مردود التحلية الإيجابي العالي والمؤثر بشكل مباشر على حياة الإنسان في كوكب الأرض، لكن الاختراق الذي يحدثه المؤتمر يتمثل في الاتجاه صوب تخفيض جدي في تلك الانبعاثات الكربونية الناتجة عن التحلية، والسعي لتقليصها بنسبة جريئة تصل إلى 51 %. هكذا تتناغم هذه الصناعة من خلال المؤتمر مع العالم لكي تصبح جزءا من عمل دولي حثيث ومتسارع لإنقاذ كوكبنا من الآثار السالبة للصناعات على البيئة والمناخ وأنماط الحياة. وشركاء الصناعة في مجال تحلية المياه، من خبرات دولية وإقليمية ومحلية عالية المهارة، والذين سيلتئم شملهم بالرياض في مؤتمر مستقبل التحلية، سيسلطون كواشفهم الضوئية نحو هذا العالم المتسارع في نموه، ويقدمون رؤاهم لما يمكن أن ترتاده صناعة التحلية من حقول وطرق من أجل أن تسبق هذه الصناعة التطلعات العادية.. لتكون في مقدمة ما تنتجه العقول البشرية في المجال الصناعي بمختلف تخصصاته وتوجهاته. وإذا كان ملف الانبعاثات الكربونية لصناعة تحلية المياه يشكل أحد الاهتمامات في ثنايا مؤتمر مستقبل التحلية، فإن العديد من الملفات الأخرى ستكون محل اهتمام المؤتمر، وجميعها تصب في مجرى الانتقال بصناعة التحلية إلى مراقٍ جديدة تستجيب لضرورات التطوير المستمر، وتلبي متطلبات السعي العالمي لازدهار الحياة البشرية في الكرة الأرضية. وتبقى اللفتة المهمة التي تترافق مع المؤتمر، وهي المزيد من التأكيد على أن بلادنا أصبحت نقطة الجذب الأكثر وضوحا للعالم في الكثير من حراكه.. فاتجه العالم صوبها، طامحا للاستفادة من نجاحاتها المتوالية في كل محفل ترتاده، ومقدرا لخطواتها الواثقة والمستمرة نحو مستقبل يليق بإنسانها ويهتدي برؤية 2030 التي تضع أقدام المملكة على طريق الانتقال الواثق والمدروس نحو مزيد من النماء والازدهار.
مشاركة :