أعلنت وزارة الداخلية السعودية أمس تنفيذ حكم الإعدام تعزيراً في 47 مداناً في قضايا إرهابية، وأن الأحكام نفذت صباح أمس في 12 مدينة بالمملكة، ومن بين المنفذ فيهم القصاص مصري يدعى محمد فتحي عبد العاطي السيد، وتشادي، يدعى مصطفى محمد الطاهر أبكر، ومن بينهم أيضاً فارس الشويل ونمر النمر. وذكرت الوزارة في بيان أوردته وكالة الأنباء السعودية (واس) الاتهامات التي أدين بها المنفذة فيهم الأحكام، وشملت اعتناق المنهج التكفيري المشتمل على عقائد الخوارج المخالف للكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة ونشره بأساليب مضللة والترويج له بوسائل متنوعة. وأوضح البيان أن الاتهامات شملت كذلك الانتماء لتنظيمات إرهابية وتنفيذ مخططاتهم الإجرامية بارتكاب عمليات تفجيرية، منها تفجير مجمع الحمراء السكني، وتفجير مجمع فينيل السكني، وتفجير مجمع أشبيلية السكني شرقي مدينة الرياض عام 2003، واقتحام مجمع الشركة العربية للاستثمارات البترولية أي بي كورب، وشركة بتروليوم سنتر، ومجمع الواحة السكني بمحافظة الخبر بالمنطقة الشرقية عام 2004 باستخدام القنابل اليدوية والأسلحة النارية المختلفة، وقتل وإصابة العديد من المواطنين ورجال الأمن والعديد من المقيمين والتمثيل بجثثهم. كما شملت الاتهامات الشروع في استهداف عدد من المجمعات السكنية في أنحاء المملكة بالتفجير، وفي تسميم المياه العامة، وخطف عدد من المقيمين، وتصنيع المتفجرات وتهريبها إلى المملكة وحيازة أسلحة وقنابل مصنعة محلياً ومستوردة، وحيازة مواد متفجرة ذات قدرة تدميرية عالية وشديدة، وحيازة قذائف وصواريخ متنوعة. وتضمنت قائمة الاتهامات كذلك استهداف مقار الأجهزة الأمنية والعسكرية وسعيهم لضرب الاقتصاد الوطني والإضرار بمكانة المملكة وعلاقاتها ومصالحها مع الدول الشقيقة والصديقة، من خلال اقتحام القنصلية الأمريكية في محافظة جدة في 2004، واستهداف مصفاة بقيق بمحافظة بقيق في 2006، والشروع في استهداف عدد من السفارات والقنصليات الأجنبية، والشروع في تفجير شركة أرامكو وعدد من المنشآت النفطية. كما تضمنت تنفيذ عدد من عمليات السطو المسلح على مصارف ومحال تجارية وجرائم نصب واحتيال نتج عنها جمع أموال بمبالغ ضخمة وتوظيفها داخلياً وخارجياً لغسلها وتمويل الإرهاب والعمليات الإرهابية وتشجيع الأعمال الإرهابية في دولة شقيقة وتأييدها علنا والتحريض عليها مع إثارة الشغب والفوضى والإخلال بالنظام العام وقال اللواء منصور التركي المتحدث باسم الوزارة إن جميع الأحكام تمت داخل السجون، ولم يتم تصويرها وفق الإجراءات النظامية، وأكد أن تنفيذ الأحكام تم في جميع مناطق المملكة ما عدا جازان. وأكد أن جريمة الإرهاب إفسادٌ في الأرض، وأن تطبيق الأحكام الشرعية سيكون مصير مرتكبيها، مؤكداً أن وزارة الداخلية لن تتوانى عن ملاحقة مرتكبي هذه الجرائم. وأكد التركي أن المتهمين لم يتم تصنيفهم حسب التنظيمات التي ينتمون إليها، ولكن طبقا للجرائم، مشيرا إلى دفع تعويضات بلغت قيمتها أكثر من 15 مليون ريال لمن ثبتت براءتهم. جاء ذلك خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده اللواء التركي، والمستشار والمتحدث الرسمي لوزارة العدل الشيخ منصور القفاري، أمس في نادي ضباط قوى الأمن بالرياض. وشدد اللواء التركي على ضرورة الالتزام بالأنظمة المعمول بها في المملكة والتقيد بها، مؤكداً أن رجال الأمن سيكونون بالمرصاد لمن يخالف هذه الأنظمة، محذرًا شباب الوطن من الانسياق وراء من يستخدمهم لزعزعة أمن الوطن واستقراره، ونفى أن يكون من بين المحكوم عليهم قاصر. وأضاف التركي، أن هناك قضايا إرهاب مازالت منظورة أمام القضاء، مشيراً إلى أن أربع عمليات إعدام تمت رمياً بالرصاص، بينما تم تنفيذ باقي الأحكام بالسيف. وقال المتحدث باسم وزارة العدل السعودية الذي شارك في المؤتمر الصحفي، إن أحكام القصاص صدرت عن محكمة متخصصة، في ظل ضمانات الإبداء في دفاعه وتقديم ما يريد تقديمه، ولا يتم الفصل في الحكم إلا بعد استنفاد كل درجات التقاضي، كما طبق في هذه المحكمة المساعدة القضائية، فقد التزمت وزارة العدل بتوكيل محامٍ لمن لم يستطع أن يوكل محامياً. وأضاف أن المحكمة الابتدائية قضت بإعدام 55 متهما، بينما نقضت محكمة الاستئناف أربعة أحكام بالإعدام، مشيراً إلى أن 179 متهماً تنظر المحكمة المختصة في قضاياهم. من جانبه أكد مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ أن تنفيذ الأحكام هو رحمة للعباد ومصلحة لهم وكفاً للشر عنهم ومنع الفوضى في صفوفهم. وأكد أن أحكام الإعدام، استندت على كتاب الله وسنة رسوله، مشيراً إلى أن في ذلك الحرص على الأمة واستقامتها. وقال: ما سمعناه بياناً كافياً شافياً ووافياً، استند على الكتاب والسنة في الحرص على الأمة واستقامتها واستقرارها والدفاع عن أمنها وأموالها وأعراضها وعقولها، ثم ذكر آراء العلماء وإجماعهم على هذه القضية. وشدد المفتي، أن هذا من الضروريات التي جاء الإسلام بها للمحافظة عليها وهي الدين والنفس والعرض والعقل والمال، مؤكداً أن في تنفيذ أحكام الإعدام رحمة للعباد ومصلحة لهم وكفاً للشر عنهم، ومنع الفوضى في صفوفهم. وأضاف أن هذه الأحكام شرعية لا لبس فيها، فهذه حدود الله لا يميز فيها أحد عن أحد، بل هي على الجميع، مؤكداً أن المملكة دولة قائمة على الإسلام والسنة. وأشار إلى أن هؤلاء أقدموا على جرائم عظيمة، القتل وصنع المتفجرات وترويجها والحرص على زعزعة الأمن واستقراره ونشر الذعر بين أفراد المجتمع كما هو الواقع في كثير من الدول الإسلامية، موضحاً أن هذا منكر عظيم وضلال مبين. وشدد المفتي على أن هذا هو الجزاء المحتوم لكل من خالف الشرع. وقال المفتي إن قضاءنا قضاء شرعي لا سلطة لأحد عليه، لا من هيئة عليا ولا من استئناف ولا من هيئة عامة كلها محاكم شرعية تحكم بالعدل ليس لأحد عليها سلطان أبدا، مشيراً إلى أن كل قضية قتل تمر على أكثر من تسع قضاة، كلهم يوقعون عليها استكمالاً للحيثيات وأسباب الدعوة وما يتعلق بذلك. وأضاف: هذه الأحكام الشرعية أحكام عادلة، محذراً من مكائد الشيطان والحاسدين الحاقدين الساعين لزعزعة الأمن والاستقرار وشق وحدة الصف، مشيراً إلى أن قتل نفس واحدة يعاقب عليها كأنه قتل الكل. وأوضح أن من واجب ولاة الأمر حفظ الأمن والاستقرار والدفاع عن الأمة وردع الظالمين وإقامة العدل في الأرض، حاثاً الجميع على التعاون مع ولاة الأمر وشد أزرهم وإعانتهم على تنفيذ أحكام الله. من جهتها أكدت هيئة كبار العلماء السعودية أن تنفيذ الأحكام القضائية -حدًّا وتعزيرًا -الصادرة بحق من ثبتت عليهم شرعًا الجرائم المنسوبة إليهم، هو إنفاذ لما قررته الشريعة، وتحقيق لمقصد من مقاصدها العظيمة، التي جاءت بحفظ نظام الأمة، الذي لا يمكن إلا بسدِّ ثلمات الهرج، والفتن، والعدوان، وأن ذلك لا يكون واقعًا موقعه إلا إذا تولته الشريعة، ونفذته الحكومة. وقالت الهيئة في بيان إنّ القضاة مستقلون لا سلطان عليهم في قضائهم لغير أحكام الشريعة الإسلامية، والأنظمة المرعية، وليس لأحدٍ التدخل في القضاء. وأكدت أن إنفاذ أحكام القضاء بحق هؤلاء هو لحفظ وحماية لأمن بلاد الحرمين الشريفين، واستقرارها، والمحافظة على مكتسبات شعبها. وقال الأمين العام المتحدث الرسمي للمجلس الأعلى للقضاء الشيخ سلمان بن محمد النشوان: شرع الله عز وجل القصاص والقتل تعزيراً لمن يهدد الضروريات الخمس التي جاءت الشريعة الحنيفية بمراعاتها والمحافظة عليها ومنها النفس المعصومة. وبين، أن مع كل ما فعلوه إلا أنهم أخذوا حقهم في الدفاع عن أنفسهم بمحاكمات عادلةٍ معلنة وبحضور أصحاب الشأن وقد تم تمكينهم من توكيل محامين للدفاع عنهم ومن لم يستطع وكلت الدولة عنه محامياً للدفاع عنه فهم أعطوا كل الضمانات القضائية اللازمة. ولفت إلى أن قضاياهم التي استغرق بعضها أكثر من عشر سنوات بجميع مراحل ودرجات التقاضي ابتداءً من القضاء المشترك الثلاثي ثم خمسة قضاة في محكمة الاستئناف ثم خمسة قضاة في المحكمة العليا أي حكم في قضاياهم 13 قاضياً. ومكنوا جميعهم من الاعتراض على الأحكام وفق ما يقضي به النظام. وأضاف أن إقامة وتنفيذ هذه الأحكام سيكون له الأثر الكبير في ردع كل من تسول له نفسه العبث بأمن البلاد أو النيل من أمنها واستقرارها. في أثناء ذلك تحدثت أنباء عن مسيرة محدودة في قرية العوامية مسقط رأس النمر نظمها عشرات الأشخاص احتجاجاً على إعدامه، فيما قال شقيقه محمد النمر أتمنى أن تكون ردات الفعل في الإطار السلمي ولا ينبغي لأحد أن يكون له ردات فعل أو تصرفات غير النهج السلمي، يكفي دماء. (وكالات)
مشاركة :