الآفاق العالمية مع عدم اليقين الاستثنائي «1 من 2»

  • 9/8/2022
  • 23:15
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

كنت أتمنى أن تكون آفاق الاقتصاد العالمي متألقة كسماء بالي وهي في طريقها لاستضافة اجتماعات قمة العشرين المقبلة، لكنها مع الأسف، ليست كذلك. فقد زادت الآفاق قتامة بشكل ملحوظ، وبلغ عدم اليقين ارتفاعا استثنائيا. وباتت مخاطر التطورات المعاكسة التي حذر منها الصندوق من قبل حقيقة واقعة. لقد احتدمت الحرب في أوكرانيا، فارضة ضغوطا إضافية على أسعار السلع الأولية والغذاء. ويتواصل تشديد الأوضاع المالية العالمية بدرجة أكبر مما كان متوقعا من قبل. ولا تزال الانقطاعات المستمرة والاختناقات المتجددة في سلاسل الإمداد العالمية جراء الجائحة، تشكلان عبئا على النشاط الاقتصادي. ونتيجة لذلك، نتوقع أن نزيد من تخفيض توقعاتنا للنمو العالمي في 2022 و2023 في تقريرنا، الذي يصدر أخيرا عن "مستجدات آفاق الاقتصاد العالمي". وإضافة إلى ذلك، فلا تزال مخاطر التطورات المعاكسة باقية ومن الممكن أن تزداد عمقا ـ خاصة إذا استمر التضخم لفترة أطول، ما يتطلب تدخلات أقوى على صعيد السياسات قد تؤثر في النمو وتفاقم التداعيات، ولا سيما في الدول الصاعدة والنامية. وستكون الدول ذات مستويات الدين المرتفعة وحيز المناورة المحدود من خلال السياسات في مواجهة مزيد من الضغوط. وتكفي إشارة التحذير الآتية من سريلانكا. وتمر الدول الصاعدة والنامية بتدفقات رأس مال خارجة مستمرة منذ أربعة أشهر على التوالي. وهي الآن تعاني مخاطر ضياع ثلاثة عقود من جهود اللحاق بالاقتصادات المتقدمة، بل التقهقر إلى مستويات أدنى من ذي قبل. فكيف يمكننا خوض هذه البيئة المشحونة بتحديات استثنائية؟ أرى هنا ثلاث أولويات: أولا، على الدول أن تبذل قصارى جهدها لتخفيض التضخم. فعدم القيام بذلك يمكن أن يعرض التعافي للخطر ويزيد من الضرر الواقع على مستويات معيشة الفئات الضعيفة. والخبر السار هو أن البنوك المركزية تواصل تكثيف الجهود. فالسياسة النقدية تزداد تزامنا فيما بينها، حيث رفع أكثر من ثلاثة أرباع البنوك المركزية أسعار الفائدة بمقدار 3.8 مرة. وتكتسب استقلالية البنوك المركزية أهمية حيوية لنجاح هذه الإجراءات على صعيد السياسة النقدية، وهو ما ينطبق أيضا على الإفصاح الواضح والمنهج القائم على البيانات. ثانيا، على سياسة المالية العامة أن تكون عاملا مساعدا ـ لا معوقا ـ لجهود البنوك المركزية في ترويض التضخم. وتلك مهمة معقدة. فمع تباطؤ النمو، سيحتاج بعض الناس إلى دعم أكثر وليس أقل. وبالتالي، ينبغي لسياسة المالية العامة أن تخفض الدين مع اتخاذ تدابير موجهة لدعم الأسر الضعيفة التي تواجه صدمات متجددة، ولا سيما من جراء ارتفاع أسعار الوقود والغذاء. ثالثا، سيكون من الضروري إعطاء التعاون العالمي زخما جديدا بغية التصدي للأزمات المتعددة التي تواجه العالم. ونحن نحتاج من قيادة مجموعة العشرين خصوصا أن تعالج المخاطر الناجمة عن انعدام الأمن الغذائي وارتفاع الديون. وهنا، أرحب بالتركيز على قضايا الأمن الغذائي أثناء هذه الاجتماعات. فانعدام الأمن الغذائي يعني الجوع لملايين من البشر...يتبع.

مشاركة :